خبر حقائق مروعة عن تلاعب قطاع صناعة الادوية بالحياة

الساعة 08:04 ص|27 نوفمبر 2009

فلسطين اليوم – قسم المتابعة

كشف تقرير للمفوضية الأوروبية بشأن خروقات قطاع صناعة الادوية لقوانين المنافسة، عن حقائق مروعة وتشعبات واسعة وأحاييل متواصلة لمنع وصول أدوية فعالة إلي الأسواق، ضمن تجاوزات أخرى.

 

فقد بين التقرير، الذي تجاهلته وسائل الإعلام منذ صدوره في الثامن من تموز/ يوليو الماضي، أن شركات صناعة الادوية لا تلتزم بقوانين تنظيم المنافسة، بل وتستعين بكافة أنواع التكتيات المستترة للحيلولة دون تسويق الأدوية الأكثر فعالية، وخاصة تلك "النوعية" الأرخص كثيرا.

 

وحسب التقرير يؤدي تعطيل وصول "الأدوية النوعية" إلي المرضى، إلي رفع التكاليف المالية ليس للمرضى فحسب، وإنما لبرامج الرعاية الصحية الحكومية ودافعي الضرائب أيضا... وكل هذا لتوفير الحجج لأنصار خصخصة خدمات الرعاية الصحية.

 

ومن الجدير بالذكر أن الأدوية "النوعية" تطابق تماما الأدوية الأخري التي تنتجها كبرى شركات صناعة الادوية الإحكتارية، من حيث المكونات النشطة والجرعات والسلامة والفعالية.

 

كما أن قوانين البراءات السارية تمنح شركات المنتجات الصيدلانية فترة عشر سنوات للإنفراد بإنتاج دواء بعينه. وبإنقضاء هذه الفترة، تجيز القوانين للآخرين حق إنتاج الأدوية التي تعرف بإسم "الأدوية النوعية"، التي تقل تكلفتها بنسبة 40 في المائة.

 

ومن الجدير بالذكر أيضا أن منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة وغالبية الحكومات، تشجع علي إستخدام "الأدوية النوعية"، لأن تكاليفها الأقل تتيح المزيد من فرص الحصول عليها لصالح الاشخاص المعرضين للأمراض.

 

لكن كبري شركات المنتجات الصناعية تخصص 90 في المائة من أبحاث إنتاج أدوية جديدة "لأمراض الأغنياء" التي تصيب 10 في المائة فقط من سكان العالم. ومن ثم، فإن هدفها هو تأخير، بكافة الوسائل الممكنة، تاريخ إنتهاء سريان البراءات التي تملكها.

 

وتجدر الإشارة إلي أن تجارة الأدوية العالمية تقدر بنحو 700 مليار يورو، تتحكم حوالي 12 من كبرى الشركات في نصفها. ويحقق قطاع صناعة الادوية أرباحا تتجاوز مكاسب قطاع الصناعات العسكرية. فمقابل كل يورو واحد تنفقه علي إنتاج دواء تحصل علي ألف يورو من مبيعاته.

 

هذه المبالغ الضخمة تعطي المسماة بيغ فارما Big Pharma المكونة من Bayer, GlaxoSmithKline (GSK), Merk-Novartis, Pfizer, Roche, and Sanofi-Aventis، نفوذا ماليا جبارا تستخدمه بصورة خاصة في القضاء علي منتجي "الأدوية النوعية" عبر قضايا قضائية تكلفهم ملايين الدولارات.

 

وتتواجد جماعات الضغط (اللوبي) التابعة لشركات الادوية بصورة دائمة في مكتب البراءات الأوروبي ومقره ميونيخ، حيث لا تتوقف عن العمل علي تعطيل أي ترخيص يمكن منحه لبيع "أدوية نوعية".

 

كما تشن حملات مضللة ضد "الأدوية النوعية" لبث المخاوف بين المرضى. ويقول تقرير الإتحاد الأوروبي أن نتيجه ذلك هو إضطرار المواطنين للإنتظار طيلة سبعة أشهر إضافية في المتوسط، للحصول علي "الأدوية النوعية".

 

وقد تسبب ذلك في الخمس سنوات الأخيرة، في إضطرار المستهلكين إلي إنفاق نحو 3 مليارات اضافية، وزيادة بنسبة 20 في تكاليف النظم الصحية العامة.

 

ولا يوجد حدود لصناعة الادوية. فقد كان لها يدا في الإنقلاب الأخير ضد مانويل ثيلايا، رئيس هندوراس التي تستورد كل إحتياجاتها من الأدوية، وأغلبها من إنتاج "بيغ فارما".

 

فمنذ إنضمام هندوراس لنظام "البا" (البديل البوليفاري لشعوب أميركا) في أغسطس 2008، تفاوض ثيلايا حول إتفاقية تجارية مع كوبا لإستيراد أدوية نوعية كوبية، لخفض الإنفاق في مستشفيات هندوراس العامة.

 

إضافة إلي ذلك، إلتزم قادة دول نظام "البا" أثناء قمة الأرض في حزيران/يونيو من العام الماضي "بمراجعة مفهوم حقوق الملكية"، ما ينطوي علي تحد لنظام البراءات بصورة خاصة.

 

هذان الحدثان، اللذان يمسان مباشرة بمصالح "بيغ فارما"، حملا شركات الادوية العالمية العملاقة على دعم الحركة التي أطاحت يالرئيس ثيلايا في إنقلاب 28 حزيران/يونيو الماضي.

 

وعلي نمط مماثل، يقع الرئيس باراك أوباما تحت وطأة ضغوط القطاع الصيدلي في مساعيه لتعديل نظام الرعاية الصحية الحالي الذي يحرم 47 مليون أمريكي من العناية الصحية.

 

ولا غرو، فالأرقام مذهلة -يمثل حجم الإنفاق علي الرعاية الصحية في الولايات المتحدة 18 في المائة من ناتجها القومي الإجمالي- وتتحكم فيها جماعات ضغط جبارة ذات مصالح خاصة ضخمة تشم لكبرى شركات التأمين، والمستشفيات والعيادات الخاصة، بالإضافة إلي "بيغ فارما"، وليس أي منها علي أدني إستعداد لخسارة مزاياها الهائلة.

 

وبالتالي، وبممارسة الضغوط علي وسائل الإعلام والحزب الجمهوري، تنفق الشركات المذكورة مئات الملايين من الدولارات علي شن حملات مضللة ضد التعديل الضروري اللازم لنظام الرعاية الصحية.