خبر مدنسو شرفه وزارعو الكراهية

الساعة 10:33 ص|28 أكتوبر 2009

14 سنة على اغتيال رابين- يديعوت

بقلم: آفي ديختر

رئيس المخابرات السابق

 (المضمون: من واجبنا أن نقتلع من الجذور نظرية المؤامرة بحيث تكف عن الظهور في المستقبل. علينا أن نعمل ذلك اساسا من أجل الاجيال التي لم تشهد حدث القتل عن كثب واليوم تتعرف عليه وتتعرض للمعلومات عنه من خلاف مصادر مغرضة في مواقع مشكوك فيها على الانترنت - المصدر).

منتهى السبت، 4 تشرين الثاني 1995. التقرير الذي تلقيته كرئيس لجهاز الامن العام "الشاباك" في الجنوب كان قاطعا، قصيرا ومذهلا: "رئيس الوزراء اصيب بالنار، جرح وهو ينقل على وجه السرعة الى ايخلوف". المعلومات عن نية الجهاد الاسلامي في غزة تنفيذ عملية مثيرة قفزت الى رأسي كرصاصة اولى في خزان الاحتمالات عن هوية الذين قاموا بالعملية. آخر الانباء وصلتني في غضون دقائق: "مطلق النار امسك به، وهو يهودي".

المفهوم الذي يقول ان يهوديا لن يمس برئيس الوزراء انهار في لحظة. الرأس يفكر جنوبا، بسيناريوهات محتملة في غزة، ولكن القلب ينظر شمالا الى المستشفى، حيث يكافح اسحق رابين على حياته، على حياتنا. في غزة هدوء، كما افاد رجال الميدان. من ايخلوف بدأت تصل نتف من المعلومات اخذت طابع تصريح ايتان هابر، اليد اليمنى لرابين: "حكومة اسرائيل تعلن ..."

بعد 47 سنة من قيامها، كان على دولة اسرائيل ان تواجه احد اختباراتها الصعبة ان لم يكن اصعبها. كيف لا يتفكك مجتمع الصقت اجزاؤه ببعضها البعض بعمل جم كثير. كيف الحذر في توجيه الاتهامات لكل صوب في الساعات والايام التي تكون فيها الارض خصبة لاستيعاب كل بذرة شغب، وغرسها وانمائها.

الرجل الذي كان يفترض أن يكون محروسا بالشكل الاكثر تشددا في دولة اسرائيل، قتل بطريقة بسيطة على نحو مخيف. الثغرات في دائرة الحراسة لا يمكن ان تكون مفهومة في نظر المواطن العادي، فما بالك في نظر رجال المهنة. ليس قناصا من بعيد ولا انتحاريا يحمل عبوة ناسفة على جسده، بل ببساطة قاتل مسلح بمسدس، تجول بين رجال الحراسة دون عراقيل.

السهولة التي اتيح فيها الاغتيال بعثت لدى الكثيرين الرغبة في البحث عن المجهول والمركب. القصور العملياتي استغل كأساس لرقصة المؤامرة. الكثيرون بحثوا عن داخل آخر، اكثر مغزى، "يرتب" على نحو افضل الحدث الذي جاء باعثا على الصدمة الشديدة. كل ذرة معلومات، مدروسة ام مدحوضة، جندت للمهمة. بدءا من دعوات "عبثا عبثا" وانتهاءا بالشائعات عن المصور "المغروس" الذي وثق الاغتيال. رجال مباحث هواة اعتمدوا على معلومات كاذبة كي يحثوا سيناريوهات مختلفة وبالغالب غريبة.

        الى هذه السهولة تسلل بطمع لا كابح له مجانين اليمين واليسار، الذين رأوا فيها فرصة لتقدم المذاهب الفكرية الهاذية، والتي في الايام العادية لا يكون لها أي صدى. ادعاءات رجال اليمين المتطرف، مثل نظرائهم من اليسار المتطرف، وكأن محافل الاستخبارات من جهاز الامن العام "الشاباك"، وبالتواصل معهم محافل الحراسة في جهاز الامن العام، ارتبطوا كي يبنوا سيناريو في طرفه محاولة اغتيال لرئيس الوزراء بهدف وقف مسيرة اوسلو – هي هراء ونزعة شر في افضل الاحوال وتحريض واثارة على التمرض في اسوأها.

        نحن، كجمهور، نفضل أن نرى قصة مغلقة. الحقائق التي نشرت كانت بسيطة جدا: ابتداء من خلفية القاتل مساعديه على التنفيذ، جمع المعلومات وحتى فعلة القتل. قصة مغلقة ولكنها مثيرة للاكتئاب ببساطتها. وهنا دخل مقتلعو اسرائيل من اليمين ومن اليسار، ممن اضافوا الى اجزاء اللوحة القائمة اجزاء من خيالهم، مخلوطة بسم سياسي قومي ومتطرف.

        من واجبنا أن نقتلع من الجذور نظرية المؤامرة بحيث تكف عن الظهور في المستقبل. علينا أن نعمل ذلك اساسا من أجل الاجيال التي لم تشهد حدث القتل عن كثب واليوم تتعرف عليه وتتعرض للمعلومات عنه من خلاف مصادر مغرضة في مواقع مشكوك فيها على الانترنت. اسحق رابين، رئيس وزراء اسرائيل قتله نذل سعى الى قتل الفكرة، ظن انه يقطع طريقا، اعتقد انه المسيح او مبعوثه على الاقل. من واجبنا ان نتأكد من أن يذوي القاتل اياه في السجن حتى آخر يوم في حياته وان يعرف هو ومؤيدوه بانه لم يقتل الفكرة ولم يقطع الطريق.

ناشرو فكرة المؤامرة على انواعهم يجب أن نرى فيهم ليس فقط مدنسين لذكرى الرجل اسحق رابين، رئيس وزراء اسرائيل، بل وكذلك كساعين لزرع الكراهية والمس باهداف محافل الامن في اسرائيل.