خبر كتب ياسر الزعاترة: مشروع وطني فلسطيني .. أم مشروع حركة « فتح »؟!

الساعة 12:11 م|12 نوفمبر 2009

فلسطين اليوم : كتب/ ياسر الزعاترة

في المهرجان الذي أقيم في دمشق قبل أيام بمناسبة الذكرى الثانية والعشرين لانطلاقة حركة الجهاد الإسلامي، والذكرى الرابعة عشرة لاستشهاد الدكتور فتحي الشقاقي، قدم الدكتور رمضان شلح ، أمين عام الحركة كلمة مكتوبة ، هي عبارة عن ورقة سياسية بالغة الأهمية تعالج الوضع الفلسطيني بتعقيداته الراهنة ، وكانت الأكثر صراحة في الآونة الأخيرة ، ربما لأن حركة الجهاد ليست منخرطة في الصراع الدائر بين حماس وفتح ، وإن بدت أقرب إلى حماس في الإطار العام للطرح السياسي والأيديولوجي.

السؤال المركزي الذي طرح الدكتور رمضان هو "هل هناك فعلا مشروع وطني فلسطيني اليوم؟" ، وتتفرع منه أسئلة جزئية مثل "ما هي الرؤية والمنطلقات التي تحكم هذا المشروع؟ وما هي أهدافه؟ ما هي أدواته؟ ما هي مؤسساته؟ من يحمله؟ ومن هي حاضنته؟ وما هي آفاقه ووعوده؟".

في إجابته عن السؤال المركزي ، ذهب شلّح إلى القول "للأسف ليس هناك مشروع وطني فلسطيني اليوم". مضيفا "هناك مشاريع فصائلية وبرامج فصائلية" ، أما "المشروع الوطني الفلسطيني اليوم ، فهو مشروع حركة فتح" ، والتي لا تمثل بدورها أكثر من 40 في المئة من الفلسطينيين كما تدل الاستطلاعات ونتائج التشريعي (نسي الدكتور رمضان الإشارة إلى أن وضع الحركة في الشتات لا يساوي نصف هذا الرقم).

نتيجة هذا الوضع هو أن الخلاف ليس مع المشروع الوطني الفلسطيني ، بل مع مشروع تنظيم ، و"مثل هذا الخلاف أو الاختلاف حق مشروع ، وليس جريمة أو خيانة وطنية كما يصورها البعض". وبذلك يكون السؤال هو هل يمكن صياغة مشروع "يعبر عن الكل الفلسطيني؟". والإجابة هي أن "هذه المهمة ليست مستحيلة ، لكنها شاقة وشاقة جدا ، لأنها محصلة صراع إرادات".

بعد ذلك يذهب شلّح إلى القول "لو أردنا بناء المشروع الوطني من جديد فما هي منطلقاته؟" ، وهنا يسأل "أليس الميثاق هو المرجعية الفكرية والسياسية للمشروع الوطني؟ أين هو الميثاق" ، ألم تشطب أهم مواده أمام كلينتون في غزة عام 1998؟، هذا عن المنطلقات. ماذا عن الأهداف؟ يسأل شلح ثم يجيب: "كلنا يعلم أن أهداف المشروع الوطني الفلسطيني منذ عام 1920 كانت فلسطين كل فلسطين" ، وتعلمون ماذا جرى لهذا الهدف بعد ذلك. ومع إمكانية التسامح مع البرنامج الجديد كبرنامج مرحلي ، فإن المشكلة هي إصرار "الطرف الآخر على أن هذا الجزء من الأرض والحق لا يمكن استعادته إلا على طاولة المفاوضات".

