خبر الأسرى بغزة:« 370 طفلاً في سجون الاحتلال يفتقرون إلى الحد الأدنى من مقومات الحياة »

الساعة 08:46 ص|22 نوفمبر 2009

الأسرى بغزة:"370 طفلاً في سجون الاحتلال يفتقرون إلى الحد الأدنى من مقومات الحياة"

فلسطين اليوم- غزة

كثيرة هي الشواهد التي تدين ذلك الاحتلال، وتظهر بشكل واضح أنه يدعى كذباً مراعاة حقوق الإنسان والالتزام بالمواثيق الدولية فيما يتعلق بالأطفال وحقوقهم ومراعاة ظروفهم كقاصرين، يجب أن يتم معاملتهم معاملة إنسانية تخلو من العنف والقوة.

 

وليس أخراً ما حدث للطفل " حسام فيصل مهنا " الذي لم يتجاوز من العمر أعوامه العشرة من بلدة دير الغصون شمال مدينة طولكرم، حيث لا يزال يعيش الصدمة بعد مرور عدة أيام على الاعتداء الوحشي الذي تعرض له من قبل قوات الاحتلال، ولم يجد بكاء حسام الشديد واستنجاده بأي إنسان صدى عند أولئك الجنود المجرمين الذين انهالوا عليه بالضرب، بعد اعتقاله وتكبيل يديه من الخلف ووضع عصبه على عينيه، واحتجازه لمدة 10 ساعات في مكان نائى، مرت عليه كأنها عشر سنين جراء الخوف الشديد والبرد والجوع والعطش الذي كان يشعر بهما في نفس الوقت، حتى أنها تركت آثار نفسية سلبية عليه كالفزع أثناء النوم، والخوف الدائم والرعب والشعور بآلام بجسده.

 

وقد علقت وزارة الأسرى والمحررين بغزة في تقرير لدائرتها الإعلامية بمناسبة يوم الطفل العالمي، على أوضاع الأسرى الأطفال في السجون والانتهاكات التي يتعرضون لها من قبل سلطات الاحتلال بأن ما حدث للطفل "مهنا" يحدث يوميا ًمع العديد من الأطفال الفلسطينيين وهى جزء بسيط من الاعتداءات وأساليب التعذيب التي يتعرض لها الأسرى الأطفال طوال سنوات الاحتلال، ولكنها ازدادت ضراوة بعد اندلاع انتفاضة الأقصى حيث يتعامل الاحتلال مع الأطفال كمخربين وارها بين فتذيقهم اقسي أصناف التعذيب والإهانة والتنكيل.

 

وقال رياض الأشقر مدير الدائرة الإعلامية بالوزارة فى تقرير خاص بمناسبة يوم الطفل العالمي الذي يصادف العشرين من نوفمبر بان الاحتلال يحتجز في سجونه ما يزيد عن 370 طفلاً ما دون الـ18 عاماً، في ظروف لا إنسانية وقاسية ويحرمهم من كافة حقوقهم، ويسومهم كل أصناف العذاب والمعاملة القاسية والمهينة من ضرب وشبح وحرمان من النوم ومن الطعام، وتهديد وشتائم، وحرمان من الزيارة، ويستخدم معهم أبشع الوسائل النفسية والبدنية لانتزاع الاعترافات، والضغط عليهم لتجنيدهم للعمل لصالح المخابرات الإسرائيلية.

 

ظروف قاسية

وأوضح الأشقر، بأن سلطات الاحتلال اعتقلت خلال انتفاضة الأقصى ما يزيد عن (7500) طفل ، 85% منهم طلاب مدارس، يعيش معظمهم في سجن ريمونيم الجديد وذلك بعد إغلاق قسم الأحداث في سجن هشارون إضافة إلى سجن مجدو والنقب، التي تعتبر من أسوء السجون، حيث تفتقر إلى الحد الأدنى من المقومات الإنسانية والصحية، فهم يعيشون في غرف لا تتعدى مساحة الواحدة منها 20 متراً مربعاً، حتى أنّ بعض الأسرى شبّه هذه الغرف بعلب السردين والمقابر.

