خبر النص الحرفي لكلمة الأمين العام للجهاد الإسلامي الدكتور رمضان عبدالله شلّح خلال مهرجان الانطلاقة

الساعة 01:41 م|30 أكتوبر 2009

كلمة الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، الدكتور رمضان عبدالله شلّح

والتي ألقاها عبر الهاتف في مهرجان غزة في الذكرى الثانية والعشرين للانطلاقة الجهادية للحركة والذكرى السنوية الرابعة عشرة لاستشهاد الدكتور فتحي الشقاقي بتاريخ 30/10/2009م

 

خيار المفاوضات لن يأتي بدولة فلسطينية

نحن منحازون لأي فصيل بقدر انحيازه لفلسطين والمقاومة

 

·        المنطقة مرشحة للذهاب للحرب لا السلام

·        الكيان الصهيوني زرع لينتج الحرب في المنطقة لا السلم.

·        الخطر المركزي علينا هو الاحتلال الصهيوني لوطننا.

·        لقد فشل المشروع الأمريكي في المنطقة والكيان الصهيوني يعيش قلق الخوف على الوجود والمستقبل

·        نحن منحازون لفتح وحماس بقدر انحياز كل طرف لفلسطين والمقاومة

·        خيار المفاوضات لن يأتي بدولة فلسطينية

·        على فتح أن تخرج من وهم الرهان على التسوية

·        وعلى حماس أن تغير سلوكها لا مبادئها وثوابتها

·        واجبنا ورسالتنا إعادة بناء إجماع شعبنا على مشروع الجهاد والمقاومة

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين إمام المجاهدين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

أما بعد،

أيها الحشد الكريم.. يا أهلنا في القطاع الحبيب، ويا شعبنا في فلسطين كل فلسطين أحييكم، وأشد على أياديكم، فبورك جمعكم وحشدكم هذا اليوم.

أعلم أنكم استمعتم لعدد من الكلمات فلن أثقل عليكم وسأتحدث في ثلاثة عناوين:

العنوان الأول، هو الذكرى والمناسبة التي نحتفل بها اليوم، والتي حملت، ربما لأول مرة، اسم ذكرى الانطلاقة الجهادية للحركة، إلى جانب ذكرى استشهاد القائد الكبير والمؤسس لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين الشهيد أبو إبراهيم رحمه الله.

العالم كله يعرف أن الجهاد الإسلامي، كفكرة وكتنظيم يحمل هم الجهاد والمقاومة، بدأ من أواخر السبعينات ومطلع الثمانينات، وأنه بدأ بالكفاح المسلح وبعمليات جهادية سرية متنوعة منذ العام 1985، لكن الحدث الأبرز في طور النشأة الأولى تمثل فيما عرف بمعركة الشجاعية الباسلة في السادس من أكتوبر/ تشرين أول 1987، والتي مثلت الشرارة الأولى في التمهيد للانتفاضة الأولى المباركة أواخر عام 1987.

نعم، لم تكن "معركة الشجاعية" هي بداية العمل العسكري للجهاد الإسلامي، لكنها كانت العمل الأبرز، بل كانت القمة والذروة  المعلنة لسلسلة متواصلة من الكفاح المسلح السري الذي سبقها.. ونظراً لما للسادس من أكتوبر ومعركة الشجاعية من مكانة في تاريخ مسيرتنا الجهادية ومسيرة شعبنا النضالية عشية الانتفاضة الأولى، رأينا أن هذا اليوم يجسد فعلاً الانطلاقة الجهادية الكبرى والمعلنة لحركة الجهاد الإسلامي.. السادس من أكتوبر لا يلغي ما سبقه من جهاد وكفاح مارسته الحركة، بل يؤكده ويستحضره، لأن السادس من أكتوبر كان ذروة مرحلة النشأة والتكوين.

أما لماذا الربط بين يوم الانطلاقة وذكرى استشهاد الشقاقي، فالجواب، وبكل بساطة، أن الاسم الحركي لمعركة الشجاعية الباسلة هو فتحي الشقاقي.. وحتى لا تكون ذكرى استشهاد القائد المعلم فتحي الشقاقي عزاءً أو مأتماً متجدداً، كان لابد من الربط، لتكون ذكرى الشقاقي هي ذكرى ولادة مشروع الجهاد والمقاومة المعاصر في فلسطين تحت راية الإسلام العظيم.

أيها الأخوة والأخوات..

بعد هذا التوضيح يبقى الجزء الأهم المتعلق بالذكرى والمناسبة، وهو رسالتي لأبناء حركة الجهاد الإسلامي وأنصارها وأبناء سرايا القدس في ذكرى الشقاقي، وهي رسالة موجزة لكنها معبرة إن شاء الله..

