خبر الثروة المائية في الضفة و غزة .. بين الحاجة الفلسطينية والسيطرة الإسرائيلية

الساعة 09:20 ص|02 ديسمبر 2009

فلسطين اليوم : غزة (خاص)

تعد قضية نقص المياه وتدني نوعية المتوفر منها أهم القضايا البيئية والاقتصادية التي تشغل منطقة الشرق الأوسط، لذا ينظر إليها على أنها من القضايا الرئيسية مفاوضات الوضع النهائي بين السلطة الفلسطينية والإسرائيليين، فقد أشارت اتفاقية المرحلة الانتقالية إلى اعتراف الجانب الإسرائيلي بالحقوق المائية الفلسطينية.

ومما جاء في نص الاتفاقية "تعترف إسرائيل بالحقوق المائية للفلسطينيين في الضفة الغربية وسيتم التفاوض حول تلك الحقوق للتوصل إلى تسوية بشأنها في اتفاقية الحل النهائي"، غير أن تعريف هذه الحقوق أرجئ إلى مفاوضات الوضع النهائي.

كما تناولت المادة الثانية من الفقرة الحادية والثلاثين في اتفاقية غزة - أريحا مسألة المياه، وتم نقل صلاحيات محددة حول المياه للسلطة الفلسطينية، دون أن تتطرق الاتفاقية إلى الحقوق المائية.

وفي اتفاقية أوسلو الثانية تضمنت المادة الأربعون ( اتفاقية المياه والمجاري) الأساس الذي سيتم عليه وضع الخطط الخاصة بقطاع المياه وتنفيذ المشاريع أثناء المرحلة الانتقالية إلى حين التوصل إلى تسوية نهائية في مفاوضات الحل النهائي.

وأكد خبراء مياه عرب في مؤتمر الأمن المائي العربي الذي أنهى أعماله في العاصمة المصرية القاهرة في 24/2/2000م، أن الاحتلال المنظم الذي تمارسه إسرائيل للمياه العربية، لا يقل خطورة عن احتلالها للأرض، مشيرين إلى أن التسوية مع إسرائيل ستكون قد فرغت من مضمونها فيما لو ركزت على استعادة الأرض، دون أن تتطرق إلى جلاء إسرائيل عن مصادر المياه العربية التي تحتلها وتسير عليها.

وفي هذا الإطار لفت د. نايف الرشيدي، الباحث المختص في شؤون المياه بمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، إلى أن هذه المشكلة هي القنبلة الزمنية التي يمكن أن تدق طبول حرب طاحنة في المنطقة.

كما ولفت إلى تقرير أعده مركز الدراسات الإستراتيجية في جامعة "تل أبيب" يقول:"إن انسحاب إسرائيل من الجولان يعني انتقال 40 مليون متر مكعب من المياه من السيطرة الإسرائيلية إلى السيطرة السورية، كما أن هذا الانسحاب سيحرم إسرائيل من بعض روافد نهر الأردن".

ويشار إلى أن إسرائيل بدأت سنة 1964م، في استغلال مياه حوض نهر الأردن، دون أن تراعي حقوق الدول المشاركة في النهر، وبدأت بتجفيف بحيرة الحولة وتحويل مياه النهر عبر ما يسمى بـ"الناقل الوطني للمياه" وضخ ما يزيد عن 450 متر مكعب سنوياً إلى صحراء النقب.

ويقدر الاستهلاك الإسرائيلي للمياه بأكثر من 700 مليون متر مكعب من مياه حوض نهر الأردن، ولهذا اقترح معدو تقرير مركز الدراسات الإستراتجية في جامعة "تل أبيب" انسحاباً يجعل المناطق الغنية بالمصادر المائية تحت إشراف إسرائيل.

من أجل ذلك وضعت الحركات اليهودية موضوع السيطرة على موارد المياه الفلسطينية نصب أعينها بل جعلتها شرطاً لإقامة الوطن القومي اليهودي.

وكان تقرير أصدرته منظمة العفو الدولية "أمنستي" مؤخراً، قد أكد "أن استيلاء الاحتلال الإسرائيلي على مصادر المياه في غزة والضفة الغربية يأتي في إطار ممنهج، حيث قام الاحتلال الإسرائيلي بعد حرب 1967، بإنشاء العديد من المستوطنات الإسرائيلية على مساحات من أراضي الفلسطينيين في قطاع غزة والتي تمتاز بوفرة المياه الجوفية وعذوبتها وبالتالي حرمان السكان في قطاع غزة من الوصول إلى مصادرهم المائية".

وأوضح التقرير أنه أن الاحتلال لم يكتف بذلك، بل تجاوز به الأمر بحفر وإنشاء العشرات من آبار المياه على طول الشريط الحدودي، مما أدى إلى انخفاض كميات المياه التي تُغذي الخزان الجوفي داخل قطاع غزة.

وتابع: "إضافة إلى قيام الاحتلال الإسرائيلي بالاستيلاء وسرقة مصادر المياه في قطاع غزة على طول الأربع عقود الماضية، وقد امتد ذلك إلى مناطق الضفة الغربية، حيث لم يفِ الإسرائيليين بما تم الاتفاق عليه في اتفاقية "أوسلو" بما يخص حصول الفلسطينيين على كميات مياه إضافية من الحوض الشرقي والتي تقدر بحوالي 80 مليون متر مكعب في السنة".

هذا وقد اعتبرت سلطة المياه الفلسطينية ، أن إنشاء جدار الفصل العنصري كان له أثراً سلبياً وبشكل مباشر من حرمان الفلسطينيين في الضفة الغربية من الوصول إلى مواردهم المائية واستغلالها، علاوةً على ممارسات المستوطنين تجاه الفلسطينيين، وذلك من خلال تدمير البرك الخاصة بتجميع مياه الأمطار ومنعهم من القيام بحفر آبار مياه والمماطلة في إعطاء التصاريح اللازمة لحفرها.

وأكدت السلطة في تقريرها السنوي، أن جيش الاحتلال قام بالاستيلاء على أراضي المواطنين المحاذية للمستوطنات الإسرائيلية، واعتبارها مناطق عسكرية مغلقة لمنع الفلسطينيين من الوصول إليها بهدف استغلالها.

وعبَّرت سلطة المياه عن أسفها لأن لجنة المياه المشتركة والمكونة من ممثلين عن سلطة المياه في الضفة الغربية والجانب الإسرائيلي "تقف عاجزة أمام كل ممارسات الاحتلال التعسفية بحق الفلسطينيين واستغلالهم لمصادرهم المائية المتاحة".

واعتبرت أنه بالرغم من قيام سلطة المياه بإعداد خطة متكاملة لإدارة مصادر المياه تشمل تنفيذ العديد من مشاريع المياه والصرف الصحي في قطاع غزة والضفة الغربية، إلا أن هذه الخطط والمشاريع لم يتم تنفيذها بسبب الحصار المفروض على قطاع غزة ومماطلة الاحتلال الإسرائيلي، الذي منع إعطاء التصاريح اللازمة لتنفيذ هذه المشاريع في الضفة الغربية.

شدد التقرير على أن الحصار على غزة أثَّر سلبياً على خدمات المياه والصرف الصحي، نتيجة عدم إدخال المعدات والمواد اللازمة لصيانة وتأهيل المنشآت المائية في القطاع ، وخاصة التي تم تدميرها بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة.