خبر المعضلة الاستعمارية.. معاريف

الساعة 12:28 م|12 نوفمبر 2009

بقلم: نداف ايل

يتم التمرد دائما في هامش الامبراطورية. ان افغانستان هي هامش الامبراطورية الامريكية – ويبدو انها اشد الامبراطوريات استنارة وتعددا مما عرف العالم، لكنها ما تزال امبراطورية. لقد انشأت لنفسها دولة مرعية صغيرة هناك، كما كانت تفعل روما لنفترض. وهي مضطرة مثل روما الى مواجهة التمرد في الاقاليم المتطرفة – يسمى المتمردون هناك احيانا برابرة – وفي حالة افغانستان هم طالبان.

 

ان احتلال افغانستان – توسيع السيطرة الامريكية – نتيجة مباشرة للمشكلة الامنية التي نشأت على أثر هذا التهديد البربري الحديث. خرج الرومان في حملاتهم الانتقامية على القبائل الجيرمانية كروتين استعماري؛ واضطروا الى التوسع والى حماية الحدود التي أقرها اوغسطس بعد ذلك لصد غزوات مدن الامبراطورية. كذلك كانت دعوى جورج بوش العليا للسيطرة على العراق وافغانستان دعوى امبراطوريات كلاسيكية: نحن نحارب هناك كي لا نضطر الى ان نحارب هنا. توجد بطبيعة الامر فروق عظيمة بين روما والولايات المتحدة، لكن احد الفروق المهمة هو ان امريكا لا تتبنى دورها الاستعماري. ومن المحقق انها لا تفعل في  الايام التي تلت جورج بوش. "نحن امبراطورية حرية"، قال توماس جيفرسون، واكثر الامريكيين يشعرون بالاهانة عندما يذكر لفظ الامبراطورية.

 

كانت اخر امبراطورية هزيمة في افغانستان هي الاتحاد السوفياتي وقبلها كان البريطانيون. كانت بريطانيا اوسع امبراطورية عرفها العالم، وقد سارعت الاصولية الاسلامية في القرن التاسع عشر. كانت الصومال اقليما هامشيا من الامبراطورية، ومنطقة مهمة جدا في الطريق الى المحيط الهندي. قبل نحو من مائة سنة من ولادة أسامة بن لادن، قاد الملا محمد عبدالله حسان هناك تمردا قاسيا، لم يسبق له مثيل على البريطانيين. لقد سموه "الملا المجنون"، واصبح اسمه ذا سمعة سيئة في العالم كله. وهو يعد الى اليوم بطلا في نظر مسلمين متطرفين ويقتبس من كلامه بحب في مواقع انترنت القاعدة. الحديث خاصة عن قصيدة نظمها الملا، يحاول فيها ان يصف ما يجب على ضابط بريطاني ذبحته قواته ان يقول لملائكة الجحيم. "قل لهم لقد لفونا بالغضب/ واعلمهم كيف مزقتك سيوفهم بقسوة" بعد ذلك تتابع القصيدة وصف كيف استجدى الضابط الرحمة وكيف جمدت عيناه رعبا، وكيف أكلت الضباع لحمه، وكيف انتاشت الغربان شرايينه وغير ذلك. استمر تمرد الملا المجنون عقدين. مات بالانفلونزا في سنة 1920. ولم يمت معه نضال الغربي النصراني المحتل ولا القسوة ايضا.

 

رئيس الولايات المتحدة الان في لحظات حسم للاستراتيجية الامريكية في افغانستان. الحديث شكليا عن قوات حلف شمال الاطلسي، لكن الامريكيين والبريطانيين فعليا مستعدون للقتال كي لا يخسروا المعركة في القاعدة الام للقاعدة. معضلة اوباما هي معضلة استعمارية تقليدية: اذا ارسل جنودا اخرين وبنى نظام احتلال كبيرا غير مهندم، فانه سيعرض نفسه لهجمات اخرى، وقد يتعقد الوضع ليصبح سيناريو فيتنام. يجب على اوباما خلافا لقياصرة روما ان يفوز في الانتخابات المقبلة. اذا بدأ سياسة لطيفة للابتعاد عن سلطة الرعاية الموالية للغرب، فان افغانستان تستطيع ان تضيع لطالبان التي ستستعملها مرة اخرى قاعدة لنضال الامبراطورية الكريهة. هذه حيرة صعبة، لكنه يدوي في داخلها الفرق الكبير بين الامبراطورية الغربية – الامريكية وبين الامبراطوريات التي سبقت وهو الاستعداد والقدرة على دفع الثمن الدموي. يستغرق هذا احيانا عشرين سنة