خبر عباس يضغط على اوباما.. هآرتس

الساعة 11:06 ص|06 نوفمبر 2009

بقلم: آفي يسسخروف وعاموس هرئيل

رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس (ابو مازن)، أعلن امس انه لا يعتزم التنافس في الانتخابات القادمة للرئاسة، المزمع عقدها في 24 كانون الثاني 2010. ابو مازن ومقربيه وجهوا انتقادا حادا على نحو خاص للادارة الامريكية برئاسة الرئيس براك اوباما.

في ختام يوم مليء بالشائعات عقد ابو مازن مؤتمرا صحفيا في المقاطعة في رام الله والقى خطابا استعرض فيه احداث اساسية في التاريخ الفلسطيني والمسيرة السلمية. وبعد أن قال انه نشر مرسوما رئاسيا منذ وقت قصير عن انتخابات في الضفة، في شرقي القدس وفي غزة، روى بان "ابلغت اللجنة التنفيذية لـ م.ت.ف واللجنة المركزية لفتح عدم رغبتي في طرح ترشيحي للانتخابات الرئاسية. ليست هذه مناورة أن مساومة"، قال ابو مازن. "آمل أن يفهموا موقفي. قلت لهم ان هناك خطوات اخرى سأتخذها في الوقت المناسبة". ولكنه لم يفصل في ما يقصد.

في المقاطعة ساد أمس حرج كبير في اوساط الصحافيين والمحللين ولكن ايض في اوساط رجال عباس حول شائعات عن الخطوة التي اتخذها. الصيغة الغامضة نسبيا التي اختارها، تترك له ظاهرا المجال للتراجع. معظم مسؤولي فتح والسلطة ممن تحدثوا في الموضوع، اوضحوا بانهم يتوقعون أن يغير ابو مازن قراره وان ليس في نيته تعيين أي مرشح آخر للانتخابات الرئاسية. في المدينة لم تسجل حركة خاصة في ضوء الخطاب، وفي المقاطعة وان كان ممكنا للمرء أن يشعر ببعض التوتر بين رجال ابو مازن، ولكن ليس دراما استثنائية. لا تبدو اجواء عسيرة وحتى عباس نفسه، بدا عندما دخل القاعة مبتسما.

فور انتهاء كلمة عباس تبين للحاضرين بان في نيته البقاء في منصبه حتى موعد الانتخابات التي ليس واضحا اذا كانت ستنفذ في ضوء معارضة حماس اجراءها في غزة، والمشاكل المتوقعة لها في شرقي القدس. ومع ذلك، فان كل من تحدث معه امس من ساعات الظهيرة فصاعدا، ادعى بان رئيس السلطة الفلسطينية بدا قاطعا في عدم التنافس في الانتخابات على الرئاسة.

يبدو ان السبب المركزي لقراره ليس اسرائيل. توقعات ابو مازن من حكومة نتنياهو قليلة. ولكن رسالة بيان عباس امس موجهة للاذان الامريكية. لشدة المفارقة، فان ادارة اوباما بالذات، التي حلت ذكرى السنة على انتخابه أول أمس، ادت بسياستها "المؤيدة للفلسطينيين" الى بيان عدم الترشيح الاستثنائي من ابو مازن. في حديثه اشار ابو مازن الى ان "قدرنا المواقف المعلنة للولايات المتحدة في موضوع المستوطنات وتهويد القدس. ولكن فوجئنا من محاباتهم للمواقف الاسرائيلية. المشكلة هي اسرائيل ومواقفها"، قال رئيس السلطة، ولكنه قصد في واقع الامر ادارة اوباما.

وشرح مقربوه بان تصريحات وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون التي تثني على الموقف الاسرائيلي في موضوع كبح البناء، وكذا الاقتراح الذي طرحه المبعوث الامريكي الخاص الى الشرق الاوسط جورج ميتشيل على الفلسطينيين فاجأ ابو مازن والسلطة الفلسطينية الذين سمعوا حتى ذلك الحين من الادارة اسنادا كاملا لمواقفه. ايضاح كلينتون في اثناء زيارتها الى مصر بان الولايات المتحدة لا ترى في المستوطنات شرعية، لم يكن كافيا من ناحية ابو مازن. عباس يشعر بان الادارة الامريكية خانته. واشنطن، في تصريحاتها المتشددة في موضوع المستوطنات والمواقف غير المساومة التي طرحتها على اسرائيل، هي التي دفعت عباس الى اشتراط المفاوضات بتجميد البناء بما في ذلك في شرقي القدس. وعندما غيرت الادارة موقفها اكتشف ابو مازن بانه بقي وحيدا دون اسناد امريكي.

