خبر عايش 5 حكومات توالت على القطاع .. معمِّر غزي: الأكثر إيلاماً في حياتي هو الانقسام

الساعة 06:20 ص|30 نوفمبر 2009

فلسطين اليوم : pnn

يجلس الحاج رجب التوم الذي يبلغ من العمر (124 عاماً) وسط أبنائه وأحفاده وأبناء أحفاده الذين يبلغ عددهم أكثر من 300، مفتخراً بهم وبعائلته الكبيرة التي رآها تتوسع يوماً بعد يوم.

فقد ولد الحاج رجب في غزة في العام 1885م، ليكون بذلك قد عايش 5 حكومات مرت على فلسطين وهي الحكومة التركية والانتداب البريطاني والاحتلال الإسرائيلي ثم حكم مصر لغزة ثم الحكم الفلسطيني الذي بدأ بالسلطة وتلاه حكم "حماس".

والحاج رجب الذي يبدو بكامل قوته بالرغم من تقاسيم السنين البادية في وجهه، ليس إلا شيخاً عادياً ذو ذاكرة تؤرخ أعواماً وأعواماً من الحروب التي مرت على الشعب الفلسطيني؛ فمن الحرب العالمية الأولى التي شاركت فيها الدولة العثمانية الذي كان يعمل جندياً في صفوفها إلى حرب عام 1948 التي شهدت تشريد الآلاف من الفلسطينيين ولجوئهم في منافي المخيمات مروراً بحرب ال1967 وغيرها من الحروب وصولاً للحرب الأخيرة على غزة التي شهدت أبشع وأعنف أشكال العدوان والقتل.

فالحاج رجب هو رجل التاريخ بجدارة بما فيه من حروب وهزائم ونكسات وصعود وهبوط، فهو بالرغم مما مر عليه من أحداث طوال سنواته الـ 124 إلا أنه لا يزال يذكر كل حدث منها بتفاصيله الدقيقة؛ فترى المستمع له متفاجئاً من قوة ذاكرته التي تؤرخ أحداث ثلاثة قرون متتالية، وتجمع بين خمس لغات مختلفة، فهو يتحدث اللغتين التركية والعربية بطلاقة بينما يجيد بعضاً من الكلمات الإنجليزية والعبرية والألمانية.

ويتحدث الحاج رجب عن ماضيه وذكرياته كأنها كانت بالأمس فيقول: "كان والدي فلاحاً ذو أراض كثيرة في جباليا وبئر السبع فورثت هذه المهنة منه، لكنني لم أكتف بذلك بل عملت وكيلاً لمال وأراضي رجل ألماني في حيفا عام 1915 أي في عهد الأتراك وكنت أغيب عن جباليا عاماً كاملاً وفي سن الثلاثين تزوجت من امرأة قريبة لي بعد فشل زواجي الأول وأنجبت منها أربعة من الأطفال وأربع من الفتيات".

وقد اعتاد الحاج رجب على "أكلات زمان" التي تحفظ له صحته وتبقيه بكامل قوته.

وبحسب رجب فإنه بالرغم من الحياة البدائية والبسيطة التي كانوا يعيشونها قديماً حيث لا وجود لوسائل الراحة والكهرباء والمدارس، إلا أنهم كانوا سعداء مجتمعين غير متفرقين؛ فمن كل ما عايشه الحاج رجب فإن الأكثر إيلاماً هو الانقسام الفلسطيني الداخلي الذي جعل الأخ يكره أخاه والأب يقاتل ولده، كما كانت الحرب الأخيرة على غزة هي الأكثر وقعاً والأصعب بالنسبة له لأنها تضمنت أسلحة متطورة وقتل وتدمير بيوت وخراب ديار".

ويتمنى الحاج رجب قبل أن يفارق الحياة أن يعيش لحظة أمان كالتي كانوا يعيشونها في الماضي، وأن يتم الصلح بين أبناء الشعب الواحد، وأن تنسى جميع الخلافات الداخلية.