خبر موفاز على طريق شارون.. هآرتس

الساعة 01:32 م|05 نوفمبر 2009

بقلم: آري شافيت

اريئيل شارون لم يكن ايديولوجيا، ولكنه خلف وراءه ارثا: تقسيم البلاد. شارون لم يؤمن بالسلام. فقد فهم كم هو النزاع عميق، اشتبه بالعرب وتذكر 1948. ولكن في اواخر عهده لم يؤمن شارون بالاحتلال ايضا. بتأخير كبير فهم بأن الوضع الراهن يعرض للخطر مجرد وجود دولة اليهود. وعليه، ففي السبعينيات من عمره بحث عن طريق ثالث. طريق يمنح الفلسطينيين دولة ويمنح اسرائيل حدودا قابلة للدفاع دون وضع حد للنزاع.

الهدف الاستراتيجي لشارون كان اتفاقا انتقاليا بعيد المدى. البديل الاستراتيجي كان وضعا انتقاليا بعيد المدى. مهما يكن من أمر، فقد آمن شارون بأن على اسرائيل بأن تعمل بسرعة وبتصميم. عليها ان ترسم حدودا يمكن للاسرائيليين والفلسطينيين ان يتعايشوا فيها جنبا الى جنب دون سلام ولكن دون احتلال ايضا.

ايهود اولمرت وتسيبي لفني ورثا حزب شارون ومنظومة تسويق شارون ولكنهما حطما ارث شارون. في خلاف تام مع كل ما آمن به شارون، سعيا الى اتفاق دائم. في خلاف تام مع كل ما ميز شارون، لم يفعلا شيئا يغير الواقع على الارض. وبدلا من طريق ثالث، اولمرت ولفني تبنيا طريق - ميرتس. بين حرب واحدة واخرى، تحدثا عن السلام ووعدا بالسلام وتلفحا برداء السلام. زعيما كديما استخدما على نحو تهكمي ادوات كديما ووضعية كديما كي يحثا طريقا لم يكن طريق كديما. الطريق الذي ادى الى مأزق.

الاسبوع القادم سيحاول شاؤول موفاز احياء طريق – كديما. في الفترة التي تلبث فيها بنيامين نتنياهو، تلوى ايهود باراك وتعثرت تسيبي لفني، موفاز عمل. بمعونة مجموعة ضيقة من الخبراء وبتعاون مع بعض من معاهد البحث، حلل وزير الدفاع الاسبق الوضع الاستراتيجي بعناية وبحث عن مخرج. بحث عن فكرة تنظيمية جديدة، تحرك مسيرة سياسية واعية لا تنقطع عن الواقع. والنتيجة هي خطة سياسية اصيلة وابداعية سيعرضها بعد عدة ايام. خطة تتحدى نتنياهو، باراك ولفني وكل الساحة السياسية.

الفرضيات الاساس لموفاز هي الفرضيات الاساس لشارون. من جهة، في هذه النقطة الزمنية طفيفة الاحتمالات للتوصل الى اتفاق دائم. من جهة اخرى اسرائيل ملزمة بأن تحدث على عجل مسيرة تغيير تؤدي الى حل من دولتين. الطريق لعمل ذلك هو اتفاق انتقالي. اتفاق يؤدي الى ان في غضون نحو سنتين تقوم دولة فلسطينية تقع على نحو 60 في المائة من اراضي الضفة الغربية.

موفاز واع لحقيقة ان الفلسطينيين يخشون من اقامة دولة فلسطينية في حدود مؤقتة. عليه فانه يقترح ان بالتوازي مع تطبيق الاتفاق الانتقالي تدار مفاوضات نشطة على اتفاق دائم. بتقديره، مجرد اقامة دولة فلسطينية سيزيد الضغط على الطرفين لتقديم التنازلات اللازمة من اجل التوصل الى الحل الوسط التاريخي. ولكن حتى لو فشلت المساعي للسلام مرة اخرى، فان وضع الدولتين سيتثبت.

عندما يكون 99 في المائة من الفلسطينيين مواطنين في فلسطين الحرة، فان الوضع الاسرائيلي – الفلسطيني سيبدو مغايرا. وعندما يطبق قانون اخلاء – تعويض، ستسير اسرائيل لتنطوي بالتدريج في حدودها. وحتى لو لم يصل النزاع الى منتهاه فورا فانه سيستقر. بالضبط حسب رؤيا شارون، الاسرائيليون والفلسطينيون سيعيشون جنبا الى جنب في هدوء نسبي حتى السلام.

على مدى كل حياته تصرفت وسائل الاعلام الاسرائيلية تجاه شاؤول موفاز باستخفاف واستهتار. في ايلول 2008 سلبت منه قناتا تلفزيون زعامة كديما. ولكن موفاز هو شخص يفوق صورته. الخطة التي بلورها لا ينقصها الخلل ولا ينقصها المخاطر. ولكنها الخطة الاكثر جدية والاكثر عملية التي يبلورها اي زعيم اسرائيلي في السنوات الاخيرة. وهي تجد تأييدها من ايهود باراك وشمعون بيرس، ولها فرصة في ان تثير الاهتمام لدى الامريكيين ولدى العرب المعتدلين. الخطة كفيلة بان تمنح كديما الطريق الذي اضاعته. وعليه جدير الانصات لرئيس الاركان الاسبق، وجدير منح الثقة للخطوة التي يدشنها. من غير المستبعد ان تسرق خطوة موفاز من جديد اوراق السياسة الاسرائيلية.