خبر لبنان: اللاجئون بين تقاعس « الأونروا » وتعنت المسؤولين الفلسطينيين

الساعة 09:10 ص|23 نوفمبر 2009

فلسطين اليوم : بيروت

لم يمر اللاجئ الفلسطيني بمرحلة من القساوة و التشرد بمثل ما يمر به في هذه الأيام، فرغم اللجوء و النزوح، و رغم اتساع الجرح و عمقه كانت تلك الجراح تستصرخ المسؤولين الفلسطينيين على مدى واحد وستون عاما من النكبة المؤلمة للشعب الفلسطيني، فإن الجراح ازدادت وبقي اللاجئ الفلسطيني بين تقاعس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" عن تحمل مسؤولياتها تجاههم في لبنان من حيث التقليص الكبير لخدماتها وانتشار الفساد الفادح في شؤونها، ومن جهة أخرى أمام تعنت المسؤولين السياسيين الفلسطينيين في لبنان عن أداء واجباتهم تجاه اللاجئين والمساهمة في رفع المعاناة عنهم.

سنوات التشرد والاقتلاع من الوطن و اللجوء القسري تزداد مرارة يوما بعد يوم، وتلقي بظلالها حرمانا و قهرا،و ظلما، وألما على كاهل اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات الشتات عامة، ومخيمات لبنان خاصة وفي في ظل ظروف قاسية وصعبة في كافة نواحي الحياة، حياة بؤس وحرمان وظلم لا يراعى فيها الحد الأدنى من مقومات الحياة الإنسانية.

وما يزيد من قساوة العيش في انتظار أن يتحقق حلم العودة إلى الأرض والديار والوطن، الإهمال المتعمد من قبل الوكالة الدولية "الأونروا" التي أنشئت منذ الأيام الأولى للجوء الفلسطيني لتقديم الخدمات والعون للاجئين في التعليم والاستشفاء والطبابة والصحة والإغاثة المعيشية بالإضافة إلى كونها شاهداً حياً على اللجوء الفلسطيني.

فمنذ ما يقارب العشرين عاما المنصرمة بدأت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين" الأونروا" اعتماد سياسة جديدة اتسمت بتقليص خدماتها ـ وبشكل تدريجي وممنهج طال كافة مجالات الخدمات التربوية والتعليمية والاغاثية ـ والتشغيل والتوظيف ـ والاستشفاء والطبابة والخدمات الصحية.

وسنتناول المجال الاستشفائي الطبي كونه يشكل هاجسا مقلقا بالنسبة للاجئين الفلسطينيين في المخيمات والتجمعات التي يقيميون فيها وفي ظل ظروف غاية في الصعوبة والبؤس والحرمان والظلم والنسيان المتعمد.

الاستشفاء والعمليات الجراحية

في مجال الاستشفاء والعمليات الجراحية تقوم " الأونروا " بتغطية نفقات الليالي السريرية " السرير" فقط للمريض وتتنصل من التزاماتها في تغطية تكلفة العمليات الجراحية والأدوية التي يتناولها المريض أثناء فترة مكوثه في المستشفى للاستشفاء ـ وفي بعض الحالات تقوم بدفع ما نسبته 20% من قيمة العلاج، بينما يضطر المريض إلى دفع باقي المبلغ، (أي ما يعادل 80% من قيمة فاتورة الاستشفاء)، قي ظروف لا يكاد يملك المريض قوت يومه فيضطر إلى التسول على أبواب الجمعيات والمؤسسات طلبا لتسديد جزء من فاتورته الاستشفائية، وهناك العشرات من الحالات التي تعاني من هذه السياسة الصحية لـ" الأونروا" .

وفي مجال الفحوصات والتحاليل المخبرية وصور الأشعة بكافة أنواعها تقوم "الأونروا" بتغطية جزء ضئيل من تكلفتها وتترك المريض عرضة لازدياد وتفاقم حالته المرضية نتيجة عدم قدرته تأمين فاتورة استشفائه.

العيادات والاستشفاء اليومي .. (( نموذج مخيم عين الحلوة أكبر مخيمات الشتات في لبنان))

يقطن مخيم عين الحلوة وحسب احصاءات الانروا ما يقارب الـ" 47000 نسمة" بينما في الواقع يتجاوز عدد سكان عين الحلوة والتجمعات الفلسطينية التابعة له الـ" 75000 نسمة" ـ تقوم الوكالة بتقديم الخدمات الاستشفائية لهم عبر عيادتان فقط، تحتويان على قسم رعاية الامومة - عيادة اسنان- مختبر، بينما يوجد في احدى العيادتين قسم للاشعة يقدم خدماته للمنطقة الممتدة من وادي الزينة الى عدلون، يعمل في العيادة الواحدة "3" ثلاثة اطباء يعاينون ما بين ال" 350- 400" مريض يوميا اي ما يفوق ال "100" مرض " حصة الطبيب الواحد من المعاينة، ويتم ذلك في فترة الدوام الرسمي للعيادات الذي يبدأ من الساعة السابعة والنصف صباحا حتى الساعة الثالثة ((هذه العيادات التي هي بحاجة الى عدد من الاداريين والأطباء)) الا ان اللافت وفي بعض الاحيان وفي الايام التي يذهب الاطباء لحضور حلقة نقاش في بيروت فان العيادة الواحدة لا يبقى فيها الا طبيبا واحدا وهذا يكون على حساب وقت وصحة المريض وايضا ارهاقا للطبيب المتواجد في العيادة، الذي لا يمكن له ان يعالج " 300 مريض " أو أكثر.

