خبر سفر الفتاة للتعلم بالخارج هل يخالف الشريعة الإسلامية؟

الساعة 09:33 ص|25 نوفمبر 2009

فلسطين اليوم : غزة

أكد الدكتور ماهر السوسي المحاضر ونائب العميد في كلية الشريعة والقانون في الجامعة الإسلامية، أن سفر الفتاة بمفردها للتعلم في الخارج يعتبر نوعا من الفتنة في الدين, وفيه من الخطورة التي يجب عليها تجنبها ".

ولفت إلى اختلاف فقهاء المسلمين وعلمائهم بخصوص حكم سفر الفتاة إلى الخارج من أجل التعلم بمفردها, قائلاً: "اختلفوا على قولين، فهناك من حرم سفر الفتاة علي الإطلاق سواء لتعليم أو لغيره، وهناك من تساهل مع هذا الأمر نوعا ما وأباح سفرها ولكن بمجموعة من الشروط والضوابط التي لو توفرت يمكن القول بعدها يجوز لها السفر".

وتطرق د.السوسي إلى عدة تفصيلات في هذا الشأن, حيث إذا كان سفر الفتاة للتعليم فقد يكون سفرها إلى دول إسلامية أو غير إسلامية، فإن كان إلى الدول الإسلامية "فالأولى الأخذ برأي القائلين  بجواز سفرها بشروط فهنا يكون الأمر أكثر سعة، أما إذا كان سفرها لدول غير إسلامية فيكون نطاق الإباحة أضيق وأقل سعة"، مردفاً" والرأي الذي يجيز سفرها مقرون بمجموعة من الشروط عليها اتباعها، فعليها أن تكون ملتزمة بأحكام دينها وآدابه، وستر عورتها, وأن تكون على درجة كبيرة من الوعي بأحكام هذا الدين، وعليها أن تكون مع رفقة مأمونة من النساء الموثوق في دينهن وخلقهن".

وأكد على أن يكون سفرها للتعليم لحاجة ملحة, كأن يكون غير متوفر في البلد الذي تقطنه, فإذا كان مجال التخصص الذي ستسافر الفتاة لتعلمه متوفر في بلدها والناس ليسوا بحاجة له، أو أن يكون ليس لضرورة ملحّة فلا يباح لها أن تسافر، أما إذا كان الناس يحتاجون إلى هذا التخصص الذي ستسافر من أجل دراسته, ولا يوجد من يقوم مقامها في هذا الأمر، فيمكن القول بإباحة السفر".  

ونوّه إلى ضرورة أن يكون برفقتها محرم كشرط لإباحة السفر، بالإضافة إلى الشروط السابقة, أو أن يكون بصحبتها مجموعة من النساء الثقات,وأنه من الأفضل أن يكون معها محرم وتلتزم بالشروط، فيكون سفرها مباحاً مطلقاً, ولكن إن لم يتوفر المحرم فلا بد من توافر الشروط السابقة والتزامها بها.

 

الضرورات تبيح المحظورات

وشدد د.السوسي على أهمية الضرورة التي تستوجب على الفتاة السفر للخارج باعتبارها قاعدة نظمها الشرع ووضع لها شروطها، وأن الضرورة تعني هو أن تكون الأمة بحاجة إلى التخصص بحيث لا يوجد بديل عنه، وقد تتضرر أو تتعطل مصالح الناس إذا لم يكن هناك من يحمل مثل هذا التخصص، أو لو لم يكن هناك من يستطيع من الرجال أن يقوم مقام المرأة في حمله.

وفيما يتعلق بسكن الفتاة في بيوت الطالبات حال سافرت إلى الخارج بسبب ضرورة ملحة, تابع: "فهنا يجوز لها السكن في بيوت الطالبات ولكن بشرط أن يكون معها محرم, أو أن يكون السكن مع طالبات يتدين بدينها وعلى قدر من الخلق والدين، وأن يلتزمن بأحكام الإسلام وآدابه, وخصوصاً ستر العورة والالتزام بالواجبات والفرائض".

 

مع اشتداد الحملة المسعورة

وأضاف أن الشروط السابقة والتشديد عليها وعلى أن يكون برفقتها محرم, أقرها العلماء من أجل النأي بالفتاة عن المخاطر التي قد تقع فيها عند السفر, خاصة في الدول غير الإسلامية، مؤكداً أهمية إدراكها لكيفية دفع هذه المخاطر التي قد تواجهها.

وقال:" وهنا يأتي دور الجاليات العربية والإسلامية الموجودة في شتى أنحاء الدول الغربية بان تكون هي الحاضن والراعي لمثل هؤلاء الفتيات اللاتي يسافرن للخارج، والدور الأهم يكمن في حماية وإيواء هؤلاء الفتيات وتوعيتهن بطبيعة المجتمع الذي سافرن إليه, وبكيفية التعامل مع الناس.

 

تجنباً للفتنة ومغريات الحياة

وبيّن أنه على الفتاة أو الرجل المسافرين إلى الخارج للتعلم أن يحصنوا أنفسهم من كل ما يؤدي إلى الفتنة أو إلى إثارة الشهوة، وعن كل ما يسبب لهم الضعف أمام وسوسة الشيطان ومغريات الحياة لقول الله تعالى (وخلق الإنسان ضعيفا)، موضحاً أن الضعف المشار عليه في هذه الآية لا يعني ضعف الجسد، بل إن المقصود هنا هو الضعف النفسي, عندما يضعف الإنسان أمام مغريات الحياة ومفاتنها, وهو ما يصدقه قول الله تعالى (زيّن للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة).

وأردف قائلاً: "إن المسلم يمكنه الصمود أمام هذه المغيرات إذا تحصن بالإيمان بالله سبحانه وتعالى، وإذا تزود بجرعة وافية من تقوى الله والخوف منه, وبأن يتذكر دائماً بأنه معروض على الله وموقوف بين يديه وسيحاسب على كل صغيرة وكبيرة تصدر عنه، فبذلك يقي نفسه من الفتن خاصة إذا نشا وفق تربية إسلامية صحيحة وشب على ذلك".