خبر صفقة شليت .. الجدال لم يتضرر .. يديعوت

الساعة 10:57 ص|01 ديسمبر 2009

بقلم: عاموس كرميل

من السهل الادعاء بان الرقابة العسكرية تميل الى المبالغة في نشاطاتها. هناك أساس للاختلاف مع الكثير من قراراتها على مدى السنين وفي الماضي القريب جدا ولكنها بريئة من تهمة واحدة توجه لها منذ عدة ايام. فلا مجال للادعاء بان هذه الهيئة الرسمية تسكت او تجمد الجدال الجماهيري بالنسبة لما يسمى "صفقة شليت". واذا كان هذا الجدال مجمد او انه يجري بقوى مخففة، فان سبب ذلك ليس الاجراءات التعسفية والسخيفة لهذه الهيئة.

لا يمكن لاي رقابة ان تمنع بحثا جماهيريا في الجوانب المبدئية للمشكلة. ولا يمنع أي اضطرار مؤيدي الصفقة ومعارضيها لان يعرضوا الخلافات بينهم. وهم يعرضونها بالفعل المرة تلو الاخرى: واجب الدولة تجاه كل جندي لها وعائلته امام الاستسلام المخجل لابتزاز منظمة ارهابية، قدسية الحياة لاسير يعيش في ظروف غامضة حيال التخوف الكبير من أن يعود جزء من المحررين الى القتل، المنكبين الضيقين لـ "الطفل" حيال المس الشديد لردع المخربين المحتملين. وحتى تعزيز حماس واضعاف ابو مازن لا يبتعدان عن جدول الاعمال بسبب التدخل الفظ للرقابة.

من جهة اخرى فان الرقابة ايضا لا تنسي السوابق السابقة. في سلسلة من الصفقات منذ 1979، وابرزها كانت صفقة جبريل في 1985، تقررت بشكل قاطع المسلمة المثيرة للحفيظة بتبديل اسرى اسرائيليين قلائل بكميات بالجملة لمخربين محبوسين. وفي هذه الصفقات أزيل ايضا المحظور الذي فرض في الماضي البعيد على تحرير مخربين "مع دم على الايدي".

لقد سلم معظم الجمهور الاسرائيلي بهذه السوابق، وحكومات اسرائيل لم تحاول الغاءها بل عملت بعد ذلك بموجبها. ومثلما فعلت ايضا الحكومة السابقة والحكومة الحالية في اعقاب اختطاف وحبس جلعاد شليت. كلتاهما لم تنجحا، لسوء الحظ، في تحرير شليت في عملية عسكرية مباشرة. وكلتاهما تخلتا – طواعية أم غصبا – عن عملية قوة غير مباشرة: الامساك برجل حماس من المستوى الاعلى كرهينة مقابل المخطوف الاسير. كلتاهما توجهتا الى اتصالات دبلوماسية متفرعة مع علم واضح بان غاية هذه الاتصالات هي انتاج صفقة بالصيغة المعروفة والمزعجة، لتحرير مخربين كثيرين. وفضلا عن ذلك فقد فعلتا ذلك مع العلم بانه مع تحقيق الصفقة المنشودة سيكون من الصعب جدا التراجع عنها.

خيرا كان أم شرا فان التوجه الى هذه الاتصالات لم تثر هنا أي جدال جماهيري – وبالطبع، ليس بسبب اليد الشديدة للرقابة. كل مساوئها كانت مكشوفة ظاهرا وبقيت هكذا الان ايضا. لشدة الاسف، في القصة الحالية لم يتغير في واقع الامر أي شيء بالنسبة للماضي. باستثناء الجانب العددي. هذه المرة يدور الحديث عن تحرير 980 مخرب مقابل جندي اسرائيلي واحد – وهي نسبة اعلى بـ 2.6 ضعفا لـ 1.150 مخربا تحرروا في صفقة جبريل مقابل ثلاثة جنود اسرائيليين. وهذه المرة يدور الحديث ايضا عن قتلة اكثر، الرقابة بالفعل تخفي عنا عددهم وهويتهم.

ولكن هذا الاخفاء لا يقدم ولا يؤخر على المستوى الاخلاقي ومستوى الجوهر. فاذا كان مسموحا تحرير قتلة مقابل أسرى، فلا فرق بين من قتل اهرون كتسير في 1972 ومن قتل رحبعام زئيفي في 2001. واذا كان مسموحا تحرير قتلة فان لا فرق ايضا بين من قتل معروفين ومن قتل مارين عاديين في الشارع. فاذا ما تحطم المحظور، فينبغي فقط تقليص المخاطر حتى وان كانت المساومة على ذلك تحتاج الى غموض تحت رعاية الرقابة.

الامر الذي لا يبرر أي تعلق بالاوهام. والمثير للشفقة وحده سيؤمن بان الان سينجح ثلاثة حكماء في أن يقرروا قواعد تقيد الحكومات القادمة وتمنعها من عقد صفقات مشابهة. تحول كهذا هو مهمة زعيم شجاع في لحظة الفعل وليس مهمة لجنة متعالية وطموحة.