خبر النص الكامل لكلمة عضو المكتب السياسي في الحركة الشيخ نافذ عزام، خلال مهرجان الانطلاقة

الساعة 01:12 م|01 نوفمبر 2009

النص الكامل لكلمة حركة الجهاد الإسلامي التي ألقاها عضو المكتب السياسي في الحركة الشيخ نافذ عزام، خلال المهرجان الكبير في ساحة الكتيبة بمدينة غزة.

بسم الله الرحمن الرحيم

" والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وان الله لمع المحسنين "

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الخلق والرسل وعلى اله وصحبه أجمعين ....

بعد أربعة عشر عاما لازالت الذكرى حية, ولا زال هناك ما يمكن أن يقال....بعد أربعة عشر عاما على غياب واستشهاد القائد المؤسس الدكتور فتحي الشقاقي رحمه الله لازال الجرح رائفاً ولا زالت الفاجعة توجع قلوبنا وتدمي مآقينا .....ربما كان الشقاقي دليلاً إضافيًا على الاستثنائية التي يعيشها الفلسطينيون...الاستثنائية التي تجعل الفلسطينيين هدفاً للغاصب والمحتل .... الفلسطيني صغيراً أم كبيراً, رجلاً أم امرأة , قائداً أم زعيماً, أو إنسانا عاديا تاماً.... في هذا الصراع لا أمان على الإطلاق ولا استقرار .... وما حصل مع الشقاقي يؤكد أن الزعامة والمسئوليات والمواقع المتقدمة تعني مزيداً من الخطر, ومزيدا من القيود ومزيداً من التعب .... لكن المؤكد أن قداسة هذه الأرض تستحق أن نهبها  أغلى ما نملك, وقادتنا من أغلى ما نملك -  تستحق هذه القضية أن يفديها شعبنا بعرقه وجهده ودم اعز أبنائه قادة وجنداً ... إذا كان الشقاقي يمضي في الطريق الأكثر واقعية و أكثر منطقية ويختار النهاية الطبيعية للرجال الكبار الذين دافعوا عن معتقداتهم وشعوبهم و أوطانهم بكل ما يملكون ....لقد جاء الشقاقي في وقت صعب عاشته القضية الفلسطينية وكانت حركة الجهاد الإسلامي محاولة لمواجهة تلك الصعوبة , وإعطاء الصراع أبعاده الحقيقية ومع التقدير لكل التيارات الوطنية والقومية ولكل الزعامات والقيادات, فقد كان لابد أن يكون للمشروع الإسلامي رأيه وأطروحته - وكان لابد أن يدخل الإسلاميون الفلسطينيون ساحة الصراع الأهم والأخطر بالشكل الذي يليق بهم وبهذا الدين, وبالمسئولية التي يضعها في قلوبهم وعقولهم, بان القضية الفلسطينية قد اكتسبت حيوية كبيرة بمشاركة الإسلاميين وعلى جميع المستويات فقد تغيرت الأمور بشكل دراماتيكي في ربع القرن الأخير, وثبت أن المقاومة مجدية تماماً ويمكن أن تسبب الإرباك للمشروع الصهيوني وهذا ما حصل بالفعل لقد كانت الأمور تسير في منحى تصاعدي وحققت المقاومة بالفعل حضوراً لافتاً وباتت عنصراً مؤثرًاً فيما يجري. فجاء الصراع الداخلي ليكون بمثابة العائق إما استمرار تحقيق الانجازات فلسطينياً وليشوش على الصورة المضيئة التي عرفها العالم عن الفلسطينيين ... وانقسم الساسة الفلسطينيون على الثوابت والحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني وبذلك منح العدو فرصة ليلتقط فيها أنفاسه فيتوحش أكثر ....  تتوسع المستوطنات, تصادر المزيد من الأراضي  ويشتد الحصار , تتواصل الاعتقالات وتصبح القدس فريسة ينهشها العدو على مدار الساعة دون رحمة أو أي اعتبار لمساجدها و كنائسها  ... ودون أي مراعاة لعشرات القرارات الدولية بخصوصها, يدفع المقدسيون الثمن مرتين .... ثمن فلسطينيتهم مرة ,وثمن حراستهم للمسجد الأقصى مرة ... ووسط هذا كله يضغط باراك اوباما على  الفلسطينيين ليجلسوا من جديد مع الإسرائيليين على مائدة واحدة , ولا  يلتفتوا إلى الوراء حتى لو كان هذا الوراء هو أمس أو أول أمس ولا ينظروا حولهم حتى لو كان حولهم هذا مزنراً بالمستوطنات والطرق الالتفافية  والحواجز وجدار الفصل الأهم أن نحيي مسيرة السلام حتى لو كانت قد ماتت وتعفّنت وان نكون قد وعينا درس الشتاء الماضي نسينا الآلاف من شهدائها وبيوتها المدمرة !!!!