 

ويعاني الأطفال الأسرى من ظروف احتجاز قاسية وغير إنسانية تفتقر للحد الأدنى من المعايير الدولية لحقوق الأطفال وحقوق الأسرى.  فهم يعانون من نقص الطعام ورداءته، وانعدام النظافة، وانتشار الحشرات، والاكتظاظ، والاحتجاز في غرف لا يتوفر فيه هوية وإنارة مناسبتين، والإهمال الطبي وانعدام الرعاية الصحية، نقص الملابس، عدم توفر وسائل اللعب والترفيه والتسلية، الانقطاع عن العالم الخارجي، الحرمان من زيارة الأهل والمحامي، عدم توفر مرشدين وأخصائيين نفسيين، الاحتجاز مع البالغين، الاحتجاز مع أطفال جنائيين إسرائيليين، الإساءة اللفظية والضرب والعزل، والتفتيش العاري، والعقوبات الجماعية وتفتيش الغرف ومصادرة الممتلكات الخاصة ، وكثرة التنقل ، والحرمان من الفورة للعقاب . كما أن الأطفال محرومون من حقهم في التعلم، واستخدام المكتبة ، بالإضافة إلى أن سلطات الاحتلال اتخذت من قضايا الأسرى الأطفال مورداً للدخل من خلال استمرار سياسة فرض الغرامات المالية الجائرة والباهظة عليهم من خلال قاعات المحاكم العسكرية الإسرائيلية، وخاصة في محكمتي "عوفر" و"سالم" ، التي تحولت إلى سوق لابتزاز ونهب الأسرى وذويهم، فلا يكاد يخلو حكم إلا برفقه غرامة مالية قد تصل إلى 10 آلاف شيكل، الأمر الذي أرهق كاهل عائلاتهم في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة أصلا في الأراضي الفلسطينية

 

أثار نفسية

وبين الأشقر بأنه نتيجة تلك الظرف القاسية إلى يوضع بها الأطفال ، فان معاناتهم لا تقتصر على فترة وجودهم في السجن، بل تتعداها لمرحلة ما بعد السجن ، حيث أن الأطفال يخرجون من السجن وهم في حالة نفسية مقلقة تنعكس بشكل خطير علي حياتهم، ، ناهيك عن الكوابيس التي تلاحقهم خلال النوم، وعدم القدرة على ضبط الانفعال، وعدم القدرة على التركيز ، ومشكلة التبول اللاإرادي نتيجة الخوف الذي يرافقهم لفترة طويلة بعد التحرر .

 

ولكن أخطر ما في الأمر هو عدم قدرة العديد من هؤلاء الأطفال المحررين على الاندماج في المجتمع ،والعودة إلى الحياة الطبيعية كما كانوا قبل الاعتقال، فيميلون إلى العزلة والوحدة ، ويصبحوا عدوانيين جراء هذا الوضع الجديد ، وكذلك يجد الأطفال الذين يقضون عدة سنوات في السجن صعوبة في العودة إلى مقاعد الدراسة لشعورهم بالحرج من التواجد في الصفوف مع أطفال يصغرونهم سنّا بعدة سنوات .

 

محاكم خاصة

وأكدت وزارة الأسرى بان الاحتلال يخضع الأسرى الأطفال إلى محاكم مخصصة للكبار منذ عشرات السنين،بشكل يخالف القانون الدولي ويفرض عليهم أحكام قاسية مجحفة لا تتناسب مع سنهم أو حجم الفعل الذي ينفذونه ، والذي غالباً ما يكون إلقاء حجارة على قوات الاحتلال ، إلا أن الاحتلال أعلن وبشكل مفاجئ قبل ثلاثة شهور عن تشكيل محاكم خاصة بالأطفال الفلسطينيين لمراعاة ظروفهم ،وانه بدء العمل بها قبل عدة أيام.

