خبر تقرير «العفو الدوليّة» يُربك تل أبيب

الساعة 07:50 ص|28 أكتوبر 2009

تقرير «العفو الدوليّة» يُربك تل أبيب

مهدي السيّد

تعرضت الحكومة الإسرائيلية لضربة إعلامية وقانونية وسياسية جديدة، تُضاف إلى الضربة التي تلقتها عبر تقرير غولدستون، تمثلت في الاتهام الذي وجهته منظمة العفو الدولية إلى إسرائيل أمس بحرمان الفلسطينيين من حق الحصول على احتياجاتهم من المياه من خلال التحكم الكامل بمصادرها وانتهاج سياسات تمييزية حيالها.

وقالت المنظمة إن تل أبيب تستخدم 80 في المئة من مياه جبل اكوفير، الذي يُعدّ المصدر الرئيسي للمياه الجوفية في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، وتمنح الفلسطينيين 20 في المئة منها فقط، مشيرة إلى أن الفرد الإسرائيلي يستهلك 300 ليتر من المياه في اليوم، في مقابل 70 ليتراً للفلسطيني.

وبحسب التقرير، يستهلك الإسرائيليون كميات من المياه تزيد أربع مرات على تلك التي يستهلكها الفلسطينيون. ويبدو هذا «التفاوت» أكبر بكثير في بعض مناطق الضفة الغربية، حيث تستخدم بعض المستوطنات كميات مياه أكثر بعشرين مرة لكل فرد من تلك التي يستهلكها فلسطينيو البلدات المجاورة، الذين يحصلون يومياً على 20 ليتراً فقط من المياه.

وفