خبر « مخربون » مع دم حتى الاذنين .. يديعوت

الساعة 10:09 ص|23 نوفمبر 2009

بقلم: اليكس فيشمان

لا يدور الحديث هنا عن صفقة تحرير سجناء مع دم على الايدي مقابل تحرير جلعاد شليت من الاسر. يدور الحديث عن تحرير سجناء ينغمسون بالدم حتى الاذنين.

في القائمة الاصلية لحماس، التي ردتها في حينه حكومة اولمرت، ظهر 125 سجينا كهؤلاء قالت دولة اسرائيل عنهم: على جثتي، لن يتحرروا ابدا. بينهم القتلة الذين خططوا للعمليات في مطعم متسا في حيفا، في فندق باراك، في الدولفيناريوم، في مقهى مومنت في سبارو وكثيرين اخرين غيرهم يفترض ان يبقوا في السجن حتى يوم موتهم.

يدور الحديث عن تحرير بضع عشرات من المخربين الثقيلين الذين حكموا لبضعة مؤبدات لكل منهم، نفذوا عمليات في غاية الفظاعة. هكذا بحيث ان المعضلة التي يقف امامها اليوم رئيس الوزراء نتنياهو ووزراؤه هي ذات المعضلة: هل دولة اسرائيل مستعدة لتحرير قتلة، بعضهم هم قادة عسكريون يشكلون رموزا وطنية ونماذج للاقتداء في اوساط التيارات الفلسطينية الاكثر تطرفا: أناس تحريرهم سيمنح أملا لكل قاتل محتمل وينقل رسالة واضحة: يمكن قتل اليهود. اذ في النهاية احد ما سيحررك.

حتى لو كان الوسيط الالماني ساحرا؛ حتى لو كان يجلس في هذه اللحظات حقا مع مندوبنا للمفاوضات ينجح في التقريب بين مواقف الطرفين وتربيع المدور، فان صيغة صفقة شليت كما تنشر هذه الايام في الصحف العربية تبقى في اساسها ذات الصيغة من عهد اولمرت. كيفما نظرنا الى هذا، فان اسرائيل ستحرر 1400 سجينا مقابل جلعاد شليت: 450 حسب قائمة حماس، 550 اخرين كبادرة طيبة لابو مازن والرئيس المصري مبارك و 400 اخرين، فتيان سجناء واعضاء برلمان يمكثون قيد الاعتقال الاداري.

وهذه هي المعضلة الثانية التي وقفة وتقف امامها اليوم السباعية الوزارية التي تبحث في قضية شليت: هل هذا هو الثمن الذي تحتاجه اسرائيل، يمكنها ان وتريد ان تدفعه في ضوء اهمال اذرع الامن لديها والتي على مدى ثلاث سنوات لم تتمكن من ان تضع يدها على معلومة يمكنها ان تؤيد الى تحرير شليت.

وزير الدفاع شكل لجنة كي تقرر قواعد بموجبها يفترض باسرائيل ان تتصرف في الاختطاف القادم. استنتاجات اللجنة تقضي بأنه في صفقة التبادل القادمة ستحرر اسرائيل سجينا مقابل سجين. بتعبير اخر، تقضي اللجنة بأن صفقة شليت ليست مناسبة. غير ان ليس لاستنتاجات هذه اللجنة أي اهمية – لا في الحاضر ولا في المستقبل – وذلك لان صفقة شليت ستكون الاساس لكل مفاوضات مستقبلية. تماما مثلما تبنى صفقة شليت على اساس سابقة صفقة جبريل في 1985 وصفقة تننباوم في 2004. في صفقة جبريل اعيد ثلاثة جنود مقابل 1150، 600 منهم مع دم على الايدي. في صفقة تتنباوم حرر 400 فلسطيني.

المعضلة الثالثة مميزة لعصر نتنياهو. اذا ما نفذ تحرير جماعي للسجناء الفلسطينيين حسب الصيغة التي نشرتها مصادر اجنبية، يمكن لابو مازن ان يضع المفاتيح على طاولة المقاطعة في رام الله. في هذه الصفقة تحكم حكومة اسرائيل بالاعدام على حكومة ابو مازن الامر الذي يمكنه ان يؤدي في الحالة الاسوأ الى فوضى في المناطق وفي الحالة الافضل الى نشوء التيارات المتطرفة في فتح والتي تعتقد على أي حال بأن لا معنى للحديث مع اسرائيل وان العنف مجد.

لتعويض ابو مازن وفي محاولة للحفاظ على حكمه بعد هذه الضربة المعنوية يتعين عليهم عندنا ان يفكروا بشيء على نمط جائزة اسرائيل: تحرير مئات عديدة من سجناء فتح في صالحه، توسيع مساحة الاراضي التي تسيطر عليها السلطة بنسب ذات مغزى، وقف دراماتيكي للبناء في المستوطنات وما شابه. بتعبير اخر: اعمال انعاش يائسة.

ولم نتحدث بعد عن صورة اسرائيل في العالم بشكل عام وفي العالم العربي بشكل خاص، عن المشاكل المعنوية الداخلية وعن سلسلة اخرى طويلة من المعاضل التي يقف امامها نتنياهو ووزرائه