حاليا، خطوة ابو مازن لا تعتبر في رام الله مثابة مناورة فقط، ولكنها ترمي بلا ريب الى خلق ضغط امريكي اكبر على اسرائيل. وذلك، ضمن امور اخرى في ضوء غياب خلف مناسب في فتح يمكنه أن يتنافس في الانتخابات على الرئاسة امام مرشح حماس. هذه خطوة جدية مع رسالة واضحة للولايات المتحدة. كي يغير عباس قراره مطلوب من واشنطن ان تحقق نتائج في الاتصالات مع الاسرائيليين في موضوع البناء في المستوطنات. بدون انجازات امريكية ذات مغزى (وبالاساس في كل ما يتعلق بشرقي القدس)، فان ابو مازن لن يغير قراره. وحتى في مثل هذه الحالة، مشكوك أن تخرج الانتخابات الى حيز التنفيذ، وابو مازن سيواصل مهام منصبه لفترة معينة. السيناريو الوحيد الذي من شأنه أن يسرق كل الاوراق، هو استقالة عباس من منصبه مما يترك السلطة دون رئيس وعمليا دون زعامة.

في جهاز الامن عقبوا أمس بشك مشوب ببعض القلق على تصريح رئيس السلطة. فقد قال مصدر أمني كبير، قلل من اهمية خطوة عباس، ان الرئيس "اعلن بانه لا يطرح ترشيحه لانتخابات على أي حال لن تعقد على الاطلاق". وحسب اقواله يبدو أن خطوة عباس هي مناورة، هدفها الاساس دفع الادارة الامريكية للضغط على اسرائيل وفرض تنازلات عليها في المفاوضات السياسية.

مصادر سياسية اخرى ذكرت أنه في الوقت الذي يعلن فيه عباس عن عدم تنافسه مرة اخرى  على منصب رئيس السلطة، فانه لا يستقيل من مناصبه في فتح وفي م.ت.ف، مصدر الصلاحيات الاساس لمكانته. وبرأيهم، دوما تحتمل امكانية انه في ظل غياب اتفاق بين فتح وحماس على عقد انتخابات جديدة وموعدها، فان عباس سيصبح القائم بالاعمال المؤقت (وفي واقع الامر شبه الدائم) للرئيس – دون تغيير جوهري عن مكانته اليوم.

في اسرائيل يعتقدون انه تبقى لعباس زمن ومجال للمناورة، وان القرارات ستتخذ وفقا لحجم التنازلات التي تنجح السلطة في انتزاعها من اسرائيل والامريكيين. واضافت المصادر بانه لا ينبغي استبعاد امكانية ان يقبل عباس اخيرا بحكم الحركة – أي يستجيب لمطالب النشطاء الميدانيين ويتراجع عن قراره. وذكرت هذه المصادر بان حماس على أي حال لا تتعاون مع خطوة الانتخابات وعليه فان "قيادة السلطة تلعب الشطرنج مع نفسها في كل هذا التردد".

رجال الامن الذين شاهدوا ما بث من رام الله امس أبدوا ملاحظة بانه يظهر على نحو بارز غياب احساس الفزع في قيادة فتح والسلطة في ضوء خطوة عباس. وحسب اقوالهم، يوجد اساسا جانب مقلق واحد: أن ينخرط اعلان عباس، الى جانب الخط الايديولوجي الاكثر تصلبا الذي يعرضه كبار رجالات فتح مؤخرا تجاه اسرائيل، ليصبحا "مطلقا" محليا لاضطرابات مثل اضطرابات الحرم تؤدي في نهاية المطاف الى موجة عنف جديدة.

من زاوية نظر اسرائيلية، اعلان عباس هو تحقيق لسيناريو طرح منذ تشرين الثاني من العام الماضي، حول الجدار عن انتهاء ولاية الرئيس. الخلاف الفلسطيني الداخلي في هذا الشأن ذاب في نهاية المطاف، ولا سيما على خلفية حملة "رصاص مصبوب" في غزة التي اجتذبت معظم الانتباه. في خطوة الرئيس يكمن كما اسلفنا، خطر ما لتفاقم عدم الاستقرار – بسبب انعدام اليقين الذي سيسود، الامكانية الكامنة لمعارك الخلافة في فتح وامكانية أن تشعر حماس بضعف لدى خصمها فتحاول استغلاله من خلال استفزازات في الضفة.