لقد سبق أن وصفت الشقاقي يوم استشهاده بأنه صانع تاريخ وهو كذلك بحق.. لذا، أقول لكم إن الانتماء للمشروع الذي دفع الشقاقي حياته ثمناً له فداء للإسلام وفلسطين، هو المحافظة على هذا التاريخ، وإتمام البنيان لا هدمه.. مشروعنا ليس مشروع دنيا ومغانم مادية ومعنوية، ليس مشروع سلطة، ولا طلب رياسة ولا شهرة ولا جاه.. مشروعنا هو مشروع جهاد، بل قتال في سبيل الله ضد الكيان الصهيوني. وقاعدة البناء في هذا المشروع هو قول الله تعالى (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص).. يا أبناء الشقاقي أبناء الإسلام العظيم أشهد أنكم حملتم الأمانة وحافظتم على هذا البنيان وعليتم مداميكه بالدم والعرق والتضحيات، لكن مازال الكثير أمامنا لنفعله، بالإخلاص والتضحية ونكران الذات، ليكون كل واحد فينا صانع تاريخ لا هادم تاريخ صنعه الشهداء والأسرى والمجاهدون الأبطال.

العنوان الثاني، هو موقفنا من التطورات السياسية ومجمل الأوضاع في فلسطين. نعم، نحن ندرك أن الساحة الفلسطينية تعيش أزمة كبيرة، بل مأزقاً تاريخياً، لكن هذا المأزق يجب أن ينظر إليه في الإطار الأوسع في رؤيتنا للعالم ولحال الأمة والمنطقة.. ولن أطيل الشرح في هذا الموضوع الشائك والمعقد، بل سأذكر مفاتيح صغيرة أرجو أن تنتبهوا لها جيداً وراقبوا من خلالها ما يحدث في المستقبل القريب والبعيد. إنها مفاتيح ستساعدنا في رسم صورة غير الصورة التي تسيطر على عقولنا في الواقع المأساوي الذي تعيشونه. إنها ليست صورة وردية، لكنها ليست سوداوية، وهي تحمل الكثير من الصعوبات والتحديات. الإدارة الأمريكية شرطي العالم في مأزق كبير داخلياً وخارجياً.. أزمة مالية مرعبة/ ورطة في العراق/ هزيمة محققة بإذن الله في أفغانستان/ فشل مشروع التسوية/ قوة وحضور لقوى المقاومة في المنطقة/ باختصار، لقد فشل المشروع الأمريكي في المنطقة.. والكيان الصهيوني يعيش قلق الخوف على الوجود وعلى المستقبل.. ترى، إلى أين سيأخذنا هذا الوضع؟ بالتأكيد لن يأخذنا إلى تسوية.. لن يأخذنا إلى أي نوع من السلام مع الكيان الصهيوني.. الكيان الصهيوني زرع لينتج الحرب في المنطقة لا السلم.. يجب أن لا نخطئ في ذلك.. إنتاج الحروب هو أحد متطلبات المحافظة على الميراث الاستعماري ومعادلة سايكس بيكو وواقع الهيمنة والسيطرة الغربية على الأمة..

لا أريد أن أثير الفزع في أوساط شعبنا، لكن يجب أن لا نخدع أنفسنا، أو نستسلم لخداع الآخرين لنا.. نحن أمام كيان وظيفته إنتاج الحرب ولا أمل للسلام معه.. فالمنطقة مرشحة للذهاب للحرب أكثر منها لأي نوع من السلام مع العدو. وفلسطين تبقى جوهر الصراع والمسرح الأساسي له.. لذا، علينا أن نعد أنفسنا لذلك، وأن نخرج سريعاً من حالة الضغط على عقولنا بواقع الانقسام الحالي.. نعم، الانقسام سيء ومدمر لشعبنا وقضيتنا نفسياً ومادياً، لكن يجب أن لا نغرق في لعبة اختراع البديل الوهم وانحراف البوصلة. الخطر المركزي الذي يعاني منه شعب فلسطين هو الاحتلال الصهيوني لوطننا، كل وطننا فلسطين؛ فالهم المركزي لنا يجب أن يكون كيف نواجه هذا العدو، وكيف نقاتله، وكيف نحمي أنفسنا وأرضنا منه. هذا هو واجبنا ووظيفتنا ورسالتنا في هذه المرحلة.

أيها الأخوة والأخوات..

العنوان الثالث والأخير في حديثي، هو حول علاقة الجهاد الإسلامي بالقوى والفصائل الفلسطينية لاسيما فتح وحماس..

