خبر إعلان الولاء للغموض .. هآرتس

الساعة 09:30 ص|30 نوفمبر 2009

بقلم: عاموس هرئيل وآفي يسسخروف

ماذا يمكن لنا أن نفهم من رد الدولة أمس على الالتماس المرفوع الى محكمة العدل العليا بطلب لكشف تفاصيل عن صفقة شليت. ليس الكثير. النيابة العامة تشرح بان الطرفين تعهدا امام الوسيط بالحفاظ على الغموض طالما استمرت المفاوضات. الجديد، اذا كان هناك أمر كهذا، يكمن في الحساب الرسمي الذي تطلقه الدولة عن عدد السجناء الفلسطينيين الذين سيتحررون مقابل شليت: 980 . 450 سجينا ثقيلا تطالب بهم حماس و 530 آخرين ستحررهم اسرائيل، حسب اختيارها، "كبادرة طيبة للشعب الفلسطيني".

على مدى معظم المفاوضات أصر الناطقين بلسان حماس على ان يتحرر في الصفقة 1.400 سجينا. فهل أخضعت إسرائيل حماس؟ مشكوك فيه. فليس واضحا مثلا من رد الدولة اذا كان الـ 530 يتضمنون ايضا النساء والفتيان الفلسطينيين المحبوسين في إسرائيل. يحتمل ان يكون من المتوقع هنا "نبضة" اخرى، مجموعة اخرى من المحررين، بعد الـ 980. والرد لا يذكر على الاطلاق مئات السجناء الذين ستحررهم اسرائيل في لاحق السياق، كجزء من الخطوات لتحسين وضع رئيس السلطة محمود عباس (ابو مازن). بتعبير آخر، اذا ما خرجت صفقة شليت الى حيز التنفيذ، سيتحرر في الاشهر القريبة القادمة أكثر من الف سجين. ويحتمل أن يكون قرابة الفين.

في الوقت الذي تعلن فيه اسرائيل الولاء للغموض، تشكل حماس مصدر المعلومات الاساس عن المفاوضات، ولا سيما على لسان كبار مسؤولي المنظمة في سوريا. محمد نزال، رجل القيادة في دمشق، قال أمس انه تبقى خلاف فقط على بعض السجناء في القائمة. المفاوضات ستستأنف غدا، مع ختام عيد الاضحى الاسلامي. في وسائل الاعلام العربية افيد بان الوسيط الالماني سيعود ليلتقي مسؤولي حماس في غزة. ومن تحليل ما نشر في وسائل الاعلام يمكن ان نفهم بان الطرفين وصلا الى لب الامور. ويعنى البحث الان في حلول ممكنة لجسر الخلافات: تحديد العقوبة لقسم من السجناء، ابعاد آخرين. تحت عبء التوقعات الناشئة، في اسرائيل وفي الجمهور الفلسطيني، يوجد للطرفين مصلحة باجمال صفقة قريبة. من يرد الان بالنفي يخاطر بتحطيم القواعد الامر الذي من شأنه ان يعني ايضا تصعيدا عسكريا جديدا.

محرر صحيفة "الرسالة" الناطقة بلسان حماس مصطفى الصواف يقول انه خلافا لما نشر لا تزال المفاوضات تحتاج الى وقت، وليس بضعة ايام فقط. هذا تقدير منطقي. من المعقول ان يحتاج الوسيط الى حملة مكوكية واحدة على الاقل بين الطرفين. حجاي هداس، منسق المفاوضات الاسرائيلي يحتاج الى الوقت لعملية رفع التقارير والاقناع للوزراء قبل التصويت في المجلس الوزاري والحكومي. بعد ذلك ستخصص 48 ساعة اخرى لايداع قوائم المحررين للنشر ومطلوب وقت ايضا لاستعدادات مصلحة السجون والشرطة العسكرية في الحواجز، التنسيق مع الصليب الاحمر ولاخذ تواقيع المبعدين (كما افادت وسائل الاعلام العربية) على الموافقة على الابعاد.

التقاليد التنظيمية لحماس تفترض اتخاذ قرارات جماعية في اجراء معقد من المشاورات بين الاجنحة المختلفة. ونقلت وسائل الاعلام العربية بان الكرة توجد الان لدى خالد مشعل رئيس المكتب السياسي في دمشق بعد أن اتخذت قيادة غزة عمليا القرار بقبول الاتفاق. اذا كانت هذه هي صورة الوضع بالفعل، فيمكن لنا ان نفهم لماذا بعد نحو سنة من عملية "رصاص مصبوب"، لا تزال غزة بعيدة عن الانتعاش. الحصار الاقتصادي مستمر، المعابر مغلقة بشكل عام، المال يكاد لا يصل والحطام من الحملة بقي في مكانه. وتأمل حماس في أن تدخل الى الصفقة ايضا فتح المعابر او أنها تفترض على الاقل بان بعد اعادة شليت ستضطر اسرائيل الى الخضوع للضغط الدولي المتزايد والتخفيف من حدة الحصار.

لا بد ان لمشعل اعتبارات اخرى ايضا. مشكوك أن يكون بوسعه أن يعيد اختراع الصفقة في هذه المرحلة المتأخرة من المفاوضات. ولكن بوسعه بالتأكيد أن يحاول تحقيق تنازلات موضعية.

فضلا عن حماس، سيتعين على اسرائيل أن تراعي ايضا مصاعب ابو مازن – في الاستخبارات الاسرائيلية يعتقدون بانه خلافا لجزء من التقديرات التي تطلق في وسائل الاعلام في أن صفقة شليت لا تخلق خطر سيطرة من حماس على السلطة. ابو مازن، كما يفترضون هناك يفكر بالفعل بالاستقالة من منصب رئيس السلطة. الصفقة ستدفعه الى فقدان الارتفاع في الرأي العام الفلسطيني وتستوجب بادرات طيبة اسرائيلية اخرى من أجله. الرئيس، كما تجمل الاستخبارات الامور، خلق "اجواء مغادرة" حوله بل انه سيشدد النبرة بعد الصفقة. ولكن من هنا وحتى الانهيار، او الاستقالة لا يزال الطريق طويلا.