خبر وضع اوباما.. اسرائيل اليوم

الساعة 12:53 م|18 نوفمبر 2009

بقلم: زلمان شوفال

"اوباما فقد المركز"، صرخ عنوان في احدى الصحف الدولية المهمة.

كتب كليب كروك، المراسل السياسي لصحيفة "فايننشال تايمز" في الولايات المتحدة، في مقالته في الاسبوع الماضي انه اذا استمر الرئيس براك اوباما وقادة الديمقراطيين على تجاهل مشاعر الجمهور في المركز – فمن المتوقع ان يخسروا في انتخابات الكونغرس في 2010 بل ربما يخسرون انتخابات الرئاسة في 2012. قال المراسل انه برغم ان اكثر الامريكيين ما زالوا يحبون الرئيس شخصيا، فانهم اقل حماسة لاجزاء من سياسته – فضلا عن كثير من مبادرات تشريع القسم اليساري من حزبه، ولا سيما مبادرات قد تضر بمقاعدهم.

حصلنا على برهان محسوس على هذا التوجه في انتخابات منصب الحاكم في ولايتي فيرجينيا ونيوجيرسي، وهي انتخابات افضلت الى هزيمة الديمقراطيين هزيمة شديدة. ففي فيرجينيا فاز المرشح الجمهوري بأكثرية 20 في المائة. وليس فقط بين السكان المحافظين جنوبي الولاية، بل في مناطق هي في واقع الامر جزء من واشنطن الكبرى، وهي مناطق تسكنها نسبة عالية من السود والشباب.

في ولاية نيوجيرسي ايضا المجاورة لنيويورك، والتي تميل على نحو تقليدي الى الديمقراطيين، وهي ولاية لم ينجح فيها اي مرشح جمهوري لمنصب الحاكم منذ 12 سنة – هزم صاحب المنصب الوالي. وذلك برغم ان الرئيس اوباما بجلالته جند نفسه بكامل جده من اجله.

ان ما يجب ان يطلق الديمقراطيين كامن في حقيقة انه قد انصدع في الولايتين تحالف الشبان، والسود والمستقلين الذي ضمن فوز اوباما وديمقراطيين في الانتخابات. في هذه المرة اما صوتوا باقدامهم واما وهبوا صوتهم للمرشح الجمهوري.

ان تحولا كبيرا جدا، بعد اقل من 10 اشهر من دخول اوباما البيت الابيض، لا يمكن الا يفسر على انه استفتاء شعبي يتعلق بالرضا عن الادارة. ويتبين ان الامريكي من الاوساط خائب الامل للفرق بين الوعود والافعال، ومقادير البطالة التي قفزت هذا الشهر متجاوزة 10 في المائة، ومما يبدو اداء مختلا للادارة والاكثرية الديمقراطية في مجلس النواب.

احتفل الديمقراطيون حقا باجازة اصلاح النظام الصحي في مجلس النواب، لكن يصعب ان نسمي ذلك نصرا مذهلا في حين كانت الاكثرية 5 اصوات فقط. وهي اقل كثيرا من الاكثرية التي يملكها الديمقراطيون في المجلس.

بدأت المعركة الدامية في افغانستان ايضا تضر بمكانة الرئيس، وقد لا يكون ذلك حقا لانه ليس الذي بدأها. كذلك بدأوا يلقون على الادارة تبعة مشكلات الاقتصاد – وقد لا يكون هذا حقا – لكن يتبين انه توجد نقطة زمنية ليس الجمهور مستعدا بعدها لتعليق تبعة جميع الازمات على مشجب قادته السابقين.

لكن اسباب ما حدث في هذه الانتخابات اكثر تعقيدا من هذا التغير او ذاك للمزاج العام للناخبين. بخلاف رأي اولئك الذين زعموا لحينه ان نصر اوباما المذهل علامة على تغير عقائدي عميق في الرأي العام الامريكي وانحراف الى اليسار، تبين ان ذلك قد كان في الحقيقة حالة شاذة لا تشهد على القاعدة. اي ان الجمهور بعد ان عبر في صناديق الاقتراع عن غضبه بسبب العراق والازمة الاقتصادية، عاد اكثره الى خانته السياسية التقليدية فهو يميل الى اليمين او الى مركز اليمين لا الى اليسار. مثلا تبين لمعهد "غالوب" ان من يعرفون انفسهم انهم "محافظون" يكونون 40 في المائة من الجمهور الامريكي قياسا بـ 20 في المائة فقط من الليبراليين.

وما هي الاثار، ان وجدت، على مجال السياسة الخارجية؟ في الحقيقة لا يوجد لحكام الولايات ولا لاعضاء مجلس النواب دور حاسم في هذا المجال، لكنه لا تعمل اي ادارة في عزلة ولا تستطيع ان تتجاهل الرأي العام زمنا طويلا، ولا سيما ذاك الذي في مركز الخريطة السياسية.

برغم ان السياسة الخارجية بحسب الوضع الدستوري خاضعة لقرارات الادارة لا مجلس النواب، فان اقوى الادارات في واقع الامر غير معفاة من الحاجة الى التعاون مع مجلس النواب. على اثر الانتخابات في فيرجينيا ونيوجيرسي قد يريد اعضاء الكونغرس من الديمقراطيين والجمهوريين، الذين يستشرفون الانتخابات المقبلة، اظهار مواقف مستقلة لا في موضوعات داخلية فحسب بل في شؤون السياسة الخارجية ايضا. هل سيكون لذلك تأثير في اسرائيل؟ تشهد استطلاعات الرأي العام التي نشرت في المدة الاخيرة ان تأييد الامريكيين لاسرائيل يشمل اكثر طوائف الجمهور، في مركز اليمين وفي مركز اليسار ايضا. من المحقق ان هذا معطى لا يغيب عن ناظر الادارة ولا عن ناظر مجلس النواب.