خبر تعريف « التطبيع » .. هآرتس

الساعة 12:54 م|18 نوفمبر 2009

بقلم: تسفي بارئيل

منذ أجازت الشاعرة المصرية ايمان مرسال ترجمة كتابها للعبرية ونشره في اسرائيل ("جغرافية بديلة"، اصدار "الكيبوتس الموجد"، ترجمة ساسون سوميخ)، نشأت بين مثقفين مصريين عاصفة عظيمة. فكيف يمكن ان تنقض شاعرة مصرية مواضعات اتحاد الكتاب وتحطم أسس محاربة التطبيع مع اسرائيل؟

في الجولة الاخيرة للخطاب العام تطرق الى الموضوع جابر عصفور، وهو اديب وكاتب مقالات ومسؤول عن مشروع الترجمة الوطني. هذا المشروع يثير في  نفسه انتقادا، بسبب قرار عصفور ترجمة كتب من العبرية الى العربية، فجزء من الاتفاقات التي تم احرازها بين حسني مبارك وبنيامين نتنياهو عندما نافس وزير الثقافة المصري فاروق حسني في منصب الامين العام لليونسكو. لم ينتخب حسني، وصب على أثر ذلك جام غضبه على اسرائيل، لكن مشروع الترجمة بقي.

في مقابلة صحفية مع الصحيفة الادبية المصرية المهمة "اخبار الادب" يتلوى عصفور في محاولته تعريف التطبيع: "التطبيع يعني فعلا يتمتع القائم به على أثره بجدوى مالية او روحانية. لم يحدث في حالة مرسال" (فهي لم تحصل على دفع عوض الموافقة). وهكذا يفسر ايضا لماذا وافق على ترجمة كتب من العبرية. فقد بين انه لم يوقع على اتفاق مع أي دار نشر اسرائيلية، "كي لا تنتقل اموال الجمهور المصري الى ايد اسرائيلية" ولان الترجمة ستتم بواسطة شركات اجنبية من الانجليزية او الفرنسية الى العربية.

اذا كان التطبيع يعني المتعة المالية فما هي "المتعة الروحانية"؟ سئل عصفور، واجاب: "اذا كان الصحفيون الاسرائيليون يكتبون عنك بصورة ايجابية". "لكن هذا ليس معيارا"، يصعب مجري المقابلة، "ربما تكتب صحيفة "هآرتس" عنك غدا مدحا لوظيفتك الثقافية في مصر فهل أتهمك بالتطبيع آنذاك؟" "لا، لا اعتقد ذلك، لكن اذا تم هذا في نطاق تعاون بيني وبينهم (الاسرائيليين) فهذا هو التطبيع".

يفرق عصفور ايضا بين الترجمة من العبرية الى العربية والترجمة من العربية الى العبرية. "علينا ان نعرف اعداءنا، وان ندرك مراكز قوتهم وضعفهم. وهكذا نستطيع ان ندرك كيف يفكر وما الذي يدبره ضدنا"، يبين علة الترجمة للعربية. وماذا عن الاتجاه العكسي؟ "أفضل ألا تتم الترجمة للعبرية بموافقة الادباء. اذا كانوا يسطون على أدبنا فهذه قضية أخرى".

يحرر عصفور "المطبعين" من مخالفة واحدة على الاقل: "ليس المطبع خائنا بالضرورة، فهو يعمل ضد الاجماع الوطني، ذاك الذي يرى مقاومة التطبيع الثقافي آخر سلاح نملكه لمواجهة الاسرائيليين. نحن المثقفين من حقنا ان نقول "لا" الى ان يسود السلام العادل. اذا نقض بعضنا هذا الاتفاق فلا نصفه بأنه خائن". وهذا ايضا شيء.

اخبار من "الضاحية"

الحي الجنوبي من بيروت، "الضاحية"، الذي تقع فيه قيادة حزب الله، هو ايضا مركز شيعي كبير، يكتظ فيه نحو من 750 الف مواطن، اكثرهم شيعة، في أزقة ضيقة قذرة، يبدو انه حتى رجال حزب الله غير قادرين على السيطرة عليها.

في الحقيقة ان المنظمة تدير الحي على نحو مطلق، من توجيه حركة السير حتى اعطاء رخص بناء، ونفذ رجالها ترميما مذهلا لاجزاء منها قصفتها اسرائيل في حرب لبنان، لكن بقيت اجزاء اخرى على وضعها الرديء، وهو شيء يثير غضب المواطنين.

على أثر اقامة حكومة لبنان، ومحاولات حزب الله تحسين صورته، ولا سيما بين المواطنين بجوار قيادته، قررت القيادة الخروج في حملة من اجل النظام والنظافة. أعدت رابطة تتبع المنظمة تسمى "قيم" خطة عمل ترمي الى تربية المواطنين على الحفاظ على النظام، والكف عن سرقة الكهرباء والماء، والحرص على النظافة وعلى قوانين السير. تعلق من اجل ذلك لافتات في الشوارع مع اقوال من الحديث النبوي تتحدث عن الحاجة الى الحفاظ على النظام العام، الى جانب مقتبسات منسوبة الى الزعيم الايراني الخميني.

لكن البشرى التي هي اهم للبنان هي قرار المنظمة ان تجيز لقوات شرطة الدولة دخول الحي والعناية بتنظيم السير فيه. هذه اول مرة يقترح حزب الله فيها على الدولة ان تحتمل عملا رسميا في الحي الذي يعد "دولة المنظمة". في اطار الترتيب الجديد سيحل 150 شرطيا محل رجال حزب الله، وبعد ذلك سيحول علاج مشكلات الأمن الداخلي في الحي الى افراد وزارة الداخلية. مع ذلك لا ينوي حزب الله نقل سلاحه الى السلطة، وسيظل جنوب لبنان جزءا لا ينفصل من مجال سيطرته.

بلا قداسة

مصطفى فقي، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشعب المصري وأحد المفكرين الليبراليين المهمين، قلق من طلب تحرير القدس بسبب قداستها للاسلام. "اذا قلنا ان المسجد الاقصى لنا، فسيقول اليهود ان الحائط الغربي لهم، وسيقول المسيحيون ان كنيسة القيامة لهم. أفضل ألا يتحدث العرب عن القدس كأرض مقدسة. يحسن ان تعرض القدس على انها أرض احتلت بـ 1967".

قال فقي هذه الاقوال في الاسبوع الماضي، في محاضرة بمناسبة تتويج القدس عاصمة للثقافة العربية في سنة 2009. وبين ايضا لماذا يفضل التعليل القومي على الديني: العلاقة الوثيقة بين اليهودية والنصرانية، كما جرى التعبير عنها في مدة ولاية الرئيس بوش، قد تجعل التعليل الديني الاسلامي "يهزم" امام التعاون المسيحي اليهودي. يحسن لذلك العودة الى التعليل القومي.