خبر إسرائيل تتعامل بحذر مع إعلان عباس لكنها تعتبر بقاءه « مصلحة » وتشكك في جديته

الساعة 06:19 ص|08 نوفمبر 2009

فلسطين اليوم – القدس المحتلة

تعمّدت حكومة اسرائيل عدم التعقيب رسمياً على إعلان الرئيس محمود عباس (أبو مازن) عدم خوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، بداعي أنه "شأن فلسطيني داخلي ناجم عن اعتبارات داخلية"، لكنها في الواقع تحاشت التعقيب لئلا تُتهم بأنها ساهمت في إحباط الرئيس عباس بمواقفها المتشددة من استئناف المفاوضات التي لقيت الدعم من وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون.

 

وفيما تشكك أوساط أمنية اسرائيلية في جدية الرئيس عباس، تؤكد أوساط سياسية رفيعة المستوى أن إسرائيل معنية بأن يبقى الأخير في منصبه "باعتباره شريكاً للسلام ولأن خلفه، أياً يكن، سيكون أكثر تشدداً". وكان وزير خارجية اسرائيل أفيغدور ليبرمان استبق الإعلان المتوقع لعباس بالتصريح للإذاعة الاسرائيلية العامة مساء أول من أمس بأن عدم ترشيح عباس نفسه للرئاسة في الانتخابات المقبلة "شأن فلسطيني لا تريد إسرائيل التدخل فيه"، وان اسرائيل تجري مفاوضات مع السلطة وليس مع شخص أبو مازن.

 

وقالت صحيفة "الحياة" اللندنية ان نائب وزير الخارجية داني أيالون كرر في حديث إلى الإذاعة العامة أمس هذا الموقف، مضيفاً أن "من الواضح أن لإسرائيل والولايات المتحدة ودول الغرب والفلسطينيين ثمة مصلحة بوجود قيادة فلسطينية مسؤولة وبراغماتية ومعتدلة". واستبعد أن تفرج إسرائيل عن الأسير المعتقل مروان البرغوثي حتى في حال انتخابه رئيساً للسلطة.

 

ونقلت الإذاعة الاسرائيلية عن وزير الدفاع إيهود باراك أنه أعرب عن أمله بأن لا يمس إعلان عباس بالجهود لاستئناف محادثات السلام، مضيفاً أنه يرى أهمية بالغة في "تمسك الجانبين بمبدأ المفاوضات للدفع نحو التسوية القائمة على حل الدولتين". وتابعت الإذاعة أن المستوى السياسي في إسرائيل يرى في القيادة الفلسطينية المعتدلة برئاسة "أبو مازن" شريكاً كاملاً في المفاوضات بلا شروط مسبقة وأن "المطلوب اليوم هو إبداء الرغبة والشجاعة للاعتراف بإسرائيل دولة يهودية وإنهاء الصراع".

 

وأكدت وسائل الإعلام العبرية أن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو قرر عدم التعقيب رسمياً. وأفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الاسرائيلية أن أوساطاً رفيعة المستوى عزت هذا الموقف إلى أن المستوى السياسي يرى في خطوة عباس "مناورة تكتيكية موجهة للآذان الأميركية من جهة، وللرأي العام الفلسطيني الداخلي من جهة أخرى"، وأن الهدف منها هو الضغط على الولايات المتحدة لتمارس نفوذها على إسرائيل لتجميد الاستيطان بشكل تام في مدينة القدس االقديمة والضفة الغربية، فيما وصفت صحيفة "معاريف" الإعلان بـ "التهديد الاستعراضي لأبو مازن".

 

وبحسب الأوساط السياسية الاسرائيلية أيضاً، فإنه "يجدر بإسرائيل الصمت وعدم التعقيب" بعد أن توصلت إلى تفاهمات مع الولايات المتحدة بشأن شروط استئناف المفاوضات، مضيفة أن "من شأن أي رد من جانبها أن يوجه النيران نحوها إذ سيوجه المجتمع الدولي أصابع الاتهام لها ويتهمها بالرفض".

 

ونقلت صحيفة "معاريف" عن مصدر سياسي أن نتانياهو ليس معنياً برحيل عباس، رغم علمه أن "من مصلحة إسرائيل بقاءه في منصبه، لإدراكه أن أبو مازن هو الأقل سوءاً بين القياديين الفلسطينيين وأن خلفه سيكون أكثر تطرفاً"، لكن رئيس الحكومة "يتبع الحذر الشديد لتفادي عناق عباس عناق الدب".

 

ومن جهة اخرى ذكرت صحيفة "هآرتس" أن الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز اتصل بعباس هاتفياً قبل يوم من إعلانه قرار عدم ترشيح نفسه في محاولة لثنيه عن قراره. وأضافت أن بيريز قال لعباس: "إذا غادرت منصبك فسيخسر الفلسطينيون فرصة الحصول على دولة مستقلة وسيتدهور الوضع في المنطقة. ابقَ في منصبك من أجل الشعب الفلسطيني".

 

إلى ذلك، نقلت وسائل الإعلام الاسرائيلية عن أوساط أمنية رفيعة المستوى استخفافها بإعلان عباس بداعي "أن انتخابات الرئاسة الفلسطينية لن تجرى في كل الأحوال" إزاء الشرخ القائم بين حركتي "فتح" و "حماس". ونقلت "هآرتس" عن هذه الأوساط قولها إن الإعلان "مناورة هدفها الرئيس تأليب واشنطن ضد إسرائيل لإرغام الأخيرة على تقديم تنازلات في المفاوضات السياسية مع الفلسطينيين".

 

وحذر المعلقان الاسرائيليان آفي يسخاروف وعاموس هارئيل في مقال مشترك في الصحيفة من أن في خطوة عباس ثمة مخاطر من تفاقم عدم الاستقرار في الأراضي الفلسطينية التي من شأنها ان تتدهور إلى مواجهات عنيفة في الحرم القدسي الشريف أو في أنحاء الضفة الغربية "بإيعاز من "حماس" التي قد تستغل معركة الخلافة داخل فتح".

 

من جهته، كتب المعلق السياسي ألوف بن أن "الانتصار الموقت" لنتانياهو "المتمثل بتصفية أبو مازن سياسياً" وفرض شروطه على واشنطن لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين قد يرتد إلى نحر إسرائيل في حال نفذ عباس تهديده واستقال، "حينها لن يكون لإسرائيل من تتفاوض معه، وستجد أمامها "حماس" أو تفرض عليها تسوية. لذلك يبدو نتانياهو قلقاً من التطورات في أراضي السلطة الفلسطينية ومن مواقف عباس".

 

وكتب المعلق روني شكيد في صحيفة "يديعوت أحرنوت" أن الكرة الآن ليست في الملعب الفلسطيني فحسب، إنما أيضاً في الملعب الإسرائيلي، واضاف: "يجب أن نقول الحقيقة، وهي أن نتانياهو نغّص حياة أبو مازن، وفقط من شأن ضغوط أميركية، لاستئناف المفاوضات بشروط يمكن لأبو مازن التعايش معها، أن تقنع الأخير بالعدول عن قراره".