خبر سلم الخوف .. هآرتس

الساعة 09:32 ص|02 ديسمبر 2009

بقلم: الوف بن

لماذا غير بنيامين نتنياهو مواقفه، ووافق على دولة فلسطينية وعلى تجميد البناء في المستوطنات؟ أخضع فقط لضغوط براك اوباما ام كانت عنده اسباب داخلية ايضا؟ أتغير تقديره للوضع منذ عودته للحكم ام انه نفس "بيبي القديم" الذي تزود ببساطة بورقة رسائل جديدة؟

يرى نتنياهو نفسه أكثر من رؤساء حكومة آخرين زعيما مثقفا. من المهم له ان تعتمد سياسته على تصور عام شامل، وقد ألف كتبا عرضت نظريته السياسية والاقتصادية. لهذا يحسن ان نصغي لما يقوله نتنياهو في الاسابيع الاخيرة، في سلسلة خطب تكشف عن تصوره الاستراتيجي. انها تعبر عن خوف عميق من التهديدات التي تتعرض لها اسرائيل، وتقيم سلم اوليات لمواجهتها.

وهذا هو سلم خوف نتنياهو: "اولا يجب منع ايران تطوير قدرة ذرية عسكرية. وثانيا سنضطر الى ان نجد حلا ملائما لتهديد الصواريخ والقذائف الصاروخية. وثالثا يجب علينا ان نحصن حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها".

ماذا نفعل؟ يريد نتنياهو تجنيدا دوليا في مواجهة ايران، في مركزه فرض عقوبات شديدة وأعمال لضعضعة نظام الحكم. وهو يقترح تسوية سلمية مع الفلسطينيين تقوم على مصالحة على المناطق في المناطق المحتلة وتحديد "حدود آمنة معترف بها" لاسرائيل. ستقوم في قلب التسوية ترتيبات أمنية ونزع سلاح، ترمي الى منع تهريب القذائف الصاروخية والصواريخ الى الضفة الغربية. هذه هي المشكلة المركزية في نظر رئيس الحكومة، ولم تحل من تلقاء ذاتها اذا تم الاتفاق على حدود السلام. يجب على الرد الامني ان يؤلف بين خطوات فعالة للحفاظ على الحدود واحباط ارساليات السلاح الى المناطق، الى جانب تطوير نظم حماية من الصواريخ. ستطلب اسرائيل ايضا ضمانات دولية "تلتف على غولدستون"، تحصن حقها في ان تحمي نفسها من الارهاب.

يقدر نتنياهو ان المواجهة الامنية ستكلف عشرات مليارات الدولارات، وستحتاج اسرائيل كي لا تنهار للحفاظ على نمو اقتصادي بين 4 – 5 في المائة في السنة. المال كامن في رأيه في زيادة جدوى البيروقراطية وخصخصة اراضي الدولة، وكذلك ايضا في الاحسان الى صناعات الهايبك والمشاريع. لكن الاصلاحات الاقتصادية لن تكفي. يعتمد نموذج نتنياهو الامني على تعميق تعلق اسرائيل بالولايات المتحدة. يريد رئيس الحكومة ان تثبط امريكا ايران، وان تؤيد مكافحة التهريبات، وان تساعد في تطوير الحماية من الصواريخ وان تفضي الى خزن تقرير غولدستون.

يحسن ان ننتبه الى غير الموجود ها هنا وهو ان نتنياهو لا يرى المستوطنات عنصر في أمن اسرائيل. من المهم له ان يسد الحدود في وجه القذائف الصاروخية وربما يقتضي ذلك الحفاظ على وجود عسكري في غور الاردن. لكن مجرد وجود مستوطنات يهودية على التلال لا يضيف شيئا. فهو يرى ان الون موريه لا تحمي تل ابيب. لا يعني هذا ان نتنياهو قد استقر رأيه على ازالة ايتمار وايتسهار لكن تأييد اوباما اهم له كثيرا.

لم يكن نتنياهو من رعايا مجلس يشع، ويصعب ان نتذكر جولات له في المستوطنات خارج جدار الفصل. لقد وقف عند معاليه ادوميم واريئيل. ليس النقد الشديد من رؤساء المستوطنين له، على اثر التجميد، خصومة محبين كما كانت الحال في ايام اريئيل شارون. فنتنياهو لم يتسق التلال مع جرافات مثل شارون، ولم يجلس مع زمبيش الى الخرائط والخطط، بل ناضل عن حق اسرائيل في منتديات التلفاز وفي الامم المتحدة، وهو اكثر اعتدادا بالتأييد الدولي من بضعة كرفانات اخرى. ان تأييده للمستوطنين، بجدله لاوباما في التجميد، وقف عند الدعوة الى التمكين من حياة طبيعية بغير تطوير اخر.

قال نتنياهو في خطبته في مؤتمر ايلات للصحافة في يوم الاحد هذا الاسبوع: "اصبح الشعب في اسرائيل والفلسطينيون متعبين من الحرب المتصلة، ويريدون التوصل الى تسوية سلام". مثل مناحيم بيغن، الذي انتقل من "برغم" الى "لا حرب بعد"، ومثل اسحاق رابين، الذي اشفق من قدرة تل ابيب البائسة على الصمود في حرب الخليج واختار المصالحة مع الفلسطينيين، يدرك نتنياهو ايضا ان اكثر الجمهور في اسرائيل يريد الهدوء ويرى المستوطنين اقلاقا. وهذا يعني ان قرار تجميد البناء في المستوطنات 10 اشهر هو الوجبة الاولى فقط من المواجهة الداخلية.