خبر اذا ارادوا فليحادثوا، واذا رفضوا فتلك مشكلتهم .. اسرائيل اليوم

الساعة 02:38 م|11 نوفمبر 2009

بقلم: درور ايدا

"لا يمكن الا توجد خطة سياسية"، "الواقع يتغير امام اعيننا ونحن ندفن رؤوسنا في الرمل"، تتكرر اقوال في الصحف والسياسة الاسرائيلية وتشير الى حكومة نتنياهو على انها مذنبة لما يسمونه "الشلل السياسي". ويوجد فيهم من يشبهون الحكومة الحالية بحكومة شامير وكأن الحديث عن عيب. وهكذا تنشأ هستيريا من غير شيء، وتدفع اصداؤها الساسة الى ان يطلبوا في حضنها عناوين مضرة.

اليكم الخطة العبقرية لشاؤول موفاز، التي لم يسمع مثلها منذ اعتزاله المخزي عن الليكود ("لا يترك البيت") وانضمامه الى اريئيل شارون. اساسها انه ينبغي محادثة حماس. هذا مدهش اليس كذلك؟ انها حماس التي تكرر تصريحها صبح مساء عن اخلاصها للميثاق الذي كتبته في 1988، ذاك الذي سماه ياروم لندن هذا الاسبوع "نازيا". ايوافق موفاز على محادثة النظام النازي؟ أعود واقترح عليكم جميعا ان تقرأوا الميثاق المترجم الموجود في الانترنت لكل من يطلبه، وان نفهم الحرج الذي سببته اقوال موفاز لتسيبي لفني ومسؤولين كبار اخرين في كديما.

كذلك حدثت العاصفة في كأس شاي التي أحدثها "متمردو" حزب العمل حول "ضياع الطريق" لحزب العمل، في الاعلام في الاساس. فهي تمثل القبيلة التي اخذت تتقلص لليسار الاسرائيلي، الذي تلاشت سيطرته على الجمهور منذ زمن لكنه ما زال يملك سلطة كبيرة في مراكز القوة المهمة في وسائل الاعلام، اكثر مما تمثل ما يحدث حقا.

اقتبس من كلام أمين سر العمل المعتزل ايتان كابيل وهو يقول متأثرا: "انا اشعر كأنني في تجدد، كما في ولادة جديدة. هذا الاجتماع هو الرسالة. انها نهاية طريق حزب العمل". توجه الى الحاضرين وقال: "انا اعتمد عليكم كي ننتقل معا من مكان الى مكان ونحتل البلاد".

انه ما قلت، وهو ان التجمع القبلي هو الرسالة. لم يعد الخلاف السياسي في اسرائيل منذ زمن بين اليمين واليسار بل بين مشجعي فرق رياضية. بين اولئك الذين أتوا الميدان وأولئك الذين لم يأتوا. ويوجد تجديد منعش آخر صادر عن مدرسة تاركي العمل: فقد عاد مصطلح "الاحتلال" الى مركز الخطاب وهو يحصل على شرعية من في كابيل نفسه...

لكن كابيل محق في شيء واحد وهو ان هذه نهاية طريق حزب العمل حقا. ليست نهاية الحزب بل نهاية طريقه السابقة، اي الطريق السياسية التي افضت بنا الى الان الى عقبات سياسية واجتماعية. لم يكن وضع اسرائيل الدولي قط اسوأ، حتى لو نظرنا الى الطريق الجريئة التي اجتزناها الى الان من جهة التنازلات السياسية، يتبين اننا تبنينا واحدا واحدا المبادىء التي دعا اليها اليسار الاسرائيلي سنينا. ومع ذلك كله قوي الارهاب بقدر لم نعرفه، وزادت تهديدات جيراننا واصبحت اكثر اهمية، وبلغ الاستقطاب في المجتمع الاسرائيلي عنان السماء وكانت ذروته قتل رئيس حكومة، واصبح الجنوب والشمال رهينة في يد اعداء ذوي عقيدة نازية.

اذن ما الذي ستطلبه منا بعد ايها الحزب؟ لقد شبعنا خططا سياسية مختلفة عجيبة لكن ذلك لا يهم احدا في الطرف الثاني؟ يوجد ها هنا نص مردد نفساني عميق يعبر عن خوف فظيع من أن نتنازل بغير "مسيرة سياسية" وبغير "محادثات سلام" وبغير "تنازلات مؤلمة"، وماذا سنفعل آنذاك؟

وتوجد مرة اخرى عودة الى التفسيرات العقلانية القائلة ان اسرائيل لا تستطيع العناد ازاء عالم توحد عليها، واننا لا نستطيع ان نكون معزولين وان نظن ان العالم سيتفهم، وسائر الشعارات الجوفاء المنقطعة عن فهم العمق النفسي لقوة القوى الظلامية في المنطقة.

ولمن لم يسمع، فقد عرض نتنياهو خطة سياسية في خطبة بار ايلان. بل انه ذكر الاسم الصريح "دولتين للشعبين"، وهذا امر سبب لعدد من المراسلين السياسيين الشعور بالنشوة الجنسية. لكن في ضوء السلوك الفاشل "للمسيرة السياسية" في السنين الاخيرة الـ 16، اشترط نتنياهو شروطا واضحة، على رأسها اعتراف فلسطيني بدولة اسرائيل على انها الوطن القومي للشعب اليهودي. هذا جد سهل واساسي، لكنه لم يكن مما يلذنا حتى الان طلب ذلك من جيراننا المساكين.

ماذا نفعل اذن؟ نعود الى الصهيونية الكلاسيكية التي استمدت روحها من زعيم عودة صهيون الثانية، نحميا: "يقوم بالعمل بيد ويقوي بالاخرى الراية". اوبلغتنا، البناء والدفاع، والتطوير والامن، والابداع والحراسة، والسيف والكتاب. خططنا السياسية معروفة لاعدائنا. اذا ارادوا فليحادثوا واذا رفضوا فتلك مشكلتهم.