خبر القرضاوي: الأقصى في خطر وما يبيت للأمة أخطر

الساعة 06:30 ص|31 أكتوبر 2009

فلسطين اليوم-الشرق القطرية

افصح فضيلة العلامة د.يوسف القرضاوي عن اسباب عدم مشاركته في مؤتمر حوار الاديان الذي عقد بالدوحة مؤخرا وقال في خطبة الجمعة بجامع عمر بن الخطاب امس انه ليس المؤتمر الاول الذي يعقد في قطر بل هو السابع، وذكر انه اشترك في جولاته الثلاث الاولى حينما كان اسمه مؤتمر الحوار الاسلامي المسيحي، مذكرا بان اشتراكه الاول كان بالمستشفى بالدوحة "وكان حديثا مسجلا مني من المستشفى وجهته واذاعوه في المؤتمر بجلسته الاولى"، وقال: في المؤتمر الثاني شاركت مع حضور الشيخ حمد بن خليفة امير البلاد حفظه الله وكانت لي كلمة وقد حضره عدد من ممثلي الاديان المختلفة، وحضرت المؤتمر الثالث ايضا وكان برئاسة الشيخ عبد الله بن خليفة رئيس الوزراء في هذا الوقت، وحضره البابا شنودة، ثم اعلنوا انهم سيوسعون هذا المؤتمر ليكون حوارا اسلاميا مسيحيا يهوديا فقلت اذا كان كذلك فانا لا اشارك فيه لاجلس مع اليهود على منصة واحدة مادام اليهود يغتصبون فلسطين والمسجد الاقصى ويدمرون بيوت الله. مادامت قضية فلسطين معلقة ولم تحل ومعي قول الله تبارك وتعالى: (ولا تجادلوا أهل الكتاب الا بالتي هي أحسن الا الذين ظلموا منهم) واظن انه ليس هناك ظلم اكثر من الذي فعله اليهود باهلنا في فلسطين.. جاؤوا من انحاء الارض واخرجوا اهلها وشردوهم في الافاق وبقروا بطون نسائهم، هؤلاء ظلمهم مازال مستمرا حتى اليوم فلا يمكن ان نجلس معهم: هاتوا حق الفلسطينيين الحد الادنى من دولة فلسطين.. لذلك قاطعت هذه المؤتمرات..

وروى ايضا ان فضيلته شارك في مؤتمرات حوار اسلامية مسيحية سموا بعضها القمة الاسلامية المسيحية في روما وفي برشلونة دعت اليها جمعية سانت فيديو في ايطاليا، كان اولها في روما عام 2001 وكانت قمة كبيرة ولكن اختلفنا في البيان الختامي حيث لم يقبلوا كلمة تدين اسرائيل، هؤلاء هم المسيحيون الغربيون لم يطيقوا كلمة تدين اسرائيل ثم بعد ذلك اوقفنا الحوار حين جاء البابا الجديد والقى محاضرته الشهيرة واساء الى الاسلام والقرآن والرسول والتاريخ من غير مبرر زاعما ان محمدا لم يأت بجديد الا انه جاء لنشر الاسلام بالسيف وهذه فرية وطلبنا منهم نحن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين اكثر من مرة ان يعلن عن اعتذاره بأي موقف والا اوقفنا الحوار مع الفاتيكان وللاسف لم يقل الرجل كلمة اعتذار، الفاتيكان اعتذر لليهود الذين قالوا عن المسيح ابن زنا عفوا عنهم ولم يعتذر البابا للمسلمين عما جرى في الحملات الصليبية.. لذلك اوقفنا الحوار مع هؤلاء.. مشيرا الى مشكلة ذكرها علنا: اننا نعترف بالمسيحية ولا يتم ايمان مسلم الا ان يؤمن بكل كتاب انزل وكل نبي ارسل لكن هؤلاء لا يعترفون بنا فمحمد عندهم رجل كذاب صنع القرآن ونسبه لله، وحكى انه كان بمؤتمر نصارى الشرق الاوسط بالقاهرة ولم يقبلوا الاسلام ديانة سماوية في البيان الختامي، كما انهم لا يعترفون بان القيم الاسلامية قيم ربانية.. واحتد فضيلته لهذا وقال: فضوها سيرة لماذا نجتمع اذن؟ هم ينظرون الى ديننا والى قرآننا هذه النظرة ونحن نتهافت عليهم ولا نصل الى شيء.. وقال في صراحة: هاتوا لي شيئا عمليا جاءت به مؤتمرات حوار الاديان للامة الاسلامية! فيما اشار في كلمة ثانية في خطبته الثانية الى ما يجري في القدس وفي الاقصى الذي يتعرض لخطر عظيم فاليهود يبيتون له ما يبيتون ناعيا الامة التي هي في غفلة لا تدري ما يبيت لها، مشيرا الى ان اليهود يرضوننا حتى ياتي اليوم الذي نجدهم قد استولوا على المسجد واحتلوه ثم بعد ذلك يقسمونه بين المسلمين واليهود كما حدث بالحرم الابراهيمي.. وقال ان كل هذا ممكن ان يحدث ما دامت الامة هكذا وما دام حكام الامة لا يغضبون ولا يثأرون ولا يحتجون بصوت عال ولا يصرخون.. وقال: لابد ان نوعي الامة بما يحدث قد ياتي يوم نجد اليهود طردوا كثيرا من المصلين من المسجد وقد اعتقلوا كثيرا منهم، وهم يمنعون اليوم الناس من الدخول اقل من خمسين عاما.. مذكرا بان الامر خطير انطلاقا من صفته كرئيس لمؤسسة القدس الدولية ورئيسا لاتحاد علماء المسلمين "احذر الامة مما يبيت لها".

