خبر كيف اصبحنا ظلاما للاغيار -هآرتس

الساعة 11:13 ص|24 نوفمبر 2009

بقلم: يوئيل ماركوس

 (المضمون: كانت اسرائيل بعد انشائها بعقود نورا للاغيار فاصبحت اليوم معيبة منددا بها. كيف حدث ذلك وكيف يجب الخروج من ذلك - المصدر).

ان رئيس الحكومة الاول، دافيد بن غوريون، هو الذي افرد لدولة اسرائيل هدف ان تكون نورا للاغيار. ان القوى العظمى، التي لم تحرك ساكنا للقضاء على معسكرات الابادة في الحرب العالمية الثانية، لم تقبل فقط بتشجيع انشاء دولة يهودية، بل اجلت شجاعتها عندما صدت هجوم الدول العربية.

أتى صحفيون مشهورون من الخارج ها هنا ليصفوا بكلمات حارة قتال داود جوليات. المهاجرون الشبان الذين انزلوا مباشرة من السفن الى ميادين القتال، والمتطوعون اليهود الذين أتوا ليساعدوا في انشاء الدولة التي حاربت عن حياتها. وفي مقابلة ذلك، كراهية العرب الذين رفضوا بحماقتهم التوصل الى تسويات سلمية مع اسرائيل. بعقب حظيت اسرائيل في اتفاقات رودس بمناطق اكبر مما خصصها لها قرار الامم المتحدة في التاسع والعشرين من تشرين الثاني.

        الموجة الثانية من التأثر باسرائيل سببتها سرعة ضربها للجيوش العربية في حرب 1967. وحرب الايام الستة تدرس في المعاهد العسكرية في العالم كله، ووصفت وسائل الاعلام العالمية المعركة مرة اخرى على انها حرب داود لجوليات. بينت اسرائيل انها ليست في خطر ابادة، كما اعتاد مجندو اموالها في امريكا الزعم.

        لكن التأثر بالعظمة الاسرائيلية اصبح بالتدريج معابة للظواهر التي تصحب الاحتلال الطويل. لا تتكلم العبرية في اماكن عامة في الخارج، هكذا ينصحون السياح في اوروبا. لقد مرت الايام التي كانوا يسألوننا فيها اي لغة تتلكمون، وكنا نجيب باعتزاز "العبرية".

        ان القوة العسكرية والاستعمال غير المراقب لها قلب معادلة داود ازاء جوليات لصالح الفلسطينيين. فلم تعد اسرائيل توصف بانها معرضة لخطر ابادة، بل انها دولة قوية تستعمل القوة والسيطرة كما عرفها ديغول. استقبل رئيس الدولة شمعون بيرس في الارجنتين وفي البرازيل بمظاهرات عدائية. وفي دول كثيرة يقاطعون منتوجات اسرائيل، ويتلقى محاضرون في كل حرم جامعي في العالم الغربي صيحات تنديد. ان ايهود اولمرت، الذي كان في حملة محاضرات في الولايات المتحدة في المدة الاخيرة، كاد يلقى في كل منتدى تقريبا صيحات من نوع "انتم قتلة اطفال".

        ان اكثر الاشياء اقلاقا ما يحدث داخل الجامعات في الولايات المتحدة، التي اصبحت رويدا رويدا مشايعة للفلسطينيين معادية للاسرائيليين. وهذا خطر لان قادة امريكا في المستقبل ينشأون من هناك. ليس ذلك لدوافع معادية للسامية كما يزعم مقاولونا السياسيون. ان زعم معاداة السامية هو ملاذ المحتل على وزن تعبير ان الشعور الوطني هو ملاذ الوغد.

        اخذ موضوع السيطرة على المناطق يجبي من اسرائيل ثمنا باهظا في مجال السلوك. فمن جهة علاقة بهيمية نحو الفلسطينيين؛ ومن جهة اخرى الشكوك المتعاظم عند جنودنا هل يخرجون في مهمات في مواجهة مستوطنين. لا يهم احدا اليوم كيف دفعنا الى حرب 1967 وكيف نجونا بطلوع الروح من حرب يوم الغفران، وكيف استمر الارهاب الفلسطيني وكانت انتفاضة بعد انتفاضة برغم السلام مع مصر والاردن.

        تحولت اسرائيل من دولة نور للاغيار الى دولة معيبة معزولة. لا يندد مجلس الام بأحمدي نجاد الذي يعلن بنية القضاء على اسرائيل. اما اسرائيل التي تحارب عن وجودها منذ ستة عقود فتبدو اكثر الدول تنديدا بها وعيبا عليها على وجه البسيطة.

        منذ "الرصاص المصبوب" يخاطر ضباط الجيش الاسرائيلي الكبار عندما يحطون في المطارات الدولية. قال موشيه آرنس في الاسبوع الماضي، انه افضل ان يوجد وزير دفاع مدني لكن هذا لا يعني ان كل غبي يمكن ان يصبح وزيرا للدفاع. اصيب بذلك عمير بيرتس برغم انه لم يذكر اسما. في مقابلة ذلك، فان رئيس اركان متقاعدا، يرى الحلول المطلوبة لمشكلات الدولة برد عسكري زائد، ليس هو بالضرورة وزير دفاع مثاليا. ليس عرضا انه لا يستطيع في الولايات المتحدة ضابط رفيع المستوى متقاعد سواء أكان جنرالا أم ادميرالا ان يلي وزارة الدفاع مدة 10 سنين بعد تسريحه من الخدمة.

        قبل ان نحشر أنوفنا في مشكلات حصول ايران على القدرة الذرية وهو مصدر قلق دولي، يفضل ان تبحث الحكومة كيف وصلنا الى ما وصلنا اليه، فلم نعد نورا للاغيار، وما الذي يجب فعله لوقف سقوط صورتنا في العالم قبل ان يصبح الامر متأخرا جدا.