خبر السلام الفلسطيني ـ الإسرائيلي : 3 سيناريوهات في انتظار مؤلف .. صحيفة مصرية

الساعة 09:45 ص|11 نوفمبر 2009

كتبت: الشروق المصرية

تظل قضية السلام فى الشرق الأوسط فى بؤرة اهتمام دوائر صناعة القرارات والأفكار الأمريكية مهما تعددت القضايا التى تشغل الأمريكيين.

فى ندوة مهمة بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، والمعروف بقربة من دوائر الحكم الإسرائيلية، واللوبى اليهودى بالولايات المتحدة، وحضرتها الشروق تحت عنوان «تشخيص عملية سلام الشرق الأوسط» عرض المشاركون فى الندوة 3 تشخيصات مختلفة لحالة ملف سلام الشرق الأوسط من وجهات النظر الفلسطينية والإسرائيلية والأمريكية.

عرض «غيث العمرى» ـ المسئول باللجنة الأمريكية لفلسطين، والمستشار السابق للرئيس الفلسطينى ـ للعلاقات الدولية تشخيصا فلسطينيا، وجاء التشخيص الإسرائيلى من جانب «إيهود يارى» كبير المعلقين بالقناة الثانية بالتليفزيون الإسرائيلى، وزميل زائر للدراسات الدولية بمعهد واشنطن، أما التشخيص الأمريكى فعرضه روبرت ساتلوف مدير معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى.

حاولت الندوة الإجابة عن أسئلة تتعلق بفشل بدء مفاوضات فلسطينية إسرائيلية مباشرة، خاصة بعد مرور ما يزيد على تسعة أشهر على بدء جهود إدارة الرئيس الجديد باراك أوباما لحل معضلة سلام الشرق الأوسط. وباستثناء الاجتماع الشكلى بين رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو ومحمود عباس زعيم السلطة الفلسطينية، برعاية أوباما على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة فى سبتمبر الماضى، لم يكن هناك شىء يذكر.

وأشار غيث إلى حالة الإحباط الفلسطينى والتى أدت لعباس أن يعلن رغبته فى التقاعد، وهى الرغبة التى يراها غيث تكتيكية فقط. وطالب غيث الولايات المتحدة بالوقوف بعيدا عن تفاصيل المفاوضات، وضرورة الاكتفاء فقط بجمع الفلسطينيين والإسرائيليين فى غرف الاجتماعات.

وإنه برغم وجود فجوة كبيرة فى مواقف الطرفين، إلا أن أى تدخل أمريكى بالضغط المباشر سيكون له مخاطر أكبر من أى مكاسب يمكن تحقيقها.

وأشار غيث إلى صعوبة التوصل إلى أى نتائج إيجابية فى المدى القريب، وأكد أن الأهم هو التركيز على ما يحدث على الأراضى الفلسطينية من محاولات جادة لبناء مؤسسات حقيقية تكون عماد دولة مستقبلية. وأشار إلى تحسن كبير للقدرات الأمنية الفلسطينية، وإلى تحسن كبير فى التعاون الأمنى الفلسطينى الإسرائيلى.

ويرى غيث أن خلق مؤسسات قوية يمكن أن تخلق إطارا عازلا ضد فشل أى مفاوضات، وستشعر المواطن الفلسطينى بقيمة الدولة، ونادى بضرورة تنسيق برامج المساعدات الأمريكية مع نظيراتها العربية والأوروبية. وطالب غيث بتركيز إدارة أوباما على بناء مؤسسات فلسطينية، وجعلها أولوية سياسية، وأن لا تعارض الولايات المتحدة توصل فتح وحماس لمصالحة فلسطينية.

«دولة الآن، وسلام لاحقا».. كان هذا الشعار هو مدخل المتحدث الإسرائيلى «يارى»، ورأى ضرورة أن تكون هناك صفقة تساعد على التوصل لمفاوضات الحل النهائى. وطالب «يارى» بدولة فلسطينية الآن بحدود مؤقتة، تترك مناقشتها لمفاوضات الوضع النهائى.

وحذر المتحدث الإسرائيلى من السماح للجناح العسكرى داخل حركة حماس من السيطرة على مقدرات ومستقبل الحركة، حيث يتذكر الكثير من قادة حماس مصير إخوانهم المسلمين فى سوريا، وما حدث لهم فى مدينة حماة عام 1979.