خمسة أركان للايمان

وكان فضيلته قد بدأ خطبته مذكرا بالموضوع الاول من خطبته الفائتة عن الإيمان وأثره في الفرد والمجتمع والامة.. ثم مشيرا الى ان حديثه اليوم سوف يكون عن اركان الايمان كما ذكرها القرآن الكريم في خمسة اركان وذكرتها السنة في ستة اركان، قال: الخمسة القرآنية هي ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وزادت السنة سادسا هو ان تؤمن بالقدر خيره وشره.. وهي في الحقيقة ليست زيادة لان الايمان بالقدر هو جزء من الايمان بالله تبارك وتعالى كما قال القرآن (ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين) فالايمان بالقدر داخل في معنى الايمان بالله، فلا خلاف بين القرآن والسنة في تحديد اركان الايمان.. وحدد فضيلته اول ما يجب الايمان بالله فقال هو ان توحد الله عز وجل وان تعلم ان الله تعالى واحد احد لا شريك له ولا ند له ولا ولد ولا والد له، وحدانية الله عز وجل (قل هو الله احد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد) وعقّب: هذا هو التوحيد العلمي: هو أن تؤمن وتعرف بيقين ان الله واحد ليس له شريك في الملك ولا يدانيه او يقاربه احد لان الجميع خلقه ولا يستوي الخلق والخالق (أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون) معتبرا ان هذا هو العنصر المعرفي للتوحيد.. ثم العنصر الارادي وهو ما يترتب على العلم بوحدانية الله: ان تفرده عز وجل بعبوديتك وتخلص له العبودية فلا تعبد احدا غيره (إياك نعبد وإياك نستعين)، افراد الله تعالى بالعبادة وبالاستعانة.. يعبر عن هذا بان نقول بان للتوحيد عناصر ثلاثة: الاول الا تتخذ غير الله ربا (قل أغير الله أتخذ ربا وهو رب كل شيء)، يسمى توحيد الربوبية ان تعتقد ان الله ربك ورب من قبلك ومن بعدك ورب السماوات والارض وانا افضل ان اسميه توحيد الخالقية لان الربوبية لها معان اخرى، حينما خلقك من تراب او من ذكر وانثى او من نطفة تمنى لم يشرك الله احدا في هذا وهو الذي خلق السماوات من قبلك لذلك فان المشركين الذين عبدوا غير الله خاطبهم الله (أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون أم خلقوا السماوات والارض..) فطبقا لقانون العليّة لا بد لكل مخلوق من خالق او قانون السببية وهو الذي عبر عنه الاعرابي بفطرية حينما سئل عن الله قال: البعرة تدل على البعير وخط السير يدل على المسير، فكيف بسماء ذات ابراج وارض ذات فجاج وبحار ذات امواج افلا يدل ذلك على العلي القدير؟ هل خلقوا انفسهم؟ كيف يخلق العدم الوجود؟ هل هم الذين خلقوا السماوات والارض؟ وكيف يخلقونها؟ حتى الذين ادّعوا الربوبية مثل نمرود وفرعون الذي قال انا ربكم الاعلى لم يستطع ان يدعي انه هو الذي خلق السماوات والارض..