ينتقل بعد ذلك إلى الوسائل والخيارات ، معتبرا أن "هناك خيارين رئيسيين في الساحة: خيار المقاومة ، وخيار التسوية أو المفاوضات" ، لكنه يشدد على أن المقاومة ضد الاحتلال ليست خيارا ، بل "واجب شرعي ، ووطني ، وقومي ، وإنساني ، وأخلاقي ، وهي فوق هذا كله ضرورة تمليها التجربة في التعامل مع المشروع الصهيوني الذي لا يفهم إلا لغة القوة والمقاومة". لكن الطرف الآخر برأيه يرفض "المقاومة حتى كخيار" ، ويرى أن المفاوضات هي الخيار الإستراتيجي.

يخلص شلح إلى القول إنه "في المنطلقات والأهداف والوسائل والخيارات ، البون شاسع والمعضلة كبيرة" ، ثم يتحدث عن ضرورات بناء المشروع الوطني ممثلة في "المؤسسة أو الإطار الحامل للمشروع ، ثم الحاضنة ، ثم المخرج وأولويات النضال".

الإجابة بالنسبة لسؤال المؤسسة هو منظمة التحرير ، لكنه يسأل "أين هي المنظمة اليوم؟ لقد تم تفريغها في سلطة أوسلو" ، وبذلك "لم تعد السلطة هي بديل المنظمة فقط ، بل وللأسف يجري طرحها اليوم وكأنها بديل لفلسطين ، وبديل للقضية".

ويرى شلح أن "منظمة التحرير قامت من أجل تحرير فلسطين" ، ومن "يُسقط المنظمة وشرعية المنظمة أو على الأقل يُضعف شرعية المنظمة ، هو من يُسقط هدف التحرير وليس فصائل المقاومة التي تقدم الدم والروح من أجل هذا الهدف المقدس".

بالنسبة للحاضنة التي يتعلل بغيابها الطرف الآخر لتبرير تنازلاته ، يستغرب شلح من حقيقة أن "من يحاول تشكيل حاضنة للمقاومة الفلسطينية وللحق الفلسطيني ، نجده اليوم في موقع الاتهام ، وهذا ما تتعرض له سوريا وإيران". هذا بينما "يسمح لكل شياطين الأرض أن يكونوا شركاء لنا في تحديد مصير فلسطين ومستقبل فلسطين.

ينتهي شلح إلى سؤال المخرج ، وهنا يؤكد أن الانتخابات ليست مخرجا لأنها "ستكرس الانقسام" ، ولا "المصالحة بالصيغة المطروحة" ، والسبب هو أن "المأزق بنيوي وتاريخي وتراكمي". والحل برأيه يتمثل "في الاعتراف الصريح والواضح بفشل خيار التسوية ، ووصوله إلى طريق مسدود ، ثم بعد هذا الإعلان ، الدعوة إلى مراجعة شاملة لكل مسيرة العمل الوطني الفلسطيني من أجل استخلاص النتائج والعبر ، والعمل على صياغة مشروع وطني فلسطيني حقيقي يعبر عن الكل الفلسطيني والمجموع الفلسطيني" ، معتبرا أن هذه الخطوة هي "الخطوة الوطنية المطلوبة الآن لترتيب سلم الأولويات ، أولوياتنا النضالية والكفاحية والسياسية ، على أساس أننا شعب واحد ولنا عدو واحد هو العدو الغاصب لوطننا ، إسرائيل". وفي حين لم يطرح شلح حلّ السلطة رغم قناعته به وحديثه عنه في مناسبة أخرى ، إلا أن المسار الذي يقترحه سيؤدي إلى ذلك بالضرورة.

ينتهي الرجل إلى اعتبار التصلب والتشدد على ذات البرنامج بدعوى أنه البرنامج الوطني ، بينما هو برنامج فصيل إنما "يعني أن الفصيل في نظر البعض صار أكبر من الوطن وأكبر من فلسطين ، وهذا ليس خطأ وليست خطيئة أو كبيرة سياسية ، بل هي أم الخطايا وأم الكبائر ، لأن فلسطين أكبر من الجميع ، فلسطين بالشهداء ، بالتاريخ ، بالمبادئ ، بالقيم ، بالحق ، بالمستقبل ، بالمصير الذي رسمته دماء الشهداء".