أدوية الأمراض المزمنة

إن الضغط الاقتصادي والنفسي وسوء الاعتناء بالصحة البيئية من قبل الوكالة ، ساهم في تفشي الكثير من الأمراض داخل المخيمات ـ كضيق التنفس والربو ـ الحساسية ـ الضغط، القلب والشرايين، والأعصاب ـ مما يستوجب عناية خاصة بهذه الحالات وتأمين كافة الأدوية ومستلزمات الاستشفاء، إلا أن أبسط مقومات الاستشفاء للمرضى بشكل عام غير متوفرة بشكل دائم، فالأدوية ومنذ الأيام الأولى من النصف الثاني للشهر تبدأ بالنفاذ والانقطاع من صيدليات العيادات، أما أدوية الأمراض المستعصية والمزمنة فإنها غير متوفرة في صيدليات عيادات الوكالة بشكل منتظم وتنقطع في كثير من الأحيان إلى شهور(( تصل إلى ثلاثة شهور أحيانا)) تحت ذريعة أنها يتم طلبها من المستودعات الرئيسية لـ"الأونروا" في عمان لعدم توفرها في مستودعات الأدوية التابعة لـ"الأونروا" في لبنان، هذا الانقطاع للأدوية وعدم تأمينها بشكل منتظم للمرضى انعكس سلبا على حياة المرضى وشكل خطرا حقيقيا على حياتهم وصحتهم فاضطر بعض المرضى للجوء الى المؤسسات الانسانية لتأمين جزء من الادوية واضطر اخرون الى التسول من اجل تامين ادويتهم.

وحسب ما سرد لدينا نلاحظ أن الوكالة لا تقدم خدمات كما يجب للاجئين الفلسطينيين، بل هي تعتمد سياسة التقليص وفي كافة المجالات، فالاستشفاء وعلى سبيل المثال لا الحصر لا تتعاطى معه الوكالة بشكل جيد فالأدوية التي تؤمنها لا تتناسب مع المواصفات الطبية الدولية ، وعدد الاطباء في العيادات لا يتناسب مع عدد السكان، كما وتتقاعس الوكالة عن مرضى غسيل الكلى و لا تقدم لهم اي من انواع الاستشفاء، وتمتنع كذلك عن تقديم اي نوع من انواع الاستشفاء للمضاعفات التي تحدث للمريض اثناء خضوعه لعملية غسيل الكلى، اما عمليات تميل القلب" القسطرة " ترفض الوكالة رفضا قاطعا تقديم اية مساعدة او مساهمة للمرضى الذين يخضعون لمثل هذه العمليات.

أما بالنسبة للتعاقد مع مستشفى صيدا الحكومي " وهو ملاصق لمخيم عين الحلوة" فان الانروا اجرت تعاقدا مع المستشفى فقط في حالات الاطفال حديثي الولادة وحالات الولادة للمرة الأولى.

وفيما يخص اللاجئون الفلسطينيون من فئة N. R وفاقدي الاوراق الثبوتية قد تخلت الوكالة عنهما تماما ولا تقدم لهم أيا خدمات تذكر وبخصوص التعاقد مع مستشفى الهمشري لقد قلصت الوكالة عدد الليالي السريرية في المستشفى من 10 إلى 50 ليلة  أي 1000 ليلية سريريه في الشهر ، وما أدراك ما مستشفى الهمشري.

وعن مرضى العيون في حال تم وصف نظارات طبية من قبل الطبيب وكانوا من منطقة الجنوب ابتدأ من منطقة وادي الزينة الى منطقة صور ينبغي عليهم الذهاب إلى منطقة صور من اجل تامين النظارات الطبية، وذلك بسبب أن الوكالة متعاقدة مع محل واحد فقط لبيع النظارات ويقع في مدينة صور ((امين سر اللجنة الشعبية لمخيم عين الحلوة أبو المعتصم)).

الصحة والبيئة

ثمانون الف لاجئ فلسطيني يقطنون في مخيم عين الحلوة والتجمعات المحيطة به يواجهون كارثة بيئية حقيقية، اذ لا يوجد سوى 45 عامل تنظيفات يقومون بالعمل على جمع القمامة والنظافة في المخيم، بينما قانون الانروا ينص على ان كل 1000 نسمة يتم توظيف عامل نظافة واحد لها، بينما تتنصل الوكالة من تقديم اي نوع من الخدمات للتجمعات الفلسطينية المحيطة والمتداخلة مع المخيم تحت ذريعة ان هذه خارج نطاق عمل "الأنروا" وإنها لم تعد كالسابق تعتني بعملية رش المبيدات المضادة للقوارض والحشرات ".

وعن شبكة المياه في مخيم عين الحلوة أصبحت قديمة ومتهرئة وقريبة من شبكة الصرف الصحي والتي هي بدورها تعاني من اهتراء وتلف كبير مما أدى إلى تسرب مياه الصرف الصحي الى شبكة مياه الشرب وتلوثها مما يشكل خطرا على صحة كل من يستعمل هذه الشبكة.

إن ما ورد ذكره لا يمثل إلا الجزء الضئيل من معاناة اللاجئ الفلسطيني مع " الأونروا" ويبقى السؤال الذي  يقلق اللاجئين الفلسطينيين من المعني بنا في تقديم الخدمات ؟؟!.