خبر هل نجحت وسائل الإعلام العربية في خلق رأي عام واعٍ بقضايا الأمة المصيرية؟

الساعة 05:17 م|30 نوفمبر 2009

فلسطين اليوم : غزة

أكد أكاديميون وإعلاميون فلسطينيون، أن الإعلام العربي يسير دون هدف محدد و ينشط أحيانا دون إستراتيجية عمل واضحة، مشيرين إلى أن المواطن العربي مغيب عن همومه وأن وسائل إعلامه لا تقوم بأي دور تنموي ولا تعبوي تجاه قضاياه المصيرية.

وبخصوص الإعلام الفلسطيني أكدوا أنه يعاني كغيره من الإعلام العربي، لاسيما عند التعامل مع القضايا الحيوية للأمة مثل القدس واللاجئين والحصار، والتي بات الحديث عنها "شبه موسمي" أو عند الضرورة التي تمليها بعض الأحداث والتداعيات الآنية.

فقد أكد الدكتور نشأت الأقطش أستاذ الإعلام الدولي بجامعة بيرزيت أن الإعلام اليوم يقوم على فكرة التسلية حتى الموت، موضحاً أن رغبة الجمهور في البعد عن متابعة الأخبار الجادة والبحث عن التسلية والمتعة شكَّل رافداً مهماً لأصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين في قطاع الإعلام وخاصة الفضائيات لتحقيق الإرباح الهائلة عبر بث البرامج الهابطة.

وقال الأقطش:" الإعلام العربي عجز عن طرح وجهة نظره بكفاءة و إيصالها إلى الجماهير، لأنه يسير دون هدف محدد و ينشط دون إستراتيجية عمل واضحة"، مؤكداً أن الإعلام التجاري بات السمة الغالبة في العالم كله بدون استثناء.

وأضاف" الأنظمة العربية الديكتاتورية لن تسمح بوجود إعلام متزن قادر على تشكيل رأي عام واعٍ وقادر على التعبير عن تطلعاته وطموحه تجاه قضاياه ومشكلاته الجوهرية".

ودعا د.الأقطش إلى "ضرورة التنسيق بين وسائل الإعلام العربية المختلفة لخدمة قضايا الأمة المصيرية وإظهار الوجه الحقيقي للاحتلال الإسرائيلي والأمريكي"، مشدداً على ضرورة التصدي للهجمة الإعلامية الإسرائيلية المعادية والتي تشترك فيها وسائل الإعلام الغربية، وربط الجمهور العربي بقضية الصراع وعدم تغييبها عن اهتمامه.

وكان الإعلام العربي بكافة أشكاله قد سلط خلال الأسابيع القليلة الماضية الأضواء على مباراة كرة القدم بين منتخبي مصر والجزائر، ما أدى إلى توتير الأجواء بين الشعبين الشقيقين، بسبب السياسات الخاطئة في التحشيد الإعلامي لكلا الطرفين، فيما كانت القضايا الجوهرية للأمة خاصة ما يتعلق بفلسطين والاعتداءات الصهيونية بحق أهلها ومقدساتها شبه غائبة عن بعض تلك الوسائل.

وقد أصيب المتابعون الإعلاميون والشارع العربي عموماً والفلسطيني على وجه الخصوص، بنوع من الصدمة للتغطية المبالغ فيها لمباراة كرة القدم بين المنتخبين.

من جانبه، قال الدكتور زاهر عابد أستاذ الإعلام بجامعة الأقصى:"إن الإعلام العربي مهمّش وتابع للأنظمة العربية الديكتاتورية التي تدعم وجوده من خلال خداع الشعوب والتغرير بها وإبعادها عن همومها".

وثمَّن عابد التغطية التي قدمتها بعض القنوات الإخبارية لما يتعرض له المسجد الأقصى من حملات مسعورة، ولحصار غزة، في حين تتجاهل القنوات الرسمية العربية تلك الأحداث سواء عبر تناول تلك القضايا بسطحية قاتلة، أو عبر التركيز على البرامج الترفيهية التي لا تساهم في تنمية وتطوير الوعي العربي.

وشدد على أن الإعلام الفلسطيني والعربي يعاني من العديد من النقاط السلبية أهمها، ما يتعلق بالتغطية الإعلامية لقضية القدس والأسرى والحصار، والتي بات التعاطي معها بشكل موسمي فقط، مرجعاً ذلك للاهتمام بالقضايا والتعقيدات السياسية الداخلية ذات الصلة بموضوع الانقسام.

كما انتقد عابد قيام وسائل إعلام عربية بالدفاع عن إسرائيل وإبراز مواقفها الكاذبة من بعض الانتهاكات الخطيرة بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، و تبرير ذلك على أنه حيادية في التعاطي مع الأخبار"، على حد قولها.

من جهته عبَّر محسن الإفرنجي المحاضر في قسم الصحافة والإعلام  بالجامعة الإسلامية، عن استغرابه الشديد للسياسة الإعلامية التي تعاملت بها وسائل الإعلام العربية المختلفة في التغطية الإعلامية الوافرة لمباراة كرة القدم بين فريقي مصر والجزائر، في الوقت الذي لم تحظَ به قضية فلسطين والمسجد الأقصى والعراق بالاهتمام المطلوب.

ورأى الإفرنجي أن المواطن العربي مغيب عن همومه، وقضاياه شبه مغيبة عن إعلامه الذي لا يقوم بدوره التنموي مطلقاً، مشيراً إلى ما أفرزته نتائج التقرير المعرفي العربي الأخير والذي أظهر وجود نحو60 مليون عربي أميّ، ووجود مشكلات كبرى لدى المواطن العربي لا تأخذ حقها في البحث عبر وسائل الإعلام، وصولاً إلى تشكيل رأي عربي ضاغط لإجراء عملية التغيير ضد الأنظمة الديكتاتورية التي تحكمه.

وأضاف الإفرنجي :" في ظل غياب الخطة الإعلامية الواضحة المعالم والتركيز على الإثارة والربح سيكون الإعلام عبئاً سندفع ثمنه غالياً سواء على مستقبل الأجيال القادمة أو على مستوى قضايانا المصيرية"، مشدداً على ضرورة وجود نوع من التوازن والتوافق بين أجندة المواطن واحتياجاته وبين أجندة الإعلام والفلسفة التي تحكمه وفق حدود وأخلاقيات يجب مراعاتها.