خبر حملات حثيثة لتكريس التسامح في مجتمع غزة

الساعة 07:46 ص|18 نوفمبر 2009

فلسطين اليوم : غزة

ينشط الغزيون في الآونة الأخيرة من خلال مؤسسات وجمعيات أهليه, لنشر وتعزيز ثقافة التسامح  بين أبناء المجتمع, بعدما شعروا أنهم مهددون بتدمير قيمهم و زعزعة  المبادئ والمثل والأخلاق ومعظم الموروثات الاجتماعية النبيلة, بفعل الظروف والمتغيرات التي طرأت على المجتمع الفلسطيني وتعصف به , ومنها الظروف السياسية, التي يعانى منها كل المجتمع الفلسطيني بصورة كبيرة .. ويأتى هذا النشاط المحمود في محاولةٍ لتصحيح المسار.

ويوجه المختصون من الخبراء والعلماء الغزيون جهودهم إلى تحقيق تلك الأهداف عبر فعاليات وأنشطة مكثفة, وربما آخر الفعاليات الجديرة بالإشارة "حملة مودة" التي تهدف لتحقيق التكافل الاجتماعي وتعميق الروابط بين أبناء قطاع غزة, وقد انطلقت في النصف الثاني من نوفمبر من محافظة خان يونس وتمتد إلى كل محافظات القطاع وتستمر لعشرة أيام,  ومن المقرر أن تطال ربع مليون أسرة بقطاع غزة.

ويقول نشطاء في الحملة:" إنهم خططوا لانجاز الحملة كاملاً خلال الأيام العشرة الأولى من شهر ذي الحجة".

ويؤكد  مسؤول عن الحملة أن الهدف هو نشر  ثقافة التسامح والبعد عن العنف , وتقوية أواصر المحبة بين المواطنين, وتضميد جراحهم لاسيما بعد الحرب التي تعرضوا لها واستمرار الحصار الجائر الذي يعانون من تبعاته.

وألمح إلى أن الزيارات لن تستثنى أحداً من المواطنين ولن تفرق بينهم سواء في الانتماء السياسي أو أي فوارق أخرى، فالتوجه للأسر والعائلات بقلوب وعقول مفتوحة بغية الحفاظ على المودة بين المواطنين، وصولاً إلى الوحدة الاجتماعية والوطنية المرجوة.

أما على صعيد المؤسسات الاهليه فقد نظم المركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات والحملة الشعبية للمصالحة المجتمعية بالتعاون مع المركز الثقافي الاجتماعي  والمركز الفلسطيني للتنمية وحقوق الإنسان في كل من دير البلح و بيت حانون بقطاع غزة فعاليات أكدوا خلالها أن السبيل الوحيد للخروج من حالة الصراع التي يشهدها المجتمع الغزى الآن هو تبنى ثقافة التسامح و تقبل كل طرف الطرف الآخر,  وترسيخ مفاهيم حقوق الإنسان في البيت والمدرسة والمجتمع , وأجمعوا على ضرورة تفعيل دور المؤسسات الأهلية والمدارس والجامعات وحتى الأمهات داخل البيوت من أجل ترسيخ المفاهيم السامية و خلق جيل صاعد قادر على المساهمة في بناء الوطن ومؤسساته، وتفعيل دور الشباب  والمثقفين ورجال الإصلاح للتأثير علي صناع القرار.

 وأوصوا  بتفعيل دور المؤسسات الأهلية والشبابية ، والمثقفين نحو تعزيز مفهوم المصالحة المجتمعية من خلال تشكيل أجسام فعلية وعاملة .وطالبوا بزيادة برامج التوعية الأسرية الخاصة بتعزيز مفاهيم التسامح ، وتقبل الآخر للقضاء على التعصب الحزبي. ودعوا إلى تخصيص بعض الحصص الدراسية في المدارس لزيادة التوعية حول أهمية المصالحة المجتمعية، وتربية الأجيال الصاعدة على حب الانتماء للوطن، وتغليب مصلحته فوق أي مصالح أخرى، وإدخال مواد دراسية تدعو للتسامح ، وتعزز مفاهيم الحوار ضمن المنهاج الفلسطيني.

وبهدف نشر التسامح والمحبة ونبذ العنف في المجتمع الغزى,  شرعت مؤسسات أهلية منذ أشهر مضت  في خطوات عملية تتمثل في تحقيق المصالحة والوئام بين عائلات تنتمي للفصيلين المتخاصمين "فتح" و"حماس" ممن قتل أبناؤها خلال أحداث الانقسام، فيما ينشط وجهاء ومخاتير في قطاع غزة في ذلك عبر الانتقال بين دواوين العائلات الكبيرة من أجل تعميق ثقافة التسامح والتعالي على الجراح، وطي صفحة الماضي وبدء صفحة جديدة.

وأكد أبو نبيل شعت أحد وجهاء جنوب قطاع غزة تجاوب العائلات مع هذه المبادرات وإبداء  الحرص والمشاركة من أجل تعميم ثقافة الحوار والتسامح لا تكريس البغضاء والكراهية. والكف عن لغة التخوين والتكفير والكراهية والمسميات الدموية ونقل البوصلة صوب الحب والتصافي.

وكانت الخلافات والعنف والمظاهر السلبية خاصة في قضاياهم المجتمعية , قد وصلت بالفلسطينيين إلى خطوط حمراء , وبين ذلك مركز رام الله لدراسات حقوق الإنسان، في تقرير شامل هو الأول من نوعه حول  التسامح في الأراضي الفلسطينية والعالم العربي,  يغطي النصف الأول من العام الجاري حيث أكد أن التسامح بكل أشكاله  لازال  مفقوداً  بين الفلسطينيين.

وتحدث التقرير عن التسامح الديني و العلاقة ما بين الديانات، مؤكداً  بأنه لم يتم تسجيل أية اعتداء على أفراد أو مؤسسات أو أملاك عامة أو خاصة على خلفية دينية خلال الفترة التي يغطيها هذا التقرير.  

أما في  التسامح السياسي فحسب التقرير أن " لغة التخاطب التي تم رصدها، لا يمكن أن تعبر عن أي نوع من التسامح السياسي"، مشيراً إلى انه" يمكن الاستنتاج بأن كل طرف "حكومة" من هذه الأطراف "الحكومتين في رام الله وغزة " يعتبر نفسه هو الشرعي ولا يعترف بالآخر، وينفي صفة الشرعية عنه. فكل طرف يتحدث عن المصلحة الوطنية العليا والوحدة الوطنية، في إطار إخراج الآخرين من الشرعية والحق في المشاركة السياسية.

وعن التسامح الاجتماعي، يقول التقرير:" هناك العديد من المظاهر التي لا تزال تؤثر على حالة التسامح الاجتماعي بشكل سلبي؛ مثل الجرائم التي ارتكبت على خلفية "جرائم الشرف"، و"الثأر"، والنزاعات الشخصية والشجارات العائلية، والتي تعكس في مجملها تردي حالة التسامح على الصعيد الاجتماعي".

وأشار التقرير إلى انه "لم يطرأ أي تطور على مظاهر التسامح مع المرأة، بل استمرت ظاهرة عدم التسامح مع المرأة والتمييز ضدها، وتعريضها لأعمال العنف والقتل على خلفية "الشرف". و استمرت الاعتداءات على الممتلكات الخاصة والعامة، وحالات الاعتداء والوفاة نتيجة الشجارات العائلية، أو أعمال الثأر".

واستنتج التقرير، أنه لا تزال  لغة الخطاب السياسي المستخدمة بين مكونات النظام السياسي في فلسطين، وبخاصة بين حركتي فتح وحماس، قائمة على أساس نفي الآخر والتحريض عليه، وهذا يقود إلى مزيد من اللا تسامح السياسي، ومزيد من محاولات إقصاء المعارضة، وتهميش دورها، والتعدي على حقها في العمل والتنظيم، في الضفة الغربية وفي قطاع غزة على حد سواء. كذلك لا تزال أجهزة الأمن سواء في الضفة أو في القطاع تمارس التعدي على حقوق المواطنين في التجمع السلمي. وما زالت الحكومتان تنتهكان الحق في حرية الرأي والتعبير، والحق في تشكيل النقابات، وتمارسان الاعتداء الجسدي والاعتقال على خلفية الانتماء السياسي.