وأشاد «يارى» بجهود رئيس الوزراء الفلسطينى فياض فى بناء مؤسسات دولة. ورأى «يارى» أن الكثير من الفلسطينيين يعتقدون أن فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة هى وسيلة للسيطرة على الشعب الفلسطينى، وأن أحلام الشعب الفلسطينى تتمثل فى نهاية الاحتلال، والاستقلال، وليس بالضرورة إنشاء دولة فى هذه المرحلة.

وأنهى «يارى» حديثه قائلا: إنه لا يتوقع إجراء الانتخابات، ولا يتوقع تنازل عباس، إلا أن لديه معلومات بأمن محمود عباس قاد مؤخرا بإجراء تجديدات فى منزله بالعاصمة القطرية الدوحة!

وأشار «يارى» إلى أنه حال تمسك عباس بتنازله عن الحكم، فستكون هناك محاولات من أشخاص كثيرين لهم طموح سياسى للانقضاض على منصب الرئيس، ومن أهم هؤلاء الأشخاص «أبوماهر غنيم»، بما لديه من شعبية كبيرة، وطموح كبير، إضافة إلى أن سنه يبلغ 74 عاما، وينظر له أنه سيحكم لفترة قصيرة.

وتحدث ساتلوف عن الإدارة الأمريكية والتوقعات التى أتت بها نتيجة تبنيها ملف سلام الشرق الأوسط منذ اليوم الأول لها فى الحكم، إلا أن الواقع على الأرض صدم هذه التوقعات لرئيس ليس له سابق خبرة جيدة بتعقيد وتشابك قضايا السياسة الخارجية. وأشار ساتلوف أنه ورغم محاولات إدارة أوباما الابتعاد بكل الطرق عن منهج إدارة جورج بوش، إلا أنها تتبنى نفس النهج، خاصة فيما يتعلق بموقف واشنطن من سوريا ولبنان وحماس.

وذكر ساتلوف أن رؤية أوباما المبدئية لمعادلة تنازل إسرائيلى فى موضوع المستوطنات، يقابلها تنازل عربى فى قضية التطبيع، اصطدمت برفض الطرفين! وحدث ارتباك واضح فى نهج الإدارة، ساعد عليه تباعد شديد وغير مقبول لرؤية الطرفين الإسرائيلى والفلسطينى لشكل التسوية.

ثم جاءت الانتخابات الإيرانية وما تبعها من تطورات فى ملف إيران النووى لعيد تذكير صانعى السياسة فى واشنطن بأهمية وأولوية ملف إيران النووى على الصراع العربى الإسرائيلى، وتأكد أوباما مما سمعه من ملك السعودية فى يونيو الماضى خلال زيارته للرياض، بضرورة التعامل السريع مع إيران.

واستغرب ساتلوف مما وصل الوضع إليه قائلا من كان يتخيل أن تدعو الإدارة الأمريكية الفلسطينيين للجلوس مع حكومة إسرائيلية لمناقشة سبل التوصل لدولة فلسطينية مستقلة، ويرفض الجانب الفلسطينى، وبل ويضع شروطا لبدء التفاوض.

ويرى ساتلوف أن محمود عباس يعتقد أن الإسرائيليين يحسنون عروضهم مع مرور الوقت. وختم ساتلوف مداخلته متوقعا أن لا تستثمر إدارة أوباما المزيد من الوقت من أجل التوصل لبدء المفاوضات، وسيتم التركيز على الملف الإيرانى الذى يلعب الوقت فيه دورا مهما عكس صراع الشرق الأوسط.

إلا أن ساتلوف أشار إلى النجاح فى استمرار عزل حماس، وزيادة السخط الشعبى عليها. وتحسن أداء مؤسسات فلسطينية يقوم بها رئيس الوزراء الفلسطينى فياض. ونصح ساتلوف أوباما بضرورة تجنب إلقاء اللوم على إسرائيل كونها أكثر طرف يتمتع بقوة وحرية حركة فى معادلات الصراع.

واستبعد كل المتحدثين إمكانية إجراء انتخابات فلسطينية كما هو مخطط فى يناير المقبل، مما سيؤدى لوجود وضع غير شرعى لحكومة حماس، التى ستنادى بضرورة إجراء الانتخابات لاعتقادها بنجاحها فيها داخل غزة وفى الضفة الغربية لانه مع بدون الانتخابات تنتهى شرعية المجلس الوطنى الفلسطينى، ويبقى عباس وحده، وطبقا للدستور الفلسطينى صاحب الشرعية الوحيدة.