 

واعتبرت الوزارة هذا الادعاء مجرد تضليل للرأي العام ، ومحاولة لتجميل صورة الاحتلال القبيحة ، وإقناع العالم بأنه دولة ديمقراطية تراعى حقوق الانسان فيما يتعلق بهذا الجانب ، إلا أن هذه المحاكم العسكرية لا تختلف عن سابقاتها شيئاً ولم يجرى الاحتلال عليها اى تعديل أو تغيير أو سن قوانين جديدة لمراعاة ظروف الأطفال الأسرى ، كما أنها كغيرها تأتمر بقرارات جهاز المخابرات التى يملى عليها الملفات السرية والتهم وبالتالي يقترح عليها الأحكام المناسبة من وجهه نظره، وهذا يجعل الخطوة الإسرائيلية بتشكيل محاكم خاصة بالأطفال فارغة المضمون ، وتأكيد على نهج الاستهتار بالقانون الدولي فهذه المحاكم لم تلتزم بالسن الذي حددته المواثيق الإنسانية للقاصر ألا وهو اقل من 18 عاماً ، وكذلك لم تعتمد آليات جديدة للتعامل مع الأسرى الأطفال ، وخلاصة القول ان هذه المحاكم ما هي إلا إضافة رقمية فقط للعديد من المحاكم الذي أنشاها الاحتلال للزج بالفلسطينيين لسنوات طويلة خلف القضبان.

 

مخالف للقوانين

وأشارت الوزارة إلى أنه على الرغم من أن الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وتحديداً اتفاقية حقوق الطفل، شددت على ضرورة توفير الحماية للأطفال ولحياتهم وتوفير فرص النماء والنمو، وقيّدت هذه المواثيق سلب الأطفال حريتهم، وجعلت منه "الملاذ الأخير ولأقصر فترة ممكنة"، إلا أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي جعلت من قتل الأطفال الفلسطينيين واعتقالهم الخيار الأول ، بأنه بعد أن كثّفت قوات الاحتلال الإسرائيلي من عمليات اعتقال الأطفال الفلسطينيين خلال انتفاضة الأقصى، كما أن العقوبة التي يخضع لها الأطفال الأسرى تزداد بشكل مستمر، ما يشير إلى توجه عام نحو تكريس سياسة اعتقال الأطفال ومحاكمتهم بأحكام كبيرة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، وغالباً ما يتم الاعتقال على خلفية إلقاء الحجارة أو التظاهر ضد جنود الاحتلال الإسرائيلي.

 

وعن طرق الاعتقال أفاد التقرير بان الأطفال غالباً ما يعتقلون من الشارع وذلك أثناء تواجدهم في الشارع للعب أو الوقوف مع أترابهم، أو أثناء التظاهرات، أو أثناء توجه الأطفال إلى المدارس،أو خروجهم من المدارس حيث تنتظرهم دوريات الاحتلال على أبواب المدارس لاعتقالهم ، وكذلك يعتقل الأطفال من بيوتهم وفي منتصف الليل، إذ يقوم عدد كبير من الجنود الإسرائيليين المدججين بالأسلحة والعتاد باقتحام بيوتهم بقوة، وبتفتيش منازلهم، والعبث بمحتوياتها،. ثم يتم عصب أعينهم وتقييد أيديهم ونقلهم إلى أماكن الاستجواب والتحقيق معهم على هذه الحالة ودون أية فرصة للنوم أو تناول الطعام أو الذهاب للحمام، وكذلك تعتقل سلطات الاحتلال الأطفال عن الحواجز العسكرية، حيث توضع أسماء الأطفال المطلوبين على قوائم عند نقاط التفتيش أو المعابر الحدودية، ولا يعلم هؤلاء الأطفال أن أسماءهم موجودة على الحواجز، حيث يتم اعتقالهم بمجرد معرفة اقترابهم من الحاجز، فتعصب أعينهم، وتقيد أيديهم انتظاراً للترحيل ومن ثم التحقيق.

 

وناشدت الوزارة المنظمات الدولية المعنية بالأطفال ،والصليب الأحمر بتحمل مسؤولياتها ، وإلزام الاحتلال بتطبيق المواثيق والاتفاقيات الخاصة بالأطفال  لوضع حدّ لمعاناتهم المتفاقمة بشكل يومي.