خبر لدينا علم -هآرتس

الساعة 10:05 ص|19 نوفمبر 2009

بقلم: اسحق لئور

(المضمون: اعلان من طرف واحد عن دولة فلسطينية يكمن الامل لليسار الاسرائيلي في أن يخرج أخيرا الى كفاح مع الفلسطينيين معا ضد سياسة القوة الاسرائيلية، من أجل حياتنا الطبيعية - المصدر).

التهديدات ضد اعلان الاستقلال الفلسطيني والذي اطلقه زعماؤنا، بنيامين نتنياهو، افيغدور ليبرمان وايهود باراك -  تركت للحظة الادعاء الاسرائيلي بالحق (بشكل عام الثرثارة والمضنية) فابقتنا امام الهيكل البشع للقوة كحق حصري في الحديث: لنا مسموح اما انتم فمحظور عليكم. يمكننا نحن أن نكرر المرة تلو الاخرى اعلان الاستقلال الاسرائيلي اما انتم فمحظور عليكم.

التفسير الاكثر بساطة لهذه الحقوق الزائدة خاصتنا، الامر الذي يصبح أمرا هاما أكثر فأكثر هو التفسير الديني – البلاد هي لنا، من الله، وليست لهم، ولهذا فمسموح لنا الاعلان عن الاستقلال او المس بالمدنيين. التفسير العلماني الاكثر بساطة للحقوق الزائدة هذه هو القوة – نحن أقوياء. هذا التفسيران هما محوري الاجماع. باسم هذا الاجماع انطلق الحاخامون العسكريون وضباط الجيش بذات القدر من الهستيريا لاثارة حماسة الوحدات المنطلقة للقتل في غزة.

واليسار؟ في داخل مثل هذه المؤامرة الروحية لا يوجد لاي يسار – الذي يعيش في داخل خطاب المساواة – هواء للتنفس. وهكذا، عندما تسيطر فكرة "سدوا افواهكم لاننا سنعاقبكم" على كل شيء، كانت حركة السلام الان ملزمة بان تختفي وان تصبح اعلانات مدفوعة الاجر في صحيفة دون جنود، وكانت ميرتس ملزمة بان تتبخر، وحمائم العمل كانوا ملزمين بان يتبددوا. هذا اليسار اصر على الالتصاق بالاجماع وبالتالي ايضا التعاطي مع النزاع مع الفلسطينيين كحرب دفاعية للدولة وليس كردع كثيف، يفرض نفسه بالدبابات وبطائرات اف 16، على شعب يخضع للاحتلال.

باختصار، هذا اليسار اختفى لانه خاف من أن يسمي الطفل باسمه: حرب استعمارية. ورويدا رويدا غير عشرات الاف رجال اليسار مواقفهم. وواصلوا بناء "انشودة للسلام" وكيفوا أنفسهم مع "كتل الاستيطان الكبرى"، قالوا "كفى للعنف"، حكومتهم سلبت المياه والاراضي، وهم لم يعرفوا عن ذلك شيئا. قالوا للفلسطينيين "اتركوا السلاح" ونددوا برافضي الخدمة في المناطق وكأنهم خانوهم.

على مدى كل الـ 42 سنة احتلال لم تنشأ تقريبا أي صلة بين حركات اليسار المعتدلة هذه وبين الفلسطينيين. اما الفلسطينيون، من جانبهم، فلم يساعدوا دوما، عى الاقل ليس في العقدين الاولين من الاحتلال، ولكن في ظل هذا الاغتراب وفي ظل التفضيل الواضح لرجال معسكر السلام في الوقوف الى جانب "شعب اسرائيل" تبخر اليسار بين حملة وحملة، أيد الجيش الاسرائيلي، تنفس الصعداء على الوضع، وانتظر الامريكيين ليقوموا بترتيب الامور.

بين الحين والاخر نشأ تعاون جزئي بين زعماء حمائميين والقيادة الفلسطينية في المناطق ("اتفاق جنيف"، مثلا). ولكن هذا كان يترافق دوما بسد الانف قرفا وبالمزايدة الاخلاقية. "ابحثوا عني"، ليوسي سريد كانت الخلاصة الاكثر ايجازا لهذه العلاقة: انتم تحتاجوننا، اما نحن فلا نحتاجكم.

شيء واحد ميز رجال اليسار المختبئين اليوم في منازلهم (حتى لمهرجان رابين لم يعودوا يأتون) عن اجماع باراك – نتنياهو: الاوائل آمنوا بحل الدولتين، بينما القيادة السياسية لاسرائيل فكرت دوما بتعابير الاستعباد – الخيار الاردني، الحكم الذاتي، او تحويل الدولة الفلسطينية الى شبه دولة، خاضعة ضمن منطقة العملة الاسرائيلية، ذات وجود محطم بين المستوطنات التي تحت السيطرة الاسرائيلية، دولة عديمة الاقتصاد او السيادة.

وعليه، فان الزعماء اليمينيين، الذي يكتشفون فجأة ان هناك حاجة الى "دولتين" – ارئيل شارون، تسيبي لفني، شاؤول موفاز وبالطبع بنيامين نتنياهو – لم يقطعوا حقا شوطا كبيرا: الهدف كان ولا يزال اذابة الاستقلال الفلسطيني الى شيء على أي حال محكوم بازمة متواصلة، ازمة يمكن للجيش أن يحلها دون صعوبة. وكانت هذه بالاساس استجابة لمتطلبات "الصورة" في العالم.

ولكن دولة اسرائيل، مثلما يراها اليسار الاسرائيلي، تحتاج الان اكثر من كل شيء الى عناد الفلسطينيين، الى استعدادهم لترسيم حدود بين المناطق المحتلة وبين دولة اسرائيل، الى الكفاح من أجل هذه الحدود، بالاحتجاجات، بالمظاهرات، بالمقاومة السلبية، بالتوجه الى الاسرة الدولية ومثل الوقفة البطولية لجماهير البيض في جنوب افريقيا الى جانب كفاح الـ ANC في اعلان من طرف واحد عن دولة فلسطينية يكمن الامل لليسار الاسرائيلي في أن يخرج أخيرا الى كفاح مع الفلسطينيين معا ضد سياسة القوة الاسرائيلية، من أجل حياتنا الطبيعية.