خبر ليس الإعلام .. معاريف

الساعة 01:15 م|10 نوفمبر 2009

بقلم: بن درور

 نحن نوهم انفسنا عندما يكون الحديث عن الاعلام، بأننا لو روينا للعالم كم نحن رائعون لكان كل شيء على ما يرام بالنسبة الينا. سيكون من الصعب ان يزعم فيّ كمن اعمل كثيرا في صناعة الاكاذيب على اسرائيل انني لا افهم اهمية الاعلام. فهو مهم. لكن هلم لا نبالغ. ليسوا جميعا هناك في الخارج اعداء اشرارا. وليس جميعا معادين للسامية يدبرون المؤامرات. يوجد ايضا محبون لاسرائيل. وهم، هم ايضا لا ينجحون في فهمنا.

 لنأخذ على سبيل المثال بشار الاسد رئيس سورية. انه منذ زمن طويل في هجوم سلام. كان ذلك الان في مقابلة صحفية مع صحيفة تركية كرر فيها تصريحات السلام. قد لا يكون يقصد اي كلمة. فليكن. هل يظن احد عندنا بجد انه يوجد من سيشتري هذه البضاعة وهي "انه لا يقصد"؟ لنقل انه لا يقصد ذلك. فلماذا نرفض الحديث الان، نحن الذين زعمنا عشرات السنين انه لا يوجد من يتحدث اليه؟

 صحيح، الاسد ذو صلة بايران، ويزود حزب الله بالسلاح وهو مشارك ايضا في تشجيع الارهاب في العراق. كل ذلك صحيح. لكن هذا لا يعني ان الرد الاسرائيلي يزيدنا نقطا. بل العكس. ان الاسد يرمم منذ سنتين مكانته ويجعل اسرائيل رافضة للسلام. انه يلعب اللعبة ونقع نحن في الشرك. هو مع تصريحات السلام، ونحن مع تلعثم غير واضح. يوجد ايضا سبيل اخرى كي نحرجه. ان نقترح عليه اتفاق سلام سخيا. اما الشروط الصعبة فتأتي بعد ذلك. الانفصال من المنظمات الارهابية، ومن حزب الله ومن محور الشرق الايراني. الكل في مقابلة الكل. ان احتمال ان يوافق الاسد على هذه الشروط يؤول الى الصفر. فهو يريد الجولان، ويريد علاقة الحب بحزب الله، وعلاقة الحب بايران ايضا. اي ان الاسد في ساعة الحسم سيقول لا. لكننا نبدو بحماقتنا كمن استبدلنا الادوار مع الجانب العربي. فهم يقولون نعم ونصرخ نحن "لا".

 هذا الحال ايضا مع مبادرة السلام السعودية التي اصبحت مبادرة عربية. هذه هي المبادرة الوحيدة في الميدان، لان اسرائيل لا تقترح اي شيء. لا شيء. لا يعني الامر ان هذه مبادرة يجب التحمس لها. ففيها، برغم جميع المفسرين من تلقاء انفسهم، حق العودة الذي لن تستطيع اسرائيل قبوله البتة. لكن يجب على اسرائيل ان تقول نعم هنا ايضا بدل ان تقول لا. نعم قبل كل شيء. بعد ذلك فقط الشروط والشرائط. وفي الخلفية ايضا توجد حماس التي تعلن باستعداد للهدنة عشر سنين، مع محادثات، وربما تلميحات الى اتفاق اكثر جدية.

 نستطيع ان نزعم مرة بعد اخرى، ان حماس منظمة معادية للسامية (وهذا صحيح)، يتحدث متحدثوها الكبار ايضا عن ابادة اليهود (وهذا صحيح) وغير ذلك. بيد ان كل هذا يبدو اقل اقناعا عندما تصدر عن حماس اصوات سلام ويصعب علينا الرد. يجب ان نقول نعم لحماس ايضا. ثم تأتي الشروط بعد ذلك مثل الغاء ميثاق حماس المعادي للسامية وغير ذلك كثير. يؤول احتمال ان يوافق الطرف العربي على شروط اسرائيل – وهي شروط ستحظى بتأييد العالم الحر ايضا – الى الصفر. بيد ان اسرائيل ما تزال في تلعثم. في الحقيقة صدر عن بنيامين نتنياهو عبارة "دولة فلسطينية"، بيد انه لم يسجل اي تغيير للصورة الاسرائيلية. بل العكس. فالانطباع هو ان العرب يعرضون السلام وان اسرائيل اصبحت رافضة. وانهم يريدون المحادثة وان اسرائيل تدير ظهرها.

 في هذه الاثناء تقع امور. ففي اوروبا، وفي امريكا الشمالية ايضا زحف لروابط العمال، ومنظمات طلاب الجامعات والشبكات الكنسية نحو مقاطعة اسرائيل. ويوجد في الخلفية ايضا تهديد اكبر في اللحظة التي يتبنى فيها الجانب الفلسطيني استراتيجة "دولة واحدة". فماذا عنا؟ في تلعثم في الاساس. يمكن تغيير ذلك. يحل ان نقول نعم ايضا. ادرك العرب ذلك ونسيناه.