الملحدون قلة

وتابع فضيلته قائلا ان المشكلة التي واجهت الانبياء والرسل على مدى التاريخ لم تكن مشكلة الالحاد ولا مشكلة انكار وجود الله، فهؤلاء في كل زمن كانوا قلّة لا شأن لها، ولذك لم تكن مشكلة الرسل مع هؤلاء، انما كانت مشكلتهم مع المشركين الذين عبدوا مع الله آلهة اخرى، قال: وجدت في التاريخ مدن بلا قصور لكن لم توجد ابدا مدن بلا معابد.. كل المدن في الشرق والغرب.. ولذلك شغل الانبياء بتوحيد الخالقية، وكان العرب يقرون بتوحيد الخالقية (ولئن سألتهم من خلق السماوات والارض ليقولن خلقهن العزيز العليم).. ما كانوا يقولون ان هناك خالقين.. المجوس في ايران قديما ومازال بعضهم الى اليوم في ايران كانوا يقولون بخالقين اثنين: خالق للخير وخالق للشر، او إله النور وإله الظلمة، ولكن الحق انه لا يوجد الا خالق واحد خلق الانسان وخلق السماوات والارض (لخلق السماوات والارض اكبر من خلق الناس ولكن اكثر الناس لا يعلمون).. كان العرب يقرون بخالقية الله ولكنهم مع هذا الاقرار كانوا يعبدون مع الله آلهة اخرى، على انهم شفعاء لهم عند الله ووسائط تقربهم الى الله (ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله) ومن يضمن لهم هذا ومن يعطي لهؤلاء حق الشفاعة والله تعالى لا يشفع احد عنده الا بإذنه، ليس هناك احد من حقه ان يشفع الا بإذنه (قل لله الشفاعة جميعا له ملك السماوات والارض ثم اليه ترجعون) ثم لا يملك احد ان يشفع الا لأهل التوحيد (إلا لمن ارتضى) قال في شان الملائكة (ولا يشفعون الا لمن ارتضى) اي من قال لا إله إلا الله ولكن من قال لا اله الا الله ثم اشرك مع الله فليس له ان يشفع ولا يشفع فيه احد، ولو شفع فيه شافع ما نفع (ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع) حسبوا الله ملكا من ملوك الارض لا تستطيع الوصول اليه الا بواسطة، والله سبحانه وتعالى يقول (ولقد خلقنا الانسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن اقرب اليه من حبل الوريد)، (واذا سألك عبادي عني فاني قريب)، (وهو معكم اينما كنتم).. لست في حاجة لواسطة للحديث مع الله.. مؤكدا: لا يوجد حجاب بين العبد وربه فدعوى الواسطة مرفوضة، فالباب بين العبد والرب مفتوح والطريق ممهد وهو يناجي عباده دائما: هل من داع فاستجيب له؟ هل من تائب فأتوب عليه؟، هل من مستغفر فاغفر له؟ (يا ايها الناس انتم الفقراء الى الله والله هو الغني الحميد).

الشرك ضلال

وقال: ان الذي اضل البشرية عبر تاريخها هو الشرك: عبد الناس آلهة مع الله او من دون الله، منهم من عبد الكواكب كما في زمن ابراهيم وكما كان اناس عند قدماء المصريين، انظر لقول الهدهد لسليمان: (وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله)، وهناك من عبد القمر ومن عبد الانهار، كما عبد الهنود البقرة لانها رمز الخير وتدر اللبن، وعبدوا الانثى ولم يعبدوا الذكر..

