خبر فخامة الرئيس .. هآرتس

الساعة 02:37 م|11 نوفمبر 2009

بقلم: تسفي بارئيل

ليس محمد البرادعي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، حبيب اسرائيل بالضبط. عندما اوشك في 2005 ان ينتخب لولاية ثالثة، بذلت اسرائيل جهدا غير قليل لاقناع الولايات المتحدة بأن البرادعي المصري "لين جدا" في كل ما يتصل بالذرة الايرانية وانه يحسن وجدان شخص اكثر صرامة. انطوت واشنطن بوش، التي لم تكن محتاجة للاقناع الاسرائيلي على نفسه ووافقت على التعيين اخر الامر. بعد ذلك ببضعة اشهر حظي البرادعي بجائزة نوبل للسلام لكنه لم يحظ بثقة اسرائيل والولايات المتحدة. سينهي ولايته هذا الشهر، وسيحل محله يوكيه امانو، سفير اليابان في الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

لكن البرادعي لا ينوي التبطل بعد 12 سنة عمل كثيف، اشرف فيها على الذرة في ليبيا وكوريا الشمالية وايران والعراق. بل انه لا يلغي في سن 67 وظيفة سياسية في مصر وليست مجرد وظيفة: فهو مستعد لان يزن بجدية المنافسة في ولاية رئاسة الدولة، "بشرط ان يضمن خطيا ان تكون الانتخابات حرة، ونقية وشفافة"، كما قال في مقابلة مع سي. ان. ان بالعربية في الاسبوع الماضي.

صحيح انه يتوقع ان تقام الانتخابات للرئاسة في مصر في 2011 فقط، لكن القدر السياسية اصبحت تغلي. تم الابلاغ ها هنا قبل اسبوعين عن مقترح الصحفي والمفكر محمد حسنين هيكل، اقامة مجلس خبراء يعد دستورا مصريا جديدا يضع الأسس لمصر ديمقراطية "تمنح الجيل القادم الأمل بدل اليأس". ذكر هيكل، الذي عبر آنذاك عن معارضته الشديدة لترشيح جمال مبارك، ابن الرئيس، ذكر اسم البرادعي كمن يستحق ان يلي في المجلس.

لم يترك حزب المعارضة "الوفد" فكرة هيكل تغرق كفكرة اخرى لمؤرخ سياسي. فقط دعا البرادعي الى العودة لمصر وعرض نفسه كمرشح من قبله في الانتخابات المقبلة. لم يستقر رأي البرادعي في الحقيقة على المنافسة من قبل  المعارضة او كمرشح مستقل، وليس واضحا تماما ما الذي يقصده بمصطلح "انتخابات حرة ونقية". هل يقول بذلك ان الانتخابات في مصر لم تكن الى الان "حرة ونقية"؟ لا حاجة الى ان ننتظر تفصيلا زائدا في هذه القضية لندرك مبلغ النقد الذي يوجهه البرادعي الى السلطة في مصر.

احدث الحجر الذي القاه أمواجا في المجموعة السياسة في مصر، عندما أعلنت الكتلة المتدينة للاخوان المسلمين انها لن تؤيده، وكذلك بعض منظمات اليسار تعتقد انه غير ذي خبرة كافية بادارة الشؤون السياسية والمشكلات الاقتصادية على القدر الذي تغرق فيه مصر. في مقابلتهم تعتقد قيادة حركة "كفاية"، التي تجمع اكثر معارضي توريث جمال مبارك الرئاسة، انها ستفحص عن امكان تأييد البرادعي اذا عرض ترشحه.

الحزب الحاكم الذي ما يزال يهيىء جمال مبارك مرشحا وحيدا لم يرد الى الان. يبدو في هذه المرحلة انه لا يوجد شيء يخافه ايضا. لكي يستطيع البرادعي عرض ترشحه للرئاسة يجب ان يكون عضوا في احد الاحزاب القانونية مدة سنة على الاقل، وبشرط ان يكون ذلك الحزب نشيطا مدة خمس سنين  على الاقل. ثمة امكان اخر هو المنافسة مستقلا، بيد انه سيجب عليه آنذاك ان يحصل على الاقل على 250 توقيعا للممثلي جمهور، منهم 65 على الاقل من مجلس الشعب وعلى 25 على الاقل من مجلس الشورى. يسيطر الحزب الحاكم على هاتين المؤسستين سيطرة كبيرة، بحيث يشك في ان ينجح في احراز التواقيع. والى ذلك سيكون واجبا على البرادعي ان يفحص عن تأييد الجيش المصري، الذي تفضل قيادته العليا كما يبدو عمر سليمان رئيسا. حتى ذلك الحين يمكن الاستمرار على التلهي بفكرة ان من عارض البرادعي رئيسا للوكالة الدولية للطاقة الذرية، سيضطر الى قبوله رئيسا لمصر.

سر السفينة

في قضية السفينة الايرانية التي حملت السلاح الذي كان موجها كما يبدو الى حزب الله، كلها، غابت مشاركة مصر في احتجازها. عرفت التقارير الاعلامية ان تبلغ عن ان مصر "كالعادة" اغمضت عينيها وانه "يبدو" ان ليست هذه هي المرة الاولى التي تمكن فيها من مرور سفن سلاح من أرضها. هذه بالمناسبة نفس مصر التي اعتقلت قبل بضعة اشهر خلية من حزب الله وكشفت عن السلاح الذي نوت نقله الى غزة، ونفس مصر التي تعمل في مواجهة مهربي السلاح من السودان ايضا. لكن مصر دائما هدف سهل للنقد.

اليكم اذن سؤالا غامضا للتفكير. وصلت السفينة الايرانية ميناء دمياط في مصر، وحطت هناك حاويات السلاح لنقلها الى السفينة الالمانية فرانكوب، التي يديرها فريق قبرصي تحت علم انتيغوا. هل أبلغت اسرائيل مصر بأن السفينة الايرانية توشك ان تصل دمياط؟ أحذرتها من ان السفينة الالمانية توشك ان تخرج من ارضها وهي تحمل الشحنة الفتاكة وطلبت ان تحتجزها؟ الجواب المعتاد هو "ماذا حدث لكم؟" لانه كيف يمكن الاعتماد على ان يحتجز المصريون السفينة او يحطوا حمولتها ويعتقلوا ملاحيها؟ بل انهم قد يكشفون للربان عن ان سفينته تحت متابعة اسرائيلية.

لكن هل كانت اسرائيل التي ارادت ان تقع غنيمة السلاح والنصر الاعلامي في يديها، قادرة على ان تسمح لنفسها بوضع تقرر فيه مصر، ولو عرضا فحص السفينة وحط حمولتها؟ اكانت اسرائيل قادرة على ان تخاطر بأن يحط جزء من الحمولة في مصر بنية تهريبه الى غزة؟ باختصار يصعب تخمين ان اسرائيل تركت رحلة السفينة الايرانية والالمانية ليد الصدفة ولم تشرك مصر في السر ايضا.