خبر د. محمد الهندي: د. الشقاقي أعاد الحركة الإسلامية إلى ساحة الصراع وأضاف بعداً جديدا للمقاومة

الساعة 09:32 ص|29 أكتوبر 2009

د. محمد الهندي: د. الشقاقي أعاد الحركة الإسلامية إلى ساحة الصراع وأضاف بعداً جديدا للمقاومة

فلسطين اليوم : الاستقلال

لم يكن د. الشهيد فتحي الشقاقي مجرد أمين عام لتنظيم فلسطيني يجاهد الاحتلال، بل كان بذرةُ الوعي والثورة في حقل النهوض الإسلامي الكبير،

كان الشقاقي يدرك أن الأمة الاسلامية تعيشُ أزمةً حضاريةً شاملةً في مواجهة الهجمة الغربيةِ الشرسةِ، لكنه كان يرى أن فلسطين مركز الهجمة وعنوانها الرئيس  دون أن يغفل بقية مصادر الأزمة وعناوينها الأخرى.   وكان الإيمان العميق والصبر الجميل زاده وزواده في مواجهة سيل الأعداء الذين ينهمرون عليه من كل حدب وصوب ويطلعون له من تحت الجلد، فيستعذب العذاب، ويقبل التحدي، والتنافس بحسن النية، وصدق الكلمة وقداسة المسؤولية، وشجاعة الموقف وعلو الهمة.  لإلقاء المزيد من الضوء على الجوانب المختلفة من حياة د. الشهيد فتحي الشقاقي، كان لـ "الاستقلال" هذا اللقاء مع د. محمد الهندي القيادي البارز في حركة الجهاد الإسلامي للإجابة على الكثير من التساؤلات الهامة في ذكرى القائد الفارس .

 

هل يمكنك أن تحدثنا عن نشأة حركة الجهاد الإسلامي وكيف راودت الفكرة الدكتور الشقاقي؟

 

ج. كان الشهيد فتحي الشقاقي قارئ من الطراز الأول، وكان مهموماً من الطراز الأول، كان يحاول أن يقرأ المشاكل التي يعيشها الشعب الفلسطيني، ويبحث عن الإجابات على هذه المشاكل، وبعد هذا الاطلاع وهذه الرحلة  وجد أن هناك معضلة أساسية  وأزمة حقيقية أن الإسلاميين في فلسطين والأمة العربية لم ينطلقوا لمواجهة الاحتلال ، فيما الفصائل الوطنية الفلسطينية غيبت الإسلام، كثقافة، وكدين لهذا الشعب باعتباره العامل الأساسي في تفجير طاقته في مواجهة الاحتلال الصهيوني.

 

لذلك بدأ محاولاً أن يعيد الإسلام والحركة الإسلامية إلى ساحة الصراع ساحة القتال والمواجهة، وكان يقول حركة الجهاد الإسلامي : "حركة مقاومة حركة قتال وجهاد "،هذا هو جوهر الفكرة أن يعيد الإسلام إلى ساحة الصراع ويعطي للمقاومة بعداً إسلامياً قادراً على تفجير طاقة الشعب، وهذا هو الاجتهاد الذي فجره الدكتور فتحي خلال مسيرته النضالية ومنذ السنوات الأولى لتأسيس الحركة وقبل تأسيسها . باختصار :"هو قدم شهادته على المرحلة التي كان يعيشها وكان يعتقد أن هذا هو جوهر الفكر الإسلامي، أن يعطي إجابات على مشكلات المكان واللحظة التاريخية".

 

ما هي الإضافة التي قدمها الشهيد الشقاقي وحركته للنهوض بواقع الأمة في معركتها الحضارية الشاملة؟.

 

الشقاقي رفع شعار القضية الفلسطينية قضيةً مركزيةً للحركةِ الإسلاميةِ ليس لأنه ومن حوله هم من الفلسطينيين فحسب، ولكن لأن ما طرحه  مبنياً على حقائق في القران الكريم، وفهم للتاريخ الإسلامي والحديث النبوي الشريف، ومن خلال أيضا فهم واقع المواجهة الإسلامية مع الحضارة الغربية ودور إسرائيل في هذه المواجهة وهذا الصراع منذ نزول الوحي حتى يومنا هذا.

 

ولذلك هي الفكرة الحقيقية والإضافة التي بدأت ترسو داخل العمل الجهادي والإسلامي والوطني في فلسطين، والمزاوجة بين فلسطين كقضية وطنية وارض مسلوبة وواقع تحت الاحتلال في سياق الصراع الكبير بين الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية التي تمثل إسرائيل أحد أوجهها .

 

كما أن الشقاقي أشار إلى أن وجود اليهود كاحتلال على ارض فلسطين ليست له علاقة بالديانة اليهودية إنما له علاقة بهذا الاستعمار الغربي الذي نهب المنطقة العربية، وكان يتحدث عن" الاستعمار،  وعن التغريب، وعن إسرائيل " كمثلث صُنع من اجل إجهاض أي تقدمٍ إسلامي على أي محور كان.

 

الدكتور فتحي الشقاقي مر بمحطات مهمة في حياته أهمها الصعوبات التي واجهها منذ نشأة حركة الجهاد وفترة السجن والإبعاد، فكيف استطاع أن يواجه كل الخصوم الذين حاولوا  وأد فكرته قبل أن ترى بصيص النور؟.

