خبر مع ان الصفقة فتاكة.. هآرتس

الساعة 03:37 م|28 نوفمبر 2009

بقلم:آري شفيت

اعادة جلعاد الى الديار ستكلف على ما يبدو حياة البشر. لا نعرف كم سيكون عددهم، لا نعرف وجوههم، لا نشخص اسماءهم. ولكننا يمكننا ان نقدر بأنهم يسيرون بيننا. كنتيجة لصفقة شليت من شأنهم ان يفقدوا حياتهم. عندما تصادق حكومة اسرائيل على الصفقة – بكل ثمن، يحتمل ان يكون هذا هو الثمن: العشرات وربما المئات من الاسرائيليين القتلى.

ضحايا صفقة شليت قد يقتلون بطرق عديدة. من شأنهم ان يفقدوا حياتهم في العمليات. اخرون قد يفقدوا حياتهم في الحملة العسكرية التي ستأتي في اعقاب العمليات. وسيكون هناك من سيُقتلون، هكذا هو التخوف، في هجوم للصواريخ. اخرون ربما سيسقطون في محاولة وقف هجمات الصواريخ. اذا ما تآكلت قوة الردع الاسرائيلية بفضل الصفقة، وأضعفت مكانة محمود عباس واغرقت المناطق بمقاتلي الارهاب المجربين، فانها ستحدث الفوضى. والفوضى ستؤدي الى العنف والعنف سيسقط ضحايا. جلعاد شليت سيفدى بثمن دموي.

سيكون هناك ايضا كما يمكن الافتراض مخطوفون ايضا، وذلك لان صفقة شليت ستحفز خاطفين مستقبليين. ولكن حالات الخطف المستقبلية لن تكون بالضرورة في حدود غزة. قد تقع في الضفة الغربية، في الجليل، في النقب. وربما في تركيا، في تايلندا او في النبال. شكل انقاذ شليت من الاسر من شأنه ان يؤدي الى انه في سنة – سنتين سنجدنا نقف امام صور تمزق القلب لاسرائيليين في الاسر. غير انه في المرة التالية، قد لا يكون هذا اسرائيلي واحد بل بضعة اسرائيليين. بسبب صدمة تحرير مئات المخربين لن يكون بوسعنا ان ننقذهم. لن يكون بوسعنا دفع الثمن فدائهم. ومصيرهم سيحسم.

هل معنى الامر انه يجب الرفض التام لصفقة الاستسلام؟ ليس بالضرورة. ستكون للصفقة آثار عسيرة على منظومة العلاقات الاسرائيلية مع جيرانها. اغلب الظن، باتت الصفقة محتمة بسبب منظومة العلاقات الاسرائيلية مع نفسها.

لا شك: في كل ما يتعلق بجلعاد شليت فقدت اسرائيل صوابها وعقلها. كل خطأ ممكن ارتكب. كل ضعف عاطفي تعاظم. حكومة فاشلة، وسائل اعلام متسرعة وجمهور مشوش جعلوا قضية شليت لا تطاق. جلعاد اصبح فكرة متسلطة، بؤرة للشفقة الوطنية.

يحتمل ان بالذات من اجل الاشفاء لا مفر من وضع حد على ما كان والاستسلام. من اجل العودة الى ذاتها على اسرائيل ان تعيد جلعاد الى ديار في متسبيه هلل.

ولكن هناك شيء واحد محظور عمله: الطمس. الحسم في موضوع شليت ليس تكتيكا بل استراتيجيا. وهو من شأنه ان يغير سلبا دينامية النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني في لحظة حساسة على نحو خاص. من شأنه ان يؤدي الى سفك دماء شديد. وعليه فان الحكومة التي تتبنى الصفقة، مثلها مثل الحكومة التي تقرر شن الحرب.

حتى لو كان القرار حيويا، على الحكومة ان تكون واعية لاثاره. عليها ان تتحمل المسؤولية عن كل ما سيحدث في اعقابه. على الحكومة ان تثبت لنفسها بأنه حتى لو كلف تحرير شليت حياة العديد من الاسرائيليين فان من الصحيح دفع الثمن الفظيع.

بنيامين نتنياهو فقد أخاه الكبير في عملية دراماتيكة كانت ترمي الى الاثبات الى العالم بأن اسرائيل لا تستسلم للارهاب. وعلى طول طريقه السياسي روج نتنياهو ضد الاستسلام للارهاب. ولكن القرار القيادي الهام الذي سيتخذه كرئيس وزراء سيكون الاستسلام للارهاب. يجب احترام نتنياهو على استعداده للخروج عن ارثه كي ينهي مرة واحدة والى الابد هذه القضية الاليمة. ولكن يجب ان نطالبه بأن يرد صفقة الاستسلام اذا لم يكن مقتنعا بأن هذه هي صفقة الاستسلام الاخيرة.

تماما مثلما في الحرب، فان صفقة شليت قد تكون لها ثمن يتمثل بالحياة. استطلاعات الرأي العام وشعبية اللحظة لا يبرران ثمنا كهذا. وحتى الصورة المثيرة للعواطف لجلعاد في ذراعيه أمه لا تبرر الثمن. المبرر الوحيد هو المعرفة بأن هذا هو، انتهى، ليس اكثر من ذلك. نتنياهو سيثبت بأنه زعيم جدير فقط اذا ما وعد بأنه فور عودة جلعاد ستعود اسرائيل الى ذاتها وتصميمها. ستعود الى روح عشية عنتيبة.