 

في ذكرى الشقاقي الرابعة عشر قد يبدو المشهد بهذا السواد أو هذه الفوضى , لكن إرادة هذا الشعب ستكسح السواد بإذن الله , وترتب الفوضى , لقد آمنا على الدوام أن الحرية لها ثمن , والكرامة لها ضريبة , والمقاومة  لها تكلفتها , لقد آمنا على الدوام بأن الحقوق لا يمكن أن توهب وإنما تنتزع انتزاعاً , وترجمنا إيماننا هذا دماً وشهداء وتلالاً من التضحيات , تعرضنا على مدى قرن بأكمله لحملات إبادة ومجازر وأهوال ونكبات , تهجر أجدادنا وآباؤنا , سفكت دماؤنا , اغتصبت حقوقنا , وبات الخوف مرافقاً لأطفالنا , لكن الراية لم تسقط وظل الشعب صامداً صابراً رافعاً رأسه .. قد تبدو هذه الظاهرة محيرة لكن المؤكد أن يد  الله حاضرة وإمدادها لا تتوقف , الظاهرة محيرة بالمقاييس المادية , لكن فلسطين محفوفة بالبركة , وأرضها مضمخة بعطر الشهداء وطهر المجاهدين .... رغم كل شئ ستتواصل هذه المسيرة , وسيذكر الفلسطينيون قادتهم ورموزهم فتحي الشقاقي واحمد ياسين و ياسر عرفات وأبو علي مصطفى بكل الفخر والاعتزاز سيحتفل الشعب الفلسطيني بشهدائه وجرحاه وأسراه , وسيتمسك بحقوقه وثوابته .. هذا ليس كلاماً عاطفيأ لكنه صدى الواقع وصوت الحقيقة .

 

 

 

إننا في حركة الجهاد الإسلامي نرى في ذكرى الشقاقي فرصة لحشد الطاقات كلها و صهر الجهود رغم  الخلاف  و الاختلاف ونراها مناسبة للتأكيد على النقاط التالية :-

 

أولا :المقاومة هي الخيار الأصوب و الأجدى دفاعا عن هذا الشعب وحماية , وحماية لحقوقه ومهما اختلفت التوازنات , وتغيرت موازيين القوى لا يمكن أن نتخلى عن المقاومة أو نساوم عليها فهي التي حمت الشعب وأربكت العدو وخلطت حساباته .

 

 

 

ثانياً :إن الهجمة المسعورة على القدس وأهلها ومسجدها هي دليل صارخ على وحشية العدو وغطرسته وتحديه لمشاعر شعبنا وامتنا , واستهزائه بكل القيم والمواثيق والأعراف , والعنف الجاري في القدس هو تأكيد على عدم حدوث أي تغيير في السياسة الإسرائيلية وهي في ذات الوقت إدانة للإدارة الأمريكية  الجديدة والموقف الأوروبي المتفرج . ونأمل هنا من أهلنا في المحيط العربي  مواصلة التحركات والفعاليات نصرة للقدس والمسجد الأقصى

 

ثالثاً :إننا نصر على مواصلة الجهود من اجل المصالحة , المصالحة مطلوبة وبإلحاح ... المصالحة الشاملة التي تنطلق من التمسك بالثوابت والحقوق , وتحفظ حق الشعب الفلسطيني في المقاومة والتصدي للعدو والمصالحة التي تؤسس علاقة متوازنة بين الفلسطينيين وتعزز التضامن والتلاحم في مواجهة العدوان والاحتلال ... المصالحة التي تجمع الفلسطينيين على المشترك وتوحد الجهود لمواجهة الخطر الأكبر الذي يهددهم .

