خبر هل ستعود إسرائيل لاستبدال « خارطة طريق الدبلوماسية » بحربٍ عدوانية؟!

الساعة 08:07 ص|21 نوفمبر 2009

فلسطين اليوم : القدس المحتلة

يرى المختصون والمتتبعون للشأن الإسرائيلي، أن إسرائيل ستقدم على حرب لاسيما وأنها حصلت خلال الفترة الماضية على العديد من صنوف الأسلحة الهجومية المتطورة، وعلى وجه الخصوص طائرات "إف "35 الأمريكية الصنع، مع المزيد من طائرات الهليكوبتر الهجومية وذلك منذ الأشهر التي سبقت حرب صيف 2006م على الجنوب اللبناني وحتى الآن.

كما وأن مشاركة الجيش الإسرائيلي في العديد من المناورات والتدريبات العسكرية الميدانية المكثَّفَة، والتي شملت التعرف على مسارح المواجهة المحتملة، التدريب على استخدام الأسلحة المتطورة، إضافةً إلى عملية إجلاء المدنيين وحمايتهم من خطر الأسلحة الهجومية الفتّاكة، خير شاهد على أن إسرائيل ستتسمر بنفسها العدواني.

وفي إطار التدقيق وفق الاعتبارات المتعلقة بتحليل مضمون التقارير والتسريبات والبحوث الواردة بواسطة مراكز الدراسات الإسرائيلية الرئيسية مثل (معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي التابع لجامعة "تل أبيب"، ومركز "أورشليم" لبحوث السياسة العامة، وأيضاً بواسطة مراكز الدراسات الأمريكية التابعة للوبي الإسرائيلي) نلاحظ الآتي:

• تزايد الإدراك إزاء ضرورة البحث عن مخرج نوعي جديد في منطقة الشرق الأوسط، يتيح لإسرائيل وضعاً أفضل لجهة القيام بتطبيق بنود جدول أعمال سياستها إزاء المنطقة.

• تزايد التركيز باتجاه ضرورة استخدام المزيد من "عمليات القسر والإرغام الدبلوماسي" ضد سوريا وإيران.

• تزايد التركيز باتجاه ضرورة استخدام المزيد من عمليات "القسر والإرغام العسكري ضد جنوب لبنان وحزب الله والأراضي الفلسطينية".

هذا ونلاحظ، أن الجهد الإعلامي الذي تقوم به أجهزة الإعلام المقروءة والمسموعة الإسرائيلية وأيضاً الأمريكية مثل شبكة "فوكس نيوز"، تصب جميعها في الاتجاه الذي يسعى لترسيخ فكرة أن الواقع الشرق أوسطي الموجود حالياً، لا يتيح أي إمكانية حقيقية لتحقيق السلام.

وبالتالي، فعلى إسرائيل السعي بالتعاون مع أمريكا لجهة القيام بتعديل الواقع الشرق أوسطي بما يجعله قابلاً لاستيعاب مفهوم السلام الإسرائيلي.

خارطة طريق الحرب الإسرائيلية الجديدة:

تزامنت زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الأخيرة إلى واشنطن وباريس، وما أعقب ذلك من فشل إسرائيل، مع قيام دوائر اللوبي الإسرائيلي بالشروع في حملة تسويق سياسي – أمني – عسكري جديدة، ويركز مضمونها على المحاور التالية:

• جنوب لبنان: تم إعداد العديد من الدراسات والتحليلات والتي تُركِّز على الآتي:

- الربط بين صعود قوة حزب الله اللبناني، وتآكل كل قوة الردع الإسرائيلي، مع التأكيد على أنه لكي تزداد قوة الردع الإسرائيلي، فإنه لا بدّ من إضعاف قوة حزب الله اللبناني.

- الربط بين صعود قوة حزب الله اللبناني واحتمالات صعود قوة الحركات المسلحة الشيعية العراقية، والشيعية الخليجية، والشيعية اليمنية، بما يشكل تهديداً حقيقياًَ للمصالح الأمريكية في السعودية والخليج والعراق، وبالتالي، فإن قيام إسرائيل بالقضاء على حزب الله اللبناني، لن يترتب عليه القضاء على نفوذ حزب الله اللبناني في الساحة اللبنانية وحسب، وإنما القضاء على نموذج "كاريزمية" حزب الله اللبناني، والذي بدأ يأخذ ضابطاً عابراً للحدود باتجاه العديد من مناطق الشرق الأوسط، إضافةً إلى مناطق الشرق الأدنى مثل تركيا وأذربيجان وربما بعض دول آسيا الوسطى.

