خبر السفير الجديد -يديعوت

الساعة 11:12 ص|24 نوفمبر 2009

سبعة في اعقاب القاهرة

بقلم: سمدار بيري

احد ما قديم جدا في مصر رأى وسمع ورافق كل الازمات، الهبوطات الساحقة وبشائر النور التي برزت في العلاقات بين القدس والقاهرة يصف سفيرنا عندهم بكلمة واحدة: "ملك". انظروا اليه، يحيطونه بحزام أمني سميك (مثلما يحيطون مبارك)، يتابعونه، لديه منزل فاخر مدلل، وطاقم من العاملين.

في هذه النقطة، عمليا، تنتهي المقارنة. السفير محروس حقا، ليس لديه لحظة من الخصوصية، ونشاطه يحظى باهتمام عن كثب (بالعيون وبالاذان)، ولكن بالاجمال يدور الحديث عن ابحار في محور سير مغلق. لا مكان ولا سبب يدعونا الى حسد حياته الطيبة، يعني، كما يقولون. للدبلوماسي الاسرائيلي رقم 1 في مصر من الصعب جدا ان يخرج عن دائرة المعارف، بل واصعب من ذلك، بصفته رمز الخير وبالاساس رمز الشر، ان يفكك حواجز العداء.

اذا لم يكن يكفي تعريفه المنصب في القاهرة بأنه مكانا صعبا للخدمة، فان فوق رأس السفير تحوم هواتف من مكتب رئيس الوزراء في القدس مباشرة الى القصر الرئاسي، ومن اجهزة الاستخبارات والأمن الى مقر المخابرات. السفير، مثلما في قصص الزوج ذي القرون، ينبغي ان يتخذ وسائل ملتوية كي يخمن من يقف ينزل خلف ظهره في طائرة خاصة دون ان يبلغه بذلك، من سيسرب برقيات سرية او من سيتجاوزه في الجولة الى مكتب الجنرال عمر سليمان.

ومع ذلك، سبعة افراد تنافسوا هذا الاسبوع على المنصب في مصر، خمسة رجال وامرأتان قديمتان في وزارة الخارجية. كلهم، باستثناء المرشح الفائز، سفيرنا الجديد في القاهرة اسحاق لبانون لديهم "ماضي مصري" من فترة خدمات سابقة. كل واحد منهم يعرف قواعد اللعب، العزلة المفروضة، التوبيخات التي سيتلقاها في وزارة الخارجية المصرية، الاحتجاجات التي سترسل اليه بعبارات لاذعة، وبالاساس ما يفكر به وزير الخارجية المصري عن نظيره عندنا، افيغدور ليبرمان.

ماذا ينبغي لنا ان نتعلم من هذه الصفحة الطويلة؟ اولا، ان الوظائف المنشودة حقا مشغولة بقوة خلف البحر او اغلقت مسبقا للسنوات القريبة القادمة. موضوع آخر، ان المنصب في القاهرة لا يزال يعتبر تحديا مهنيا (ولكن ليس خشبة قفز للصعود في السلم!) وكل من يخرج الى هناك واثق بينه وبين نفسه بأنه هو الذي سيكون من ينجح في اقتحام الدوائر المغلقة للمقاطعة، ولا سيما من جانب الاتحادات المهنية التي تفرض اجواء من الخوف وتهديد بمعاقبة كل من يمسك به في علاقات طبيعية مع رموز اسرائيل في مصر.

على فرض ان مصر ستصادق، حسب البروتوكول الدبلوماسي على السفير التاسع، فان بانتظار الدبلوماسي القديم لبانون فترة غير بسيطة ولكنها مشوقة. فمن جهة سيتعين عليه ان يتصدى لما رتبه له خصومه على المنصب حين لمن يسمحوا له بأن يتنفس حتى ولو للحظة بعد التعيين وسارعوا الى كشف تاريخه العائلي. من كانوا يعرفون وصادقوا على التعيين كان بوسعهم ان يخمنوا بأن "ابن برل"، القضية الامنية المثيرة للخيال قبل خمسين سنة ستنشر عندنا حتى قبل ان يبدأ برزم حقائبه. اذا كان هناك من يرى في التعيين اغلاقا لدائرة، فان بوسع اخرين ان يقسموا بأنهم سينظرون اليه نظرة نكراء، ووسائل اعلام في القاهرة تعد له منذ الان استقبالا ساما.

من جهة اخرى، فان السفير القادم من المتوقع ان يرافق عن كثب الاستعداد لتبادل الحكم في الدولة العربية الاكبر والاهم. في 30 سنة من اتفاق السلام نحن نعيش ونتنفس مبارك، تعلمنا كيف نحبه، اشرنا اليه عندنا كحارس للسلام. ولكنه عندما يوبخنا، لا ننصت اليه دوما.

على مدى السنين تحدثنا عاليا عن احلام السلام وترددنا داخل اسوار الرفض. ومع اليد على القلب يمكن لنا ان نعترف بأن الاخطاء والاستخفاف الظاهر لم تكن احتكارا للطرف الاخر، وبالاجمال، لا يحق للطرفين ان يلصقا بأنفسهما أجنحة الملائكة.

نوصي السفير الذي ينطلق الى مصر بالصبر، بالتفاؤل، ومرة اخرى بالصبر.