رابعاً :نؤكد من جديد على عقم ما يسمى بمسيرة السلام ,  و واضح أن " اوباما " عجز عن إجبار إسرائيل على تجميد الاستيطان ولو بشكل مؤقت فكيف سيجبرها على الانسحاب  ووقف العدوان --- الرهان على المفاوضات بلا نتيجة والمطلوب رفض السلطة لمائدة التفاوض والعمل على تعزيز صمود الشعب وتخفيف معاناته والتقاء الفلسطينيين على برنامج واضح لحماية حقوق هذا الشعب وطرد الغزاة .

 

خامساً :إن تقرير "جولدستون " الذي كشف هذا الكيان ومن يدعمه في الغرب, يؤكد على صوابية خيار المقاومة في مواجهة القتلة ومجرمي الحرب .. ونحن هنا وبعد تمرير التقرير في مجلس حقوق الإنسان ندعو السلطة الفلسطينية والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي إلى متابعة الجهود مع الجمعية العامة للأمم المتحدة ومحكمة الجنايات الدولية حتى يدخل الجنرالات وقادة الحرب الإسرائيليون إلى قفص الاتهام في محكمة الجنايات الدولية , وحتى يكون هناك ولو شي من الإنصاف لضحايا الحرب من أهل قطاع غزة ونطالب المجتمع الدولي ومؤسساته أن تصطف مع شعبنا في مواجهة هذا الشر الطافح , وحتى يدرك الجميع أن إسرائيل خارجة عن القانون وإنها السبب الرئيسي لعدم استقرار المنطقة .

 

سادساً :إن مصر التي قدمت تاريخيا الكثير لشعبنا ووقفت بجانبه في أحلك الأوقات والمراحل مطالبة اليوم بمواصلة جهودها ومساعيها لدعم الشعب الفلسطيني . وان تستمر بهذه الجهود من اجل تحقيق الوحدة بين أبناء الشعب بما يحفظ حقوقهم التاريخية وبما لا يمس بأي ثابت من الثوابت, ونطالب  الشقيقة مصر أن تفصل بين مسيرة الحوار الداخلي ونتائجها وبين معاناة الشعب الفلسطيني التي لم تعد تطاق وان تعمل علي إنهاء الحصار وفتح المعابر.

التحية لروح الشقاقي وكل الشهداء التحية لهذا الشعب العظيم الذي ظل راسخا في أرضة مدافعا عن حقه_ تحية لمن حمل الراية بعد الشقاقي – للدكتور رمضان شلح الذي كان الخلف الكبير لسلفه الكبير ... التحية له وقد حافظ علي نهج الشقاقي وحافظ علي تماسك الحركة , وتماسك المشروع الجهادي في فلسطين ودفع ثمنا باهضاً ولازال هو وعائلته الكريمة الصابرة والمجاهدة ... التحية له ولكل قادة هذا الشعب الصادقين المخلصين – التحية للأسري الأبطال الذين تلمع أرواحهم فتضيء عتمة الزنازين وظلمة المرحلة... التحية لمجاهدي هذا الشعب لسرايا القدس ولكل المجاهدين الأحرار الذين يدافعون عن فلسطين وشرف الأمة كلها , ويعطون الأمة ويجددون الحلم _ التحية لأصدقاء الشعب الفلسطيني وحلفاؤه وكل من يقف مع هذه القضية المقدسة والتحية الواجبة للآلاف الذين جاءوا لهذا اليوم وفاءً للشقاقي _ وفاءً للإسلام وفاءً لفلسطين _ والرسالة واضحة وضوح هذا الحق وضوح هذا الدم وفلسطين باقية بإذن الله _ الأقصى لن يهدم بإذن الله , المقاومة متجدّرة في وعي ووجدان هذا الشعب _ الرسالة واضحة _ لا تراجع لا خوف ولا انكسار .

 

سابعا:

نتوجه بكل الشكر والتقدير للقوي الإسلامية والوطنية التي شاركتنا هذا الاحتفال لكل النخب والوجهاء والمثقفين نشكرهم والذين كان مجيئهم تأكيدا علي ضرورة وحدة الفلسطينيين وضرورة وجود جبهة فلسطينية قوية ومتماسكة  كل الشكر والتقدير لقادة وممثلي القوي الإسلامية والوطنية ولكل الضيوف الكرام.

والله أكبر والعزة للإسلام

والله اكبر والنصر لفلسطين

والله أكبر والحرية لكل الشعب الفلسطيني