خبر دولة بدون سؤال أحد .. معاريف

الساعة 02:36 م|11 نوفمبر 2009

بقلم: جدعون سامت

المسيرة السلمية ماتت. احتفال الدفن جرى في اللقاء الغريب لبنيامين نتنياهو وبراك اوباما. وأجمل موسم فشل في مساعي الرئيس الاستثنائي لاستئناف المفاوضات بين الاصم والابكم. العبارة نفسها، المسيرة السلمية، بدت فارغة من المضمون منذ زمن بعيد. وجدت نفسي غير مرة أتردد في طباعتها. مثل "معسكر السلام"، الذي أخذ في التضاؤل هنا الى حفنة هزيلة.

الضيف في البيت الابيض سيسجل كمن فعل الاقل منذ اسحق شمير على معالجة العائق الاكبر في طريق الدولة. المضيف لم يعمل على نحو افضل. كان في سلوك نتنياهو مزيج من الغرور والديماغوجيا. فقد لعب بالكلمات، بالوعود، وهكذا على ما يبدو عاد ليفعل مع الرئيس أول أمس. نتنياهو يخاف، فهو يخشى اهتزاز الائتلاف المعقد الذي بناه. وعليه، فقد كان هذا فشله السياسي في معالجة اللغم الاكبر على طريق الدولة. فما الذي فكر به الرجل الذي حصل على فرصة اخرى؟ أن يستخف بالرئيس الامريكي ويخرج بسلام؟

فترة الممات لنتنياهو الحقت ضررا لا يقل عن عهد الحديث الكثير في ختام حكم ايهود باراك. بارك استنتج من فشله في كامب ديفيد 2000 بان ليس هناك مع من يمكن الحديث. وهكذا يكون أوقف المسيرة بضربة تشبه تقريبا اغتيال اسحق رابين. نتنياهو لم يتحدث على الاطلاق مع الطرف الاخر. وسجل كانجاز الرفض العملي للاستجابة لمبادرة اوباما. مؤيدوه هتفوا لحكمته السياسية. ها هو رجل – رجل، يحبط ارادة الزعيم الامريكي. ومهما كانت البيانات عن اللقاء، فقد استقبله في البيت الابيض، في ساعة المساء وبدون وسائل اعلام، من خاب أمله في دفع الطرفين نحو الحديث. وقد ساهم كثيرا في هذه الهزيمة، بشكل مختلف. الطلب المتواضع لتجميد البناء في المستوطنات طرحه كطلب مؤدب. وكأن به يستدعي رد فعل نتنياهو الرافض.

كان يمكن لهذا أن يكون مختلفا لو لم يخضع نتنياهو نفسه للتخوف من فرار شركاء سياسيين يمقتون التسوية. معسكر السلام انكمش وصمت. اسرائيل اعتادت على الجمود. المسيرة المتأرجحة ليست في رأسها. الرجل الذي عاد الى مكتب الزعيم مع وعد بانه تعلم شيئا جديدا، خلق مجددا جوا من عدم الثقة في نواياه. نتنياهو اضاع الفرصة التي اعطيت له. ما سيتبقى هي العبارات التي ستواصل الانطلاق على ألسن أناس – نتنياهو، ايهود باراك – بان في انعدام الفعل من جانبهم صفوا المسيرة المحتضرة. ولكن اوباما هو المذنب الرئيس، فهو لم يطلق أي طلب ضاغط. تجميد البناء في المستوطنات كان منذ البداية طلبا بالحد الادنى. مع معدل شعبية ينخفض خشي النجم المندفع من أن يتضرر من اليهود عنده في الوطن. فبعث بمبعوث آلي الى حملات مكوكية انتهت بلا شيء. وبدا كل شيء كعمل هاوٍ على نحو عجيب. وكان بالطبع ضعف الزعيم الفلسطيني وحماس الكفاحية التي شككت بمكانته.

لقاء نتنياهو الذي نقل الى البيت الابيض كان رمز دفن "المسيرة" القديمة. يحتمل أن يتعين على الخطوة الجديدة ان تكون احادية الجانب مثل مبادرة رئيس الوزراء الفلسطيني، سلام فياض، الاعلان عن دولة دون سؤال رأي احد. شاؤول موفاز نشر هذا الاسبوع اقتراحا مشابها لانسحاب اسرائيلي مدروس من الضفة. رجاء لا تستخفوا. التوازي بين الفكرتين يمكن ان يظهر مثيرا للاهتمام، رغم أن – وربما بالذات لان – رئيس الوزراء ناشد منذ الان اوباما بان يصد الفكرة. على أي حال، النهج الحالي انتهى. من مفاوضات بين نتنياهو وابو مازن ستنبت تسوية مثلما ينبت الشعر على كف اليد. اذا ما نشأ شيء ما ايجابي من خيبة امل رئيس محبط وغاضب فهو فهم الضرورة لقرص جديد، بعد أن ثبت واعلن عن تآكل القرص القديم.