البعض في فتح يقول بأن حركة الجهاد منحازة لحماس في النزاع الداخلي، والبعض في حماس يقول إن البعض في الجهاد منحاز لفتح.. والجميع ينسى أننا لسنا طرفاً مباشراً في هذا النزاع. وهنا أقول بكل وضوح وشفافية، وليسمعني الجميع جيداً وخاصة الأخوة في حماس والأخوة في فتح.. أولاً، في مسألة الانحياز أقول بأننا أولاً وأخيراً منحازون لفلسطين، كل فلسطين أرضاً وشعباً. لذا، فإن كان البعض ولابد يريد أن يصنفنا كمنحازين لهذا الطرف أو ذاك، فنحن منحازون لفتح وحماس بقدر انحياز كل طرف لفلسطين، وأيضاً المقاومة، لإيماننا بأنها الطريق الوحيد لتحرير فلسطين. وإذا كانت فلسطين هي المعيار، فإننا نقول لا يجوز لأحد أياً كان أن يُفصّل فلسطين على مقاسه أو على مقاس برنامجه السياسي ويصادر آراء ومواقف وبرامج الآخرين.

وهنا أقول لإخواني في فتح، ومن باب النصيحة والأخوة، إذا كان التصلب والتشدد مع حماس في مساعي إنهاء الانقسام هو وجود رهان على مستقبل التسوية مع العدو، أقول لكم بكل صراحة إنه رهان خاسر، خيار المفاوضات لن يأتي بدولة فلسطينية مطلقاً، ولو كانوا يقبلون بإقامة الدولة الفلسطينية على أي شبر من فلسطين لأعطوها لياسر عرفات، لكنهم في المقابل أعطوه السم وقتلوه.. فيكفي المراهنة على الوهم والسراب.. يكفي!

وأقول لإخواني في حماس، إذا كنتم تظنون أن إدارة غزة في ظل الحصار والانقسام هو إنجاز للمشروع الإسلامي، فهذا أيضاً وهم يجب أن نتحرر منه.

نحن لا نقول إن على حماس أن تغير مبادئها أو أن تتخلى عن ثوابتها، لا، بل إن على حماس أن تغير سلوكها على الأرض.. أنا أدرك وأعلم أن قيادة حماس في الداخل والخارج لا ترضى عن الممارسات الخاطئة، لكن الناس لا يهمها ماذا تعتقد في هذا الأمر بل يهمها ماذا تفعل..

إننا في الجهاد الإسلامي نمد أيدينا لإخواننا في حماس ولإخواننا في فتح ولكل القوى والفصائل والفعاليات، أن نعمل سوياً للخروج من هذه الأزمة.. ومن هذا الواقع المأساوي الذي يعيشه شعبنا. نحن ندرك أنه ليس هناك حركة تحرر في العالم إلا وقع فيها تدافع واستقطاب وانقسام، لكن في فلسطين يجب أن لا يطيب لنا المقام على هذا الحال. فالأرض تسرق من تحت أقدامنا، والقدس تهوّد، والحق يضيع، ونحن منشغلون بأنفسنا وهمومنا وصراعاتنا الداخلية.. إذا كنا نحن نعجز اليوم عن تحقيق الوحدة أو الإجماع على حقوقنا وقضينا، فماذا ننتظر من العالم؟ ومن بقية أبناء الأمة؟! نحن الأمناء على هذه القضية المقدسة. نحن شعب فلسطين، ضمير الأمة التاريخي تجاه بيت المقدس وفلسطين.. نحن الأمناء على خط مواجهة الغزاة وأن توجه البنادق كل البنادق باتجاه العدو الصهيوني.

أيها الأخوة والأخوات..

لعلي أطلت عليكم.. لكني في الختام، أقول لكم ولأبناء الجهاد على وجه الخصوص، بدمائنا وشهدائنا وصبرنا تحملنا الأذى والشدائد وبتصميمنا أن لا نكون يوماً مسؤولين عن سفك دم أبناء شعبنا.. فيا أبناء الجهاد، حافظوا على هذه المسيرة المباركة، مسيرة الصبر والوحدة والإيمان، مسيرة الجهاد والمقاومة.. وسنصل في النهاية، وسننجح بإذن الله، نحن وكل المخلصين من قوى شعبنا، في بناء إجماع شعبنا من جديد على مشروع الجهاد والمقاومة حتى تحرير فلسطين كل فلسطين بإذن الله..

في ذكرى الشقاقي، ذكرى الجهاد والاستشهاد.. ذكرى الانطلاقة الجهادية المباركة..

تحية للشهداء الأبطال..

تحية للأسرى البواسل...

تحية لصمود شعبنا وصبره وثباته

تحية لكم جميعاً، لكل شعبنا في كل مكان، ولجماهير أمتنا، ولأحرار العالم

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته