خبر دعاية.. لنسقط السور.. يديعوت

الساعة 01:21 م|05 نوفمبر 2009

بقلم: الداد باك

برلين. احتفال الاحداث الدولية بمناسبة 20 سنة على سقوط سور برلين، والذي بدأ منذ الان، يمنح دفعة متجددة للحملة الاعلامية الفلسطينية الفاعلة ضد وجود جدار الفصل بين اسرائيل والمناطق – المعركة التي تحظى بدعم واسع في العالم.

لقد اصبح جدار الفصل منذ زمن بعيد في الوعي التبسيطي للكثير من الاوروبيين صيغة متجددة لسور برلين، وهكذا نشأ اجماع واسع جدا يدعو ويعمل على اسقاط "السور الاسرائيلي" باسم مبادىء اخوة الشعوب وحرية الانسان.

في ضوء هذه الهجمة العالمية من الواجب ايضاح شيء ما، ظاهرا هو امر مسلم به، الكثيرون في العالم يفضلون تجاهله: باستثناء وجه الشبه الخارجي لا يوجد ولن يكون اي صلة بين سور برلين وجدار الفصل.

سور برلين فصل بين قسمين شعب واحد، تتطلعا – بهذا القدر او ذاك – الى العودة للاتحاد في اطار سياسي مشترك. اما جدار الفصل فهو مسار – بهذا القدر او ذاك – لحدود مستقبلية بين شعبين، لا يريدان ان يعيشا الواحد مع الاخر في دولة واحدة، بل تقسيم بلادهما المشتركة الى دولتين منفصلتين.

من المدهش ان يكون بالذات اولئك الذين كافحوا على مدى السنين في سبيل حق الفلسطينيين في دولة خاصة بهم يطالبون الان بتفكيك جدار الفصل. هذا الجدار في واقع الامر قرب الفلسطينيين من تقسيم جغرافي وسياسي يشكل اساسا لكيان سياسي منفصل خاص بهم.

الاتهامات بتعبير "جدار الابرتهايد" تكشف عن الدوافع الحقيقية للفلسطينيين ومؤيديهم، غير المعنيين بتقسيم البلاد وبالتعايش مع اسرائيل، بل بالسيطرة على البلاد بأسرها.

هناك سور آخر في الشرق الاوسط، يرفض معارضوا جدار الفصل رؤيته، فما بالك الكفاح ضده، رغم انه هو الذي يخلد المواجهة بين اليهود والعرب: سور المقاطعة والعزلة الذي يفرضه معظم العالم الاسلامي على اسرائيل منذ قيامها رغم اتفاقات السلام، رغم التنازلات بعيدة الاثر التي اتخذتها اسرائيل كي تتقدم في طريق السلام، بقي سور النبذ على حاله، يكاد يكون دون اي تغيير. فضلا عن ذلك ففي السنوات الاخيرة، بعد انفتاح طفيف رافق سنوات مسيرة اوسلو – فان هذا السور آخذ في الارتفاع.

تفكيك سور العداء هذا اصبح مع السنين، حتى في نظر الغرب، المقابل الذي قد تتمتع به اسرائيل فقط اذا ما وعندما تلبي كل مطالب العرب. ولكن لعله ينبغي ان نرى الامور بشكل مغاير تماما: فقط اسقاط سور العزلة الذي يغلق على اسرائيل سيسمح بتقدم المسيرة السلمية. فقط هذا سيسمح بالمصالحة بين الاسرائيليين والعرب، بين اليهود، المسلمين والمسيحيين.

طالما كان هذا السور قائما، فلن يتمكن الطرفان من الاعتراف الواحد بالاخر ولن يكون ممكنا جسر الاراء المسبقة، التي تشعل نار النزاع. "سور الشرق الاوسط" اقيم قبل زمن طويل من سور الفصل، وهو يتحمل المسؤولية التامة عن وجود الجدار. كل من يدعي ان في رغبته ان يدفع السلام بصدق الى الامام، ملزم بأن يتجند لاسقاط سور العزلة المفروض على اسرائيل كشرط مسبق لكل مسيرة مصالحة جدية. اذ ان هذا هو الارث الحقيقي لسور برلين.