• الأراضي الفلسطينية: تم إعداد العديد من الدراسات والتحليلات والتي تركز على الآتي:

- الربط بين صعود قوة فصائل المقاومة، وتآكل الأمن الداخلي الإسرائيلي، مع التأكيد على أن استقرار إسرائيل الداخلي سوف يزداد ويتعزز، كلما تم إضعاف قوة هذه الفصائل وحلفائها.

- الربط بين صعود قوة الفصائل الفلسطينية واحتمالات صعود قوة الحركات السنية الإسلامية بما يهدد المصالح الأمريكية في مصر والأردن والعراق ودول الخليج والمغرب العربي وغيرها من البلدان ذات الأغلبية الإسلامية السنية.

وما هو جدير بالملاحظة في هذه التحليلات، يتمثل في النقاط الآتية:

- تقليل التأكيد المتزايد لجهة الربط بين حزب الله اللبناني وحركة حماس الفلسطينية.

- تزايد التأكيد لجهة الربط بين حزب الله اللبناني ومنظور تقويض الأمن الإقليمي، والربط بين حركة حماس الفلسطينية ومنظور تقويض الأمن الداخلي الإسرائيلي.

- تزايد استخدام المقاربة التي تسعى إلى توحيد نموذج مفهوم الخط الخارجي، بحيث أن انتشار نموذج حزب الله اللبناني في المناطق الشيعية، وانتشار نموذج حركة حماس الفلسطينية في المناطق السنّية، سوف يؤدي كلاهما لا إلى تهديد إسرائيل، وإنما إلى تهديد المصالح الحيوية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط والعديد من مناطق العالم الأخرى.

وتأسيساً على ما سبق، يمكن أن نتوقع الآتي:

• تزايد احتمالات أن تقوم إسرائيل بتنفيذ عمل عسكري لجهة القيام باستعادة قوة الردع الإسرائيلي.

• المفاضلة بين خيار استهداف جنوب لبنان، وخيار استهداف الأراضي الفلسطينية هي مفاضلةٌ تقوم على أساس اعتبار المحددات التالية:

- العملية العسكرية ضد قطّاع غزّة تتطلب من "تل أبيب" التغلّب على تداعيات تقرير "غولدستون".

- العملية العسكرية ضد جنوب لبنان تتطلب من "تل أبيب" التغلّب على تداعيات وجود قوات اليونيفيل والقرارات الدولية.

هذا، ويمكن أن يتضح شكل الخيار العسكري الإسرائيلي المتوقع من خلال تتبع الإدراك السلوكي الإسرائيلي إزاء تداعيات الملفات الآتية:

• ملف تقرير "غولدستون": حتى الآن نجحت "تل أبيب" في تأمين عدم مساندة واشنطن للتقرير، وتتجه المساعي الإسرائيلية الآن باتجاه إعاقة قيام الجمعية العامة للأمم المتحدة باعتماد التقرير إذا تم اعتراضه بواسطة "الڤيتو" داخل مجلس الأمن الدولي.

• ملف قوات "اليونيفيل" والقوات الدولية: برغم الجهود الإسرائيلية الحثيثة لجهة التشكيك في مصداقية قوات "اليونيفيل"، وعدم كفاية القرارات الدولية، فإن مخاوف "تل أبيب" تتمثل في إدراك أن السعي لـ "تسخين" ملفات "اليونيفيل" والقرارات الدولية سوف يترتب عليه فتح جبهة مواجهة جديدة داخل مجلس الأمن الدولي وأمانة الأمم المتحدة. وبالتالي، فمن الأفضل التريث ريثما تنتهي أزمة تقرير "غولدستون".

وعموماً، لقد سعت "تل أبيب" إلى الانتقال من "خارطة طريق دبلوماسية المفاوضات" باتجاه "خارطة طريق الحرب"، فشنّت القوات الإسرائيلية عدوانها ضد جنوب لبنان في تموز 2006، ثم شنّت عدوانها في نهاية عام 2008- مطلع العام 2009 الحالي ضد قطّاع غزّة.

وبعد ذلك لجأت إسرائيل مرة أخرى إلى "خارطة طريق دبلوماسية المفاوضات". ولكن، وعلى خلفية الفشل الإسرائيلي في حرب جنوب لبنان وحرب قطّاع غزّة، فقد فشلت الدبلوماسية الإسرائيلية في تحقيق ما عجزت القوات الإسرائيلية عن تحقيقه.

والآن، هل يا تُرى من عودةٍ إسرائيليةٍ أخرى على لعبة استبدال "خارطة طريق الدبلوماسية" بـ "خارطة طريق الحرب" ؟.