خبر بلا مساجد: نحن والسويسريون .. إسرائيل اليوم

الساعة 09:13 ص|03 ديسمبر 2009

بقلم: يعقوب احيمئير

هلم نتخيل سيناريو: وهو ان احد اعضاء الكنيست عندنا قد ضاق ذرعا بالاحتكاكات الدائمة بين اليهود والمسلمين، وقدم اقتراح قانون يحظر بناء مساجد اخرى للجمهور المسلم في اسرائيل. سيزعم عضو الكنيست ذاك بتعليله لاقتراح قانون، ان الخطباء على منابر المساجد يحرضون على اسرائيل ويسببون بذلك اهتياج النفوس والتوتر بين الجمهور اليهودي والجمهور المسلم. سيحتج عضو الكنيست ذلك انه اذا حدد بناء مساجد اخرى فان التوتر قد يقل.

لنتخيل الان ان الاقتراح قُبل وانه لم يعد من الممكن بناء مساجد اخرى الا برخص خاصة. ايبدو هذا عنصريا؟ أيبدوا فظيعا رهيبا؟ أيبدو خياليا؟ اذا استثنينا عددا من المصطلحات فأن هذا بالضبط ما حدث هذا الاسبوع في سويسرا: فقد نجح "حزب الشعب" في ان يجيز باستفتاء شعبي، بأكثرية 57 في المائة اقتراحه ان يحدد عدد مآذن المساجد في سويسرا. منذ الان فصاعدا سيكتفون في سويسرا بمأذنة واحدة لكل مائة الف مسلم. وعلى ذلك سيكتفي السكان المسلمون في سويسرا بأربعة مساجد لان عددهم نحو 400 الف شخص.

ان الكثرة غير المسلمة في سويسرا لا تعيش في دولة مهددة محاطة بدول مسلمة، والمدن المجاورة، ربما في ايطاليا او في فرنسا، لا تهدد باطلاق القذائف الصاروخية على البلدان في الجانب السويسري من الحدود. لا تعيش سويسرا في توتر: ففرنسا لا تهددها، وايطاليا لا تبادر الى قطيعتها، الاكاديمية او غيرها. وبرغم ذلك وجدت في جنيف وهي المدينة التي تستضيف مجلس الامم المتحدة لحقوق الانسان، كثرة معارضة للمسلمين عبرت عن رأيها باستفتاء شعبي.

أتحدث شخص ما عن عنصرية؟ او عن كراهية الاجانب؟ لا في مدينتنا، قال سكان جنيف التي يصدر عنها موعظة دائمة صارخة من اجل تساوي الحقوق لكل انسان لمجرد كونه انسان. وبرغم ذلك اجاز سكانها هذا القانون التمييزي.

تعرض مآذن المساجد المجتمع السويسري للخطر كما زعم حزب الشعب. في مقابلة ذلك توجد ايضا ردود معادية. فقد عبر وزير الخارجية الفرنسي كوشنير عن زعزعة لنتائج استفتاء الشعب، وينعقد المجلس الاوروبي. لكن لو تحقق سيناريو مشابه في اسرائيل، فقد كان من المحتمل افتراض ان الرئيس اوباما، وهو مسيحي نشأ في احضان الاسلام، يعبر عن زعزعة عميقة وربما اعادت حتى سويسرا سفيرها من اسرائيل "للمشاورة".

لكن قضاء كهذا لم يقع على اي طائفة دينية في اسرائيل، ولا شك في ان المحكمة العليا في القدس، لا في جنيف، كانت تلغي قانونا كهذا، وبحق، لو اجيز في الكنيست.

لا ينبغي لنا ان نسخر من تلون العلاقات الدولية والعلاقة المنافقة باسرائيل. صحيح ان عورة اوروبا المسيحية الكارهة للمسلمين قد انكشفت. لكن قد يكون في ذلك سابقة تنذرنا نحن اليهود بالسوء: اذا كان تحديد مآذن المساجد قد اجيز فمن يستطيع ان يضمن لنا ألا يحدد عدد شعارات نجم داوود على الكنس في سويسرا في المستقبل القريب او البعيد؟ أهذا سيناريو خيالي؟ سيجترىء معادو السامية على رفع رؤوسهم وبفخر ويقولون اذا كانت الطائفة المسلمة قد فرضت عليها قيود فلماذا لاتفرض على اليهود على نحو آخر في المستقبل؟

رفعت الكثرة في استفتاء الشعب السويسري علامة انذار، ضوءا احمر، فيه تحذير لكل قلة غير مسيحية في اوروبا. لقد قال من كان رئيس فرنسا، فاليري جيسكار ديستان وكان يعني تركيا: "اوروبا منتدى مسيحي". منتدى مسيحي لا مسلم. لهذا لا ينبغي ان نفرح مع سقوط نقاب التسامح السويسري المزيف.