خبر كيف تأتلف التسوية مع الحرب؟ .. عدنان الحسيني

الساعة 10:29 ص|26 نوفمبر 2009

بقلم: عدنان الحسيني

يتحدث الإعلام “الإسرائيلي” من وقت إلى آخر عن شن حرب على لبنان في الربيع، أو الصيف المقبل، وأحياناً يشير إلى إيران بأنها هدف للحرب كذلك.

الإعلام “الإسرائيلي، وخاصة صحيفة “هآرتس”، يتحدث عن إمكان تسوية سياسية مع الفلسطينيين، وأن نتنياهو عازم على تمرير صفقة معهم تقوم على حل الدولتين. وتبدو إشارات متكررة إلى الخطر الآتي من الشمال، أي من حزب الله في لبنان. هذا على الرغم من إقرار المسؤولين “الإسرائيليين” بتراجع هجمات حزب الله عبر الحدود الشمالية منذ حرب العام ،2006 إنفاذا لمضمون قرار مجلس الأمن الدولي، الرقم 1701.

يتحدث الإعلام “الإسرائيلي” عن ثلاثة عوامل قد تدفع نتنياهو للقبول بتسوية مع الفلسطينيين، وهي جديرة بالدراسة والتحليل، ويمكن اختصارها على النحو الآتي:

1- وجود تيار واضح في الجمهور “الإسرائيلي” يريد تسوية مع الجانب الفلسطيني، ويرضى التفاوض مع حركة حماس على الرغم من آثار حرب غزة، والمواجهات السابقة. وربما عرض نتنياهو على الرئيس الأمريكي باراك أوباما، في لقائه الأخير معه إمكان عقد صفقة معينة مع الجانب الفلسطيني تقوم على مبادلة الأراضي، وحل الدولتين.

2- خشية نتنياهو من تفكك حزب العمل، واضطراره للخروج من الائتلاف الحكومي، ما سيضعه في حلف مع الأحزاب الدينية المتطرفة المعارضة لأي نوع من التسوية. ويسأل بعض “الإسرائيليين”: هل سيخسر نتنياهو وزير دفاعه أيهود باراك في هذه الحال، ويذهب إلى المفاوضات منفرداً؟

3- اتساع عزلة “إسرائيل” عالمياً، بعد تقرير غولدستون، والفتور في العلاقات مع الاتحاد الأوروبي وتركيا والأردن. وعليه، فإن فتح باب التسوية مع الفلسطينيين يقلص هذه العزلة إلى حد معقول.

هذا ما يثيره الإعلام “الإسرائيلي”، ويبرر تالياً الاتجاه نحو التفاوض مع الجانب الفلسطيني، وإيجاد تسوية طال انتظارها. وإذا كانت قضية فلسطين هي الأساس في ملف الصراع العربي  “الإسرائيلي” الطويل والمعقد، فإن التسوية على هذا المسار من شأنها إيجاد معطيات جديدة، ولكن.

من المستبعد في المفاوضات  التي يتوقعها البعض  أن تتخلى “إسرائيل” عن احتلالها لمجمل أراضي الضفة الغربية، وعن القدس الشرقية، وتقبل بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم. وهذا بحد ذاته كفيل بالإطاحة بأية تسوية ممكنة، الجدار العازل يقتطع اجزاء من الضفة الغربية، وخاصة من محيط القدس. وبناء المستوطنات جار على الرغم من الضغوط الأمريكية التي وصلت إلى طريق مسدود، أو على الأصح إلى رفض “إسرائيلي” واضح.

لكل ذلك، تبقى إشارات وسائل الإعلام “الإسرائيلية” مجرد تحليلات صحافية، أو تسريبات معينة لتحريك المياه الراكدة على ضفة التسوية. أما تهديد لبنان بالحرب، وربما كذلك إيران، فإنه أمر وارد، ولكن دونه موانع عدة:

1- إذا ما اشتعلت الحرب على الجبهة الشمالية، أي مع لبنان، هل تستمر معها المفاوضات مع الفلسطينيين؟ هذا شبه مستحيل وهل يمكن حصر هذه الحرب داخل الأراضي اللبنانية من دون أن تتحرك سوريا؟ وما مصير التفاوض مع سوريا برعاية تركيا التي تلوم “إسرائيل” مراراً لأنها تخلف في وعودها؟

2- الحرب على إيران تعني إدخال المنطقة كلها في دائرة الخطر. وتعني أن هذه الحرب الجوية  التي لن ينتج عنها احتلال أراض مجرد تسجيل موقف. وماذا بعدها؟ ألا يتحد العالم الإسلامي في مواجهة “إسرائيل”؟ وإذا كان الموساد قد راهن على التنازع المذهبي والعرقي والطائفي في ديار العرب والمسلمين، كيف سيقبل بخسارة هذه الورقة التي يعتقد بأنها رابحة؟

حتى الآن، لا يعلم المراقبون كيف ستكون ردود الأفعال الإيرانية على أي هجوم “إسرائيلي” بالطائرات أو بالصواريخ. على أن المرشد العام للثورة الإسلامية في إيران السيد علي خامنئي هدد بضرب تل أبيب إذا ما هاجمت “إسرائيل” الأراضي الإيرانية.

ما هو أكيد وسط هذه الجلبة من التوقعات والتحليلات، سعي “إسرائيل” الدائم للتفاوض مع العرب فرادى، أي عدم الربط بين المسارات التفاوضية كما تذهب مبادرة السلام العربية. والأكيد أيضاً أن الحكومة “الإسرائيلية” الحالية لا تدفع ثمن السلام، ولو بالحد الأدنى. والرأي العام “الإسرائيلي” الذي أخذ يميل في العقد الأخير إلى اليمين المشتدد، والأحزاب الدينية المتشددة، غير راغب في اعطاء العرب بعضاً من حقوقهم المشروعة. والخلاصة، هي مزيد من الانتظار تحت ضغطوط الأزمة العالمية التي تعيد ترتيب أحجام وأوزان القوى الدولية.