خبر الاخفاق .. هآرتس

الساعة 02:37 م|11 نوفمبر 2009

بقلم: شلومو افنيري

بعد تسعة اشهر ولادة، ليس مبكرا جدا اجراء تلخيص مرحلي لسياسة ادارة اوباما الخارجية. الشعور العام هو خيبة أمل – ولا سيما في ضوء الحماسة شبه المسيحانية التي صحبت انتخابه. من الواضح للجميع ان باراك اوباما ليس جورج بوش، وان الجو الدولي حول الولايات المتحدة تغير الى احسن، لكنه لم يحدث شق طريق.

يبرز كل ذلك بروزا خاصا ازاء القدرة الخطابية المؤثرة التي تميز حضور اوباما العلني. فمنذ زمن لم تحظ الولايات المتحدة برئيس جد مميز – في شخصيته، وخلفيته، وذكائه العاطفي، وقدرته على التأليف بين الرؤيا المحمسة والقدرة على الحديث الى طوائف مختلفة على نحو مساو. لكن يبدو ان الواقع العنيد يصفع هذه المرة وجوه المقاصد الخيرة. قد لا تكون هيلاري كلينتون تحب تذكر ذلك الان، وهي تلي وزارة الخارجية في ادارة اوباما، لكنها كانت هي التي اشارت زمن الانتخابات التمهيدية الى ان القدرة على الخطابة والرؤيا ليستا بديلا من التجربة ومعرفة العالم.

في الداخل يبدو ان اوباما ينجح في تقديم اصلاح الصحة الذي بادره – وهو بلا شك انجاز تاريخي. لكنه يحكم على رئيس امريكي في  الاساس بحسب الطريق التي يوجه بها سياسة بلده الخارجية ويترك اثره في السياسة الدولية. كانت البداية مدهشة: فقد بين اوباما استعدادا للحوار بديلا من سياسة المواجهة القوية عند بوش. لكن ترجمة هذا التغيير المبدئي الى الواقع لم تثبت نفسها.

فيما يتصل بايران، وضع اوباما حدا لسياسة بوش الذي رفض اجراء تفاوض معها وهدد ملمحا ومصرحا احيانا باستعمال القوة. لكن الحوار مع طهران لم يثمر حتى الان بل العكس: يرى الاعتدال الامريكي ضعفا. فالايرانيون يستهينون بمن يجرون التفاوض، ويحاولون مد الوقت ويبصقون في واقع الامر في وجه اوباما. يلمح الامريكيون الى انه اذا لم تتقدم المحادثات حتى نهاية كانون الاول فانهم سيستعملون عقوبات شديدة حتى لو منعت روسيا والصين قرارا في مجلس الامن. يمكن فقط ان ننتظر ونرى لكنه لا يوجد هنا نجاح كبير.

وهذا هو شأن السياسة نحو روسيا ايضا: فالتخلي من برنامج نصب رادارات وصواريخ في بولندا وجمهورية التشيك لم يفض الى الان الى تغيرات في السياسة الروسية كما في قضية ايران مثلا. وفي افغانستان تواجه الادارة دعامة هشة، ورجع اوباما عن وعده في المعركة الانتخابية بأن يرسل الى هناك 40 الف جندي اخر، وعلى اية حال ليس حلفاؤه في حلف شمال الاطلسي مستعدين للتفضل عليه بامدادات.

وفي اخر المطاف – الشرق الاوسط. بدأ اوباما رئاسته باعلان انه سيعمل بجد باحراز اتفاق اسرائيلي فلسطيني، وعين جورج ميتشيل مبعوثه الخاص. لكنه حدث لميتشيل ما حدث لوسطاء اخرين في المنطقة: فمع عدم رغبة سياسية عند الجانبين الصقريين يبقون عاجزين. عندما تورط ميتشيل بعلاج وقف البناء الاسرائيلي في المستوطنات اضاع الكثير من المال السياسي الامريكي: هل يقدر من لا يستطيع مواجهة "الزيادة الطبيعية" في المستوطنات على التوصل الى حل شامل للنزاع؟

بقيت زيارة كلينتون ايضا عقيما، وتهديد محمود عباس بالاستقالة وان لم يتحقق، لا يشهد على نجاح امريكي كبير. اذا جدد التفاوض مع ذلك فان الامر سيعرض على انه انجاز عظيم؛ لكن التفاوض وجد ها هنا مدة سنتين في ايام ايهود اولمرت ولم يصدر عن ذلك اتفاق.

ليس صحيحا ان الطريق الى جهنم مرصوفة بالنيات الخيرة. تكون النيات الخيرة احيانا غير مفضية الى اي مكان.