خبر ايهود باراك.. لعله يضرب مرتين.. يديعوت احرونوت

الساعة 11:05 ص|01 نوفمبر 2009

بقلم: ايتان هابر

بعد ثلاثة او اربعة ايام من تسلمه مهام منصبه ودخوله الى مكتبه كرئيس للوزراء في العام 1999، امر ايهود باراك بنصب تمثال رأس لدافيد بن غوريون في غرفته، اضافة الى صورة اسحاق رابين. وكان هذا الامر جديرا بأن يذكر في الصفحة 19 من صفحة الثرثرة في صحيفة ما، ولكن ليس هكذا لدى ايهود باراك. لديه، كل قرار، في اي مجال، بما في ذلك المجال الشخصي له معنى ورمزيا.

في تلك الايام، قبل عشر سنوات، رأى الكثير من مقربيه حكاية بن غوريون كرمز لما كان يريد لنفسه ان يشبهه، كمن يريد ان يسجل في صفحات التاريخ كـ بن غوريون او على الاقل رقم 2 بعده. سلوكه في الولاية الاولى كرئيس للوزراء دل على ان لا دخان بدون نار. احلامه وخططه في مجال السلام مع سوريا والفلسطينيين، لو انها تحققت لكانت وضعته كمن جلب دولة اسرائيل الى الامان والى الاطمئنان.

اليوم ايضا، اشخاص اجانب، زعماء من الخارج، ممن يتحدثون مع باراك لا يكفون عن الانفعال لقدراته. خصومه وكارهوه الكبار ايضا، وهؤلاء كثيرون مثل الرمل على شاطىء البحر، لا يقللون من قيمة كفاءاته، قدراته ومزاياه. الضيوف يخرجون من مكتبه فاغري الافواه، وعندها ينتقلون الى المحادثات مع اخرين ممن يهزأون ويسخرون من باراك – فما بالك عندما تنكشف الاستطلاعات الاخيرة.

قريبا من المتوقع لايهود باراك العظيم وكلي القدرة ان يكون نائب زهافا جالئون. لم يعودوا يسألون "كم فرقة لديه"، اذ يعرفون بأنه قد يكون الحديث يدور عن سرية تعبة، بعد 200 كيلومتر من رحلة تدريب للانفاق. كل الاستطلاعات تشير الى ان الاغلبية الساحقة من السكان تريده وزيرا للدفاع، تثق به كوزير للدفاع وترغب في مواصلة ولايته كوزير للدفاع. اما رئيس وزراء؟ فلا سمح الله.

كان وسيكون الكثير من الاجوبة على السؤال المثير للاستطلاع: لماذا يجتذب باراك نارا شديدة بهذا القدر؟ لماذا يريد الكثيرون ان يروه كوزير للدفاع ولا يريدون ان يروه كرئيس للوزراء؟

برأيي، وبالطبع قد اكون مخطئا. المشكلة هي اساسا التوافق بين التوقعات والواقع. فعلى مدى السنين حتى 1999، جرى حديث كثير عن باراك. من عمر شاب قالوا ان بانتظاره الامور العظيمة. جعلوه مرشحا لرئيس الوزراء منذ ان كان ضابطا صغيرا نسبيا في وحدة هيئة الاركان. "هذا سيكون ذات مرة"، اشاروا اليه بالاصبع في كل مكان. ثعالبة البلاد انصتت له. (ودعوني اعترف: انا ايضا). بعض الاحداث الامنية الكبرى والهامة جدا في الجيل الماضي كانت من ثمرة عقله النشط.

محمل بالتوقعات الهائلة من جانب الجمهور (1.8 مليون ناخب، 57 من الاصوات)، حاول باراك ان يقلع الى السماء العليا كرئيس وزراء. سار بكل القوة نحو السلام، سقط، تحطم وذابت اجنحته ما ان اقترب من الشمس. خيبة الامل منه في الشارع كانت هائلة في شدتها، تكاد تكون مثل تلك التي كانت من نتنياهو قبل سنتين من ذلك.

الان بالذات، مع 13 نائبا (وعمليا، فقط نصف دزينة) لا توقعات كبيرة منه، وبالذات الان يوجد تناسق بين التوقعات وبين الواقع: كوزير للدفاع يطلب منه الجمهور ان يخلق الهدوء في خطوط المواجهة – ويوجد هدوء في خطوط المواجهة. هذا على ما يبدو هو السبب الذي يجعل قرابة 70 في المائة من الجمهور يريدونه في هذا المنصب.

في هذه اللحظات، في هذه الايام، يوجد باراك على مفترق طرق حاسمة، حتى لو لم يكن واعيا لذلك. فهو بوسعه، مثلما كتب في احدى صحف نهاية الاسبوع، ان يدخل في الوحل، وعندها ربما يغرق في هذا الوحل، او ان ينظر الى الزاوية اليمينية في غرفته في وزارة الدفاع. هناك على طرف النافذة نلتقي مرة اخرى بالتمثال اياه لبن غوريون: باراك يمكنه ان يكون مصمما اعلى، ان يقود فكرة وان يتمسك بها. شيء ما في اسلوب بداية الالفين لديه: ان يقود كزعيم محاولة سلام مع سوريا ومع الفلسطينيين. في المرة السابقة هذه المحاولة لم تنجح وادت الى انتفاضة. وسيكون هناك من سيقول ان من اكتوى بالنار، يحذر  حتى الدخان. ولكن لا مفر بالنسبة لايهود باراك. نتوقع منه الزعامة وان يقود حتى تحت حكم نتنياهو.

الجمهور اليوم، حتى وهو تعب وخائب للامل، لا يتسامح مع التوقعات. فهو يطالب بالنتائج، واولا وقبل كل شيء ممن يفكر بمكانه في التاريخ ويحلم بأن يقام تمثال ضخم لرأسه في مكاتب رؤساء الوزراء القادمين.