وقرر: الوثنية اضلت الانسان، فعبد الانسان الحجارة والاوثان في القرن السابع قبيل ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم، كان بالهند ثلاثمائة وثلاثون مليون صنم اي اضعاف البشر؛ كل واحد عنده عدة اصنام والعرب انفسهم كانوا يعبدون اصناما شتى؛ كل واحد معه اربعة احجار، واحد منهم يتخذه الها وثلاثة يتخذها للقدر، قالوا: كنا نعبد حجرا فاذا وجدنا حجرا خيرا منه تركنا هذا وعبدنا الآخر، فاذا لم نجد حجرا اخذنا شيئا من التراب وجئنا بالشاة فحلبناها عليه ثم اتخذناه الها وطفنا به.. ثم عقب قائلا: كيف يحق لبشر ان يصنع الها لنفسه؟! وكانوا يصنعونه من العجوة وكثيرا ما كانوا يصحبون هذا الاله في اسفارهم، فان عضه الجوع اكله (وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب) أرأيتم الى اي حد انحطاط الانسان: يصنع الها مما يأكل ثم يأكله اذا جاع! اي بؤس اصاب البشرية؟! ومن هنا كان توحيد الالهية: الا يعبد الا الله ومن هنا كان النداء الاول لكل الرسل: (يا قوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره).. وهكذا قال نوح.. وقال سيدنا ابراهيم اضلت الحجارة عقول البشر، الكفر بالطاغوت مطلوب (فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى) والطاغوت كل ما يعظم ويطاع من دون الله ومنها الاوثان (والذين اجتنبوا الطاغوت ان يعبدوها وأنابوا الى الله لهم البشرى) فكل الانبياء جاؤوا ينادون باجتناب الطاغوت يقول الله تعالى (وما أرسلنا من قبلك من رسول الا نوحي اليه انه لا اله الا انا فاعبدون) لا يستحق العبادة الا الله، لم لا يستحق احد العبادة غيره؟ لانه هو الخالق الاعظم.. خالقك وخالق كل ما حولك وخالق النعم التي تستمتع بها.. وكل ما في الكون يعمل لخدمة الانسان لا ينتفع الخالق بشيء مما خلق وهو الغنى.. (الله الذي خلق السماوات والارض وانزل من السماء ماء فاخرج به من الثمرات رزقا لكم وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الانهار وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار).

كل ما في الكون لك

الله هيأ لك كل ما في الكون لذلك لا يستحق العبادة غير الله.. لذلك يقول القرآن: (فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور) الرجس تزوير الحقيقة وأي زور أعظم من ان تقول عن هذا الحجر إنه إله وانت نحته؟ وأي ظلم اكثر من هذا الظلم: انت تعطي عبوديتك لمن لا يستحقها؟ (يا بني لا تشرك بالله ان الشرك لظلم عظيم).. وهو هوان للانسان (ومن يشرك بالله فكأنما خرّ من السماء فتخطفه الطير او تهوي به الريح في مكان سحيق) نزل من منزلة رفيعة (اني جاعل في الارض خليفة) منزلة نزل بها الانسان وانحط بها.. انها عقول الشرك المدمرة للنفس الانسانية وللضمير الانساني وللحياة البشرية ولذلك ارسل الله رسله الى الاقوام المختلفة ليردهم عن هذا الشرك ويعيدهم الى الفطرة التي فطر الله الناس عليها.. فالتوحيد فطرة (فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها) وقال نبينا عليه الصلاة والسلام: "كل مولود يولد على الفطرة -اي على التوحيد- فابواه يهودانه او ينصرانه او يمجسانه"..

حين الشدة

واشار الى حقيقة هي ان الانسان يقول يا رب حين تصيبه مصيبة وحين الرخاء ينسى هذا (حتى اذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم احيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن انجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين)، وتكون النتيجة ان الله يستجيب لهم، فمن دعا الله مخلصا له استجاب له وتخلى عن الشرك فهو من صفاء الفطرة (فلما نجاهم اذا هم يبغون في الارض بغير الحق) عادوا الى طبيعتهم ونسوا الشدة واهوالها ونسوا الله.. وهذه هي المصيبة.. مؤكدا ان الفطرة دلالة على التوحيد والعقل اذا أمعنت بعقلك في هذا الكون والآفاق دلتك الآفاق من حولك والآيات البينات المشهودة والمنظورة على ان الله واحد وهو الخالق وحده.. مذكرا بقصة موسى وفرعون وما دار بينهما من حوار..