خبر ماذا ستحمل صفقة الأسرى؟ .. علي بدوان

الساعة 06:18 م|04 ديسمبر 2009

بقلم :علي بدوان

تنتظر الساحة الفلسطينية تطوراً إيجابياً جديداً، عله يسهم في تنقية النفوس بين حركتي فتح وحماس وباقي القوى الفلسطينية، وفي توليد مناخات جديدة تدفع في اتجاه إنجاز المصالحة الوطنية الفلسطينية.

فمن المنتظر أن تشهد الفترة القريبة المقبلة، خطوة ملموسة في إطار عملية تبادل بين حركة حماس وإسرائيل، يتم بموجبها إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الذي أسر في يونيو 2006، مقابل نحو ألف أسير من كافة التنظيمات الفلسطينية، من بينهم 400 من ذوي الأحكام المؤبدة، و120 ممن تسميهم سلطات الاحتلال «الملوثة أيديهم» بدماء الإسرائيليين، إضافة إلى 70 أسيراً من الذين كانت إسرائيل تقول إنها لن تطلق سراحهم أبدا.

فقد نشطت حركة الوسيط الألماني ارنست أورلاو، وبمشاركة تامة من قبل الجهات المصرية الأمنية، وعقدت قيادة حركة حماس اجتماعات مكثفة في دمشق شارك فيها عدد من قيادييها في قطاع غزة، حيث أكدت مجددا التمسك بموقفها من إطلاق سراح جميع الأسماء المطروحة في القائمة التي سبق وأن قدمتها عبر القناة الألمانية. وقد وافق الطرف الإسرائيلي على إطلاق سراح 120 مناضلاً فلسطينياً، من الذين صدرت في حقهم أحكام عالية بالمؤبدات في سجون الاحتلال، بعد أن كانت إسرائيل ترفض إطلاق سراح أي منهم.

لكن المشكلة الرئيسية ما زالت تتمثل في الموقف الإسرائيلي الذي يشترط إبعاد 120 أسيرا خارج الأرض المحتلة، وهو ما ترفضه حركة حماس مصرة على عودة جميع الأسرى إلى ذويهم.

كما أن الجهات الأمنية الإسرائيلية ما زالت ترفض حتى مبدأ الإفراج عن بعض الأسماء تحت أي صيغة، حتى ولو بالإبعاد من الأراضي الفلسطينية، ومنهم: إبراهيم حامد، وعبدالله البرغوثي، جمال أبو الهيجاء، حسن سلامة.. وهم من قادة كتائب الشهيد عز الدين القسام في الضفة الغربية.

في هذا السياق، من المتوقع أن تتضمن الصفقة في مرحلتها الأخيرة، تحرير وإطلاق سراح مروان البرغوثي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، وهو ما سينعكس إيجاباً على مسيرة الحوار الفلسطيني وجهود المصالحة بين فتح وحماس، خصوصاً وأن مروان البرغوثي من الشخصيات الفتحاوية التي تحمل صفات كاريزمية تمكنه من لعب دور فعال وإيجابي في جهود المصالحة، فضلاً عن كونه شخصية استقطابية في حركة فتح، ومن دعاة الجمع بين كل أشكال العمل الفلسطيني والمنادين بتعدد الخيارات الوطنية.

كما أن الجديد في صفقة التبادل (إن تمت)، أنها ستتضمن أيضاً تحرير وإطلاق سراح الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات عبد الرسول، وهو أمر سيحمل معه أيضاً انعكاسات سياسية وطنية، وعلى أوضاع الجبهة الشعبية التي فقدت عدداً من رموزها القيادية في السنوات الأخيرة، وعلى رأسهم مؤسسها الراحل جورج حبش وأمينها العام الشهيد أبو على مصطفى.

وفي هذا السياق فإن الجبهة الشعبية ستقبل على الأرجح بخروجه إلى خارج فلسطين، كي يتمكن من القيام بدوره في قيادتها.

وبعد خطوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الهزيلة بإعلانه «التجميد المؤقت للاستيطان، دون القدس والنمو الطبيعي»، تحت تأثير الضغط الدولي ولو المحدود عليه، فإنه معني الآن بإنجاز صفقة التبادل هذه، لتحقيق خطوة داخلية على الصعيد الإسرائيلي بإطلاق سراح الجندي شاليط.

فقد أظهر استطلاع أجري لحساب القناة العاشرة التلفزيونية الإسرائيلية، أن غالبية مطلقة تضم 83% من الإسرائيليين تؤيد إنجاز الصفقة، مقابل معارضة 7% فقط من المستطلعة آراؤهم. كما وافق 56% من الذين شملهم الاستطلاع، على إطلاق سراح فلسطينيين من ذوي الأحكام العالية ضمن الصفقة، بينما عارض ذلك 33%.

لكن نتانياهو يحاول في الوقت نفسه، القيام بمناورات تفاوضية عبر الوسيط الألماني، لتخفيض الثمن المقابل إلى أبعد حد ممكن، وهو ما تدركه حركة حماس تماماً، ولذلك تتمسك بموقفها من إطلاق سراح القائمة التي قدمتها لإتمام صفقة التبادل، بما في ذلك مروان البرغوثي وأحمد سعدات.

إن إنجاز صفقة تبادل الأسرى، إذا تمت، سيشكل خطوة دافعة إلى الأمام في الساحة الفلسطينية، ويوفر فرصة ثمينة لإعادة تدوير عجلة الحوار الوطني الفلسطيني والوصول إلى المصالحة الوطنية المنشودة، بعد أن استطال الانقسام الداخلي المرفوض وبات عبئاً على الشعب الفلسطيني لا يمكنه استمرار تحمله.