خبر لو كنا نذكر: في مثل هذا الأسبوع قبل 62 سنة .. إسرائيل اليوم

الساعة 09:11 ص|03 ديسمبر 2009

بقلم: يهوشع سوبول

توجد تواريخ لا حظ لها، يفضل الجميع نسيانها لانها تذكر باخفاقات مصيرية في حياة شعوب او لانها تجعل أناسا تعكرت حياتهم يواجهون أياما كانوا فيها نحفاء وشبانا وجميلين.

التاسع والعشرون من تشرين الثاني هو أحد هذه التواريخ البعيدة. كانت ذكراه في يوم الاحد لكن من غير ان نشعر تقريبا. قليل هم الناس الذين لم تتم لهم بعد 62 سنة ويعرفون ما حدث في التاسع والعشرين من تشرين الثاني 1947. هذا التاريخ المبعد يثبت حقائق الفرض الفرويدي بأن المكبوت مسؤول عن الواقع اكثر من المعلوم. من الحسن المناسب للاسرائيليين وللفلسطينيين تذكر هذا التاريخ برغم انه لا صحيفة في البلاد خصصت له هذا الاسبوع صفحتها الاولى او الاخيرة.

ان التاسع والعشرين من تشرين الثاني - اذا كان يجب التذكير – هو اليوم الذي اتخذ فيه في الجمعية العامة للامم المتحدة قرار التقسيم لحل النزاع اليهودي – العربي في ارض اسرائيل بتقسيم البلاد واقامة دولتين للشعبين. قسمت خريطة التقسيم البلاد الى 6 مناطق خصصت ثلاث منها للدولة العبرية وثلاث للدولة العربية في حين ان التواصل بين المناطق مر من طريق نقط وصل ضيقة جدا.

تلقى الاستيطان اليهودي القرار بفرح عبر عنه الرقص في شوارع المدن العبرية، في حين رفض العرب سكان البلاد تقسيم البلاد وبدأوا من الغد هجوما بدأت منه حرب التحرير. يسميها الفلسطينيون اليوم باسم "النكبة". واضح لماذا لا يتذكر الفلسطينيون التاسع والعشرين من تشرين الثاني على انه يوم النكبة. لو انهم فعلوا ذلك لاعترفوا بأنهم جلبوا على انفسهم الكارثة التاريخية التي انصبت على رؤوسهم. هذا هو يوم مرير متسرع من جهتهم لانهم رفضوا افضل اقتراح قدم اليهم. فقرار التقسيم سلم للفلسطينيين الجزء الاكبر من الجليل وفيه عكا والناصرة؛ وجميع مناطق السامرة ويهودا من جنين الى بئر السبع وفيها اللد والرملة؛ وقطاع غزة وفيها اسدود وعسقلان ورفح ايضا.

لو تذكر الفلسطينيون التاسع والعشرين من تشرين الثاني وأجروا تلخيصا لما خسروه منذ ذلك الحين قياسا بما قدمه اليهم قرار التقسيم على طبق من فضة – لعلقوا المسؤولية عن النكبة على قيادتهم الفاشلة الآثمة التي قادتهم الى الهاوية. لانه ينبغي ان نذكر ان الاستيطان العبري قبل اقتراح التقسيم بلا اعتراض، ولم يقصد الخروج في هجوم على الدولة العربية التي كان يفترض ان تقوم الى جانب الدولة العبرية. لكن الشعوب تحب القاء اثم كوارثها على اعدائها لا على زعمائها.

فيما يتصل بنا، ان حقيقة ان الاستيطان قبل خطة التقسيم بفرح قد تثير دهشة من طعم الحموضة الذي يستقبل به اليمين اليوم امكان تقسيم البلاد على حسب مخطط اكثر سخاء من جهتنا. هذا ثمن حسن للسلام. ان بحثا عميقا لـ 29 من تشرين الثاني قد يذكر جميع المتحمسين بأن الاستيطان العبري لم ير حدود التقسيم "حدود اوشفيتس"، وانه لو وجد آنذاك من اجترأ على استعمال هذا التعبير البائس لنظروا اليه نظرهم الى مريض نفس. يبدو ان الاستيطان العبري آنذاك في روحه ونفسه كان اكثر سلامة وثقة بنفسه من اسرائيل في 2009، وهي دولة يهددها جميع السوداويين وهم يصفون العودة الى الخط الاخضر على انها مقدمة للكارثة.