خبر خطأ تكتيكي .. معاريف

الساعة 09:16 ص|03 ديسمبر 2009

بقلم: نداف هعتسني

قرار بنيامين نتنياهو تجميد الاستيطان يعتبر خطوة تتناقض ومذهبه ووعوده للناخب. ولكنها بهذه الصفة تعزز بقاءه السياسي. غير أن الصورة معاكسة. عمليا، الفزع من اوباما والذي أدى الى القرار دفعه لان يهمل الحساب السياسي البارد. هو بالذات الذي سبق أن اسقطه اليمين لانه خان التزاماته للناخبين كان ينبغي أن يكون اكثر يقظة لقوة معسكره وان يحفظ الدروس عن ظهر قلب.

كي نفهم ما هو متوقع في أعقاب امر التجميد سنعود 30 سنة الى الوراء، الى الجدار الذي دار داخل دوائر اليمين في ضوء الضغوط السياسية والقيود على الاستيطان. من جهة، وقف مؤيدو المظاهرات والاجراءات الاحتجاجية ومن جهة اخرى وقف معسكر الدونم والعنزة. هؤلاء ادعوا بان الاهم هو الاستيلاء على مزيد من الدونمات وتطوير المزيد من الاحياء ولا ينبغي حقا الصدام. مفهومهم الفكري بقي على قيد الحياة حتى في عهد رابين وباراك حين كان لا يزال مؤيدو الدونم والعنزة ينجحون في اداء مهامهم وتلطيف حدة مواقف اليمين. غير أن مفهومهم تحطم الاسبوع الماضي. فقد سحب امر التجميد الارض من تحت اقدام المعسكرك المعتدل. اليوم، حين لا يمكن اغلاق شرفة في معاليه ادوميم او البناء في قطعة ارض اشتريت في جفعات زئيف، فقد انتهت الجدالات الداخلية. الامر بالتجميد يبشر كل من يسكن خلف الخط الاخضر، حتى في الكتل الاستيطانية، بان حكومة نتنياهو – ليبرمان، اصدرت حكما بالاعدام عليهم وعلى مذهبهم. من الان فصاعدا لا يوجد أي معنى لاملاكهم، لحقوقهم الاساسية بل وحتى لكرامتهم. وهكذا فان نتنياهو، بيغن ويعلون دفعوا معتدلي المعتدلين الى اذرع من يروجون منذ سنوات للاحتجاج الشديد ومحطم الحدود.

كان يمكن أن نلاحظ بوادر رد الفعل القاسي منذ هذا الاسبوع حين وصل مبعوثو زعيم الليكود لتسليم أوامر التجميد. ولكن الحوار في اوساط الزعماء المعتدلين في يهودا والسامرة يبشر بأمر أكبر. فهو يبدو وكأنه أخذ من قاموس الصراع ضد الاتراك وضد البريطانيين، من عهود السور والبرج. واضح للجميع أنه يجب الصراع حيث أن الاعلان الجديد من نتنياهو – في أنه فور نهاية التجميد الحالي سيستأنف البناء – يعتبر بالحد الاقصى مثيرا للشفقة. واضح للجميع انه اذا كان رئيس الوزراء انهار تحت الضغط الامريكي الحالي، فلا أمل في أن يقف في وجه الضغط الذي سيمارس عليه في حينه. وهكذا جسد نتنياهو الان حتى للمعتدلين بان الصراع هو على كل الصندوق. الصراع سيحسم مصير العودة الى اقاليم مولد الشعب اليهودي وسيقرر اذا كانت ستكون هناك حياة يهودية، ولا يترك الساحة السياسية غير مكترثة. احتجاجات بضعة وزراء ومجموعة نواب من الليكود تنطلق منذ الان. ولكن الصدمة الحقيقية تجري في اوساط العديد من اعضاء مؤسسات الليكود الذين يعمل كبار رجالات حكومتهم خلافا لدستور الليكود والبرنامج السياسي الانتخابي. كما أنهم بدأوا يشعرون باحساس تقشعر له الابدان في عودة نتنياهو لان يذكرهم بارئيل شارون. ائتلاف نتنياهو هو الاخر مهزوز. المفدال سيجد صعوبة في البقاء عندما يتعاظم الاحتجاج. فيما أن شاس تبدي منذ الان مؤشرات  العصيان. وبالنسبة لرؤساء اسرائيل بيتنا، من غير المؤكد ان يبقوا هم ايضا غير مبالين.

بالاجمال التجميد يدفع استيطان البلاد في زاوية الى مخرج ويستدعي لنتنياهو مخاطرة من شأنها أن تكلفه مرة اخرى كرسيه. ليس صعبا الاستيعاب بان نتنياهو خرق للمرة الثانية تعهداته للناخبين ولكن ليس واضحا كيف اخذ مرة اخرى رهانا خطيرا بهذا القدر من شأنه ان يكلفه مرة اخرى منصبه.