خبر ضبط النفس هو المفتاح- هآرتس

الساعة 10:03 ص|19 نوفمبر 2009

 

بقلم: يغيل ليفي

(عضو في هيئة التدريس في الجامعة المفتوحة)

 (المضمون: المطلوب ان تعمل اسرائيل اذا واجهت الفلسطينيين في المستقبل في ساحة القتال على الاقلال من الخسائر من بين السكان المدنيين الفلسطينيين قدر المستطاع - المصدر).

في حين اسرائيل في عاصفة على اثر تقرير غولدستون، الذي يتهمها بتنفيذ جرائم حرب في غزة، في الولايات المتحدة الارواح في عاصفة حول مسألة استمرار الحرب في افغانستان على اثر تسريب مذكرة كتبها قائد قوات التحالف، الجنرال ستانلي ماكرستل، رسم فيها الاستراتيجية الامريكية المطلوبة لاحراز النصر.

احد العناصر المركزية في استراتيجية ماكرستل هو اكتساب تاييد السكان الافغان لنشاط لتحالف. من اجل ذلك تحتاج القوات الى الامتناع قدر الامكان عن المس بالمواطنين، ولهذا وجه القادة "الى ان يزنوا في كل مرحلة نتيجة أعمالهم على السكان الافغان". معنى ذلك سياسة حذرة في استعمال النار (وفي ضمن ذلك استعمال المساعدة الجوية)، وقطع الاتصال اذا وجدت حاجة لذلك.

من اجل مضاءلة المس بالمواطنين قال ماكرستل ايضا انه ينبغي زيادة المخاطرة التي تتعرض لها القوات. وبذلك انحرف عن التوجه الذي تعمل بحسبه الجيوش الغربية منذ الثمانينيات، ويقول انه يفضل منع الخسائر من قواتنا، بثمن سياسة نار تزيد مقدار القتل بين السكان المدنيين الذين يحارب الجيش بينهم.

تستطيع وثيقة ماكرستل ان تعلمنا شيئا ما عن وثيقة غولدستون، ولا سيما ما لا يوجد فيها وغاب عن الخطاب العام في شأنها. ان الجيش الاسرائيلي، الذي نزف فوق ارض لبنان، تبنى بالتدريج منذ التسعينيات توجه نظيراته الغربية، في السعي "الى حرب بلا مخاطرة". منذ الانتفاضة الاولى، التي تعرض فيها الجنود لمستوى عال نسبيا من المخاطرة لوجودهم داخل السكان المدنيين الفلسطينيين، وحدت قدرتهم على استعمال السلاح الحي، تضاءل بالتدريج المخاطرة التي تعرض لها الجنود باتخاذ سياسة اطلاق نار توسعية، تزيد مقدار المس بالسكان المدنيين.

بالاعتماد على معطيات "بتسيلم"، زاد في قطاع غزة وحده نسبة القتلى من غير المشاركين الفلسطينيين قياسا بالقتلى الجيش الاسرائيلي من 6 الى 1 في الانتفاضة الاولى الى 86 الى 1 في "الرصاص المصبوب". قام في أساس هذه السياسة الحاجة الى مواجهة الحساسية الاجتماعية الزائدة بضحايا الجيش، وهي حساسية قد تمس مسا بالغا بقدرة القوات على ان تنفذ بنجاح المهمات التي تلقى عليها.

في هذه الظروف، كانت الاوامر التي صدرت عن قادة الجيش الاسرائيلي بعيدة عن اوامر ماكرستل. ان تقدير قائد قوات التحالف من أجل تقليل اصابات السكان المحليين لم يكن ذا وزن في "الرصاص المصبوب". ان ادراك قادة القوات في افغانستان والعراق ان سياسة منع المخاطرة تعرض القدرة على تحقيق المهمة العسكرية للخطر، لانها تزيد تأييد المواطنين للقوات التي يريد الغرب  القضاء عليها، ما تزال غير ذات وزن في التفكير العسكري الاسرائيلي. كل ذلك برغم حقيقة ان الاسرائيليين سيظلون يعيشون الى جانب الفلسطينيين اما جنود قوات التحالف فسينسحبون آخر الامر من افغانستان ويعودون الى بلادهم بعيدا عن هناك.

يصرف تقرير غولدستون الانتباه عن النقاش الذي يجب القيام به لهذه القضية المبدئية. ليس السؤال تقنيا، اي مبلغ الانحراف عن القانون الدولي، ولا الحاجة الى صوغه من جديد في الحقيقة، بل ملاءمة السياسة لغاية اسرائيل الاستراتيجية وهي العيش بسلام مع جيرانها. يشتق من هذه الغاية وقف السيطرة على السكان الفلسطينيين، ومضاءلة استعمال القوة اذا توصلت القيادة السياسية الى استنتاج انه أمر محتوم.