 

حقيقة أن  الفكرة التي طرحها د. فتحي الشقاقي كانت صارمة للبعض، وكان البعض من هذا التنظيم أو ذاك التنظيم يعتقد أنها التفاف موجه ضده، فالفكرة كانت قوية ومبنية على أدلة من  القران والتاريخ والواقع، و تصدم ما هو قائم سواء الحركات الإسلامية الموجودة آنذاك ،  لأن فكرته كانت تدعو إلى المقاومة والمواجهة والاشتباك، طالما يوجد احتلال لا يجوز تأجيل الجهاد أو تعطيله، وأيضا كانت فكرة صادمةً  لكل الحركات الوطنية القائمة لأنها تريد أن تضيف عنصر جديد  هو  الإسلام ليس فقط  مجرد شعائر  وعبادات إنما الإسلام كمحرك لحركات المقاومة في مواجهة الاحتلال.

 

 و لذلك واجه د. فتحي مشاكل كثيرة  من الأطراف الموجودة في الساحة الفلسطينية والعربية، وأُكد أن أحداً من هؤلاء لم يلتفت إلى الفكرةِ ليناقشها بموضوعيةً إنما وجهت  السهام مباشرة لهذا النهج الجديد في الساحة الفلسطينية والعربية من كل اتجاه من أجل وأده قبل بزوغه، ولكن  د. فتحي لم يلتفت إلى تلك الحملات المغرضة، لأنه كان حريصاً على أن تصل فكرته بكافة الوسائل  إلى اكبر قدر من أبناء الشعب الفلسطيني سواء عبر مجلة الطليعة التي كانت تصدر من لندن، ومجلة النور التي كانت تصدر من القدس  أو عبر نشرات وأدبيات توزع أو عبر"الكاسيتات" أو عبر النشاطات الجماهيرية في الأعياد والمناسبات الدينية.

 

وبعد تأسيس حركة الجهاد الإسلامي كان الشقاقي  يشجع العمل المشترك رغم أننا نختلف في أفكارنا و منطلقاتنا مع منظمات التحرير الفلسطينية ولكن كان رحمه الله يشجع الفعاليات المشتركة وحتى العمليات المشتركة على قاعدة  نتعاون فيما نتفق عليه، ويعذُر بعضنا البعض فيما نختلف عليه.

 

الدكتور الشقاقي كان دائما يدعو إلى الوحدة .. خاصة وحدة الحركة الإسلامية ورفع شعار الوحدة من خلال التعدد هل أصبحت الظروف  مواتية الآن لوحدة الحركة الإسلامية التي كانت هدفا للدكتور الشقاقي؟

 

نحن شعب يعيش في ظل الاحتلال الذي  يستهدف الجميع بدون استثناء ويجب أن نبحث العوامل التي توحدنا تقوينا الآن في ظل حالة الانقسام الشديد.

 

واعتقد أن  د. فتحي الشقاقي كان يحلمُ بان يجد الشعب الفلسطيني كله موحداً خلف خيار المقاومةِ وخاصة الحركات الإسلامية، وبذل جهدا كبيراً واشترك في هذا الجهد أشخاص لازالوا أحياء سواء من حماس أومن حركة الجهاد الإسلامي من اجل البحث عن المشترك بين الحركتين، وهو موجود وكثير منه : المنطلقات المشتركة، والمقاومة، والسياسات المتعلقة بالتصدي لما يسمى بمشروع  (مدريد، و اوسلو، وخارطة الطريق، حتى انابوليس)  ولازال قطار الوهم يسوق الأوهام بأن هناك تسوية وان هناك حوار وسلام، وفيما يتعلق بالخلافات الميدانية التي تنشأ هنا أو هناك  يجب أن نضعها في حجمها الحقيقي وألا نجعلها تسيطر على قراراتنا وأطروحاتنا.

 

واعتقد أن المطلوب اليوم قبل غدٍ أن نتحمل مسئولياتنا كقيادات فلسطينية وإسلامية ووطنية من اجل أن نبحث عن القواسم المشتركةِ في حياتنا، وان يكون لنا موقف واضح من ورقة المصالحة المصرية التي يوجد لنا ملاحظات عليها.

 

يجب أن نكون صادقين أمام أنفسنا، فغزة لم تتحرر وهي تعيش حصاراً كبيراً، والضفة الغربية  الاحتلال يعربدُ فيها بعد أن حولها بفعل جدار العزل  إلى ( كنتونات)،  ودولة الاحتلال فتحت ملف القدس على مصراعيه في ظل هذا الانقسام والهوان العربي والإسلامي، فكل يوم هناك رسالة اختبار من "الحكومة الإسرائيلية" ومن المستوطنين  لترى ردود الفعل العربي والإسلامي على الاعتداء على المسجد الأقصى وتصعد باستمرار لان ردود الفعل غير كافية وليس لها أي قيمة.

 

لذلك المطلوب من الجميع أن يتحمل المسئولية إزاء كل تلك الممارسات الصهيونية، فالتحديات التي تواجه الحركات الإسلامية هي نفسها التي تواجه حركة فتح ومنظمات التحرير الفلسطينية التي ضيعت تاريخها النضالي الناصع والمشرف في الركض وراء سراب و وهم "اوسلو"