خبر هم يريدون العدالة .. معاريف

الساعة 02:23 م|13 نوفمبر 2009

بقلم: بن درور يميني

في هذا الاسبوع قرر رئيس الوزراء تأييد اقتراح قانون يلزم بتعويض اللاجئين اليهود من الدول العربية في اطار كل اتفاق سلمي مستقبلي. فهل سيكون هذا ما سيفشل السلام؟ من الجدير ان نتحقق من ذلك.

هناك فرق كبير بين اسرائيل والدول العربية والفلسطينيين عموما وهو اننا نريد التسوية وهم يريدون العدالة.  ولذلك يصر ابو مازن على سبيل المثال على حق العودة. هذا السبب مثلا لرفض عروض اولمرت. ابو مازن اوضح ذلك بصوته خلال مقابلة مع الـ "واشنطن بوست". هو ادعى انه يطالب بحق عودة واسعة ("large scale") وليس شيئا رمزيا. هو يريد العدالة وليس التسوية. والعدالة ليست صيغة ووصفة للسلام بل على العكس. العدالة هي العقبة. من يريد ارض اسرائيل الكاملة يبحث عن العدالة وليس عن السلام., ومن يتحدث عن الحقوق التاريخية وعنها فقط يتهرب من السلام. ولان السلام يستوجب التنازلات والتسويات وتقاسم الامور بين الاطراف.

ولكن في بعض الاحيان يتوجب الاعتراف بأن اليمين بالتحديد هو المحق وان اليسار مخطىء. لانه عندما يأتي طرف واحد مع راية العدالة الشمولية (التي تقوم على عدد لا ينتهي من الاكاذيب) والجانب الثاني متلعثما من دون اية ثقة بعدالة الطريق – تكون النتيجة معروفة. يتوجب قول نعم لكل اقتراح سلمي. ويتوجب قول نعم للاسد والمبادرة السعودية وحتى الاقتراحات من قبل حماس وطالما كان هناك اقتراحات كهذه، حتى لو كانت على مستوى التصريحات. ولكن من المحظور بأي شكل من الاشكال التنازل عن عدالتنا. اجل عدالة مقابل عدالة. العدالة اولا وبعد ذلك تأتي التسوية. الفلسطينيون يصرون على "العدالة للاجئين". لقد قلنا ان ذلك عقبة في طريق السلام. هذه ليست نزوة ولا تكتيك وانما مطلب ذو اصداء تتجاوز طاولة المفاوضات وعددا لا ينتهي من المؤتمرات السياسية والاكاديمية.

ما الذي يتوجب فعله ازاء ذلك؟ طرح الحكاية الحقيقية. الفلسطينيون (الذين كانوا يسمون العرب لم يكونوا يعرفون حتى بأنهم فلسطينيين) تحولوا الى لاجئين لانهم اعلنوا حرب ابادة ضد اسرائيل. بعضهم فر والبعض الاخر طرد. هذا ما حدث هنا. وهذا ما حدث في عشرات الصراعات ولعشرات الملايين في ارجاء العالم. ولكن على خلفية نفس الصراع بالضبط تحول عدد اكبر من اليهود في الدول العربية الى لاجئين. بعضهم فر والبعض الاخر طرد الا ان هناك فرقا. اليهود لم يعلنوا اي حرب على الدول العربية وبالتأكيد لم يعلنوا حرب ابادة. العرب هم الذين اعلنوا عن حرب الابادة ومن اعلن عن حرب كهذه يدفع الثمن.

الان يتوجب ان نسأل: حقوق من هي الاكبر؟ حقوق من اعلن الحرب التدميرية وبعد ذلك فر او طرد او ذاك الذي لم يعلن اي حرب ورغم ذلك فر او طرد؟ الجواب معروف. الا ان اسرائيل ولسبب ما تجاهلت عبر السنين قضية اللاجئين اليهود. هذا كان هدفا ادخلته في مرماها. الكونغرس الامريكي قبل عامين مرر قانونا في هذه القضية. هذا القانون يلزم بالتطرق للاجئين اليهود ايضا في كل تسوية مستقبلية. الان وبتأخر طويل وفي الواقع تأخر لعشرات السنين استيقظت حكومة اسرائيل ايضا. وكعادتها ها هي تفعل ذلك بطريقة فوضوية جدا. اسرائيل صمتت عشرات السنين وتجاهلت وأهدرت ورقة تاريخية هامة ايضا في المستوى الموضوعي وبالتأكيد في المستوى الاعلامي. وبدلا من استخدام هذه الورقة القوية جدا والهامة تجاهلت اسرائيل الرسمية وجودها وكأنها لم تكن.

من الجميل ان اسرائيل قد استيقظت. ولكن لماذا تستيقظ عبر الطريق الاكثر خطأ؟ لماذا يتم ذلك بواسطة اقتراح قانون يبدو مثل محاولة من اليمين المتطرف لافشال عملية السلام؟ عندما يطرح الفلسطينيون مطلبا كهذا نقول لهم بأن ذلك استفزاز يهدف لعرقلة عملية السلام. وفجأة ها نحن الى نفس الحذاء.

لا حاجة للقانون. هناك حاجة لقرارات حكومة تقول ان تبادلا سكانيا يجب ان يحدث في الصراع الاسرائيلي الفلسطيني كما حدث في عشرات الصراعات الاخرى. وان اصر الفلسطينيون على التعويضات (اما العودة فمن المحظور التحدث عنها حتى وهي مرفوضة تلقائيا وفورا) – اسرائيل تطالب بتعويضات اكثر ارتفاعا للاجئين اليهود. اجل عدالة مقابل عدالة. وليس اقتراحات قانون متذمرة.

في الماضي كتبت ان هناك جهادا يهوديا وحماسا يهوديا. هذه عبارات صعبة. عندما ادعى احد زملائي الصحفيين الذين احترمهم جدا انني اطلق عليه اسم "حماس" اوضحت له انني اقصد مجموعات معينة ليس كل التيارات الصهيونية الدينية. انا اوضح مكررا بأنهم ثلة من التفاحات الفاسدة المعطوبة التي تشكل تلويثا للمشروع الصهيوني ولليهود، ولكن ذلك لا يسعف شيئا. لسبب الكثير في الصهيونية الدينية البعيدين عن ان يكونوا معطوبين يأخذون هذا الانتقاد بصورة شخصية وجماعية. من المؤسف لي ان يحدث ذلك ولكنهم مخطئون. هم يذكرونني تقريبا بالكثيرين من ابناء اليسار الذين يصرون على تجاهل المظاهر المرضية في اليسار اللاسامي الذي يتنكر فقط في زي المناهض للصهيونية. ليس هناك امر كهذا هم يقولون. هم ايضا يأخذون الانتقادات ضد اللاساميين بصورة شخصية. انا اقول لهم ليس انتم المقصودين. الا انهم مصابون بالبلادة وعدم الاحساس لما اقول.

عندما يتجاهل الناس ما يقال ويغرسون رؤوسهم في الرمل ويرفضون فهم وجود المشكلة تزداد حبات التفاح المعطوبة قوة. هذا ينطبق ايضا على اليسار اللاسامي وكذلك على اليمين السرنامي غريب الاطوار. صمدنا وضبطنا النفس وقلنا حرية التعبير فحصلنا على البروفيسورات القريبين جدا من الدعاية اللاسامية على صورة رؤساء الاقسام. وبالضبط يحدث في اليمين ايضا ما نراه في اليسار. الان هناك حديث عن كتاب جديد يمنح تفويضا واباحة وتشجيعا لقتل "غير اليهود" بما فيهم الاطفال والرضع ان كانت الظروف ملائمة. كتاب توراتي مفتخر. وهكذا لم تعد الان حاجة لانتاج فيلم على طراز "فيتنا" (للهولندي خيرة ولدر حول المصادر القرآنية للدموية الاسلامية) من الممكن استنساخ الكتاب كما هو فيصبح لدينا فيلم مشابه. حول اليهودية. القاعدة وحماس ليسوا وحدهم.

فليسامحني زميلي الصحفي ولكن هناك حماس يهودية. هي اصغر بكثير من حماس الاسلامية ولكن علينا ان لا نخدع انفسنا وان ندعي انها غير موجودة. هي هنا وتؤثر وتلوث اليهودية الصهيونية ودولة اسرائيل. التيار المركزي في الصهيونية الدينية اختار شجب هذا التيار العكر والملوث. هذا هام. ولكن لا حاجة لان تكون هناك اغلبية لهذا التيار. التلوث يحدث ايضا من الكميات الصغيرة. اولئك الذين يقومون بالتلويث قلة ومن الجدير بنا ان نزيل هذا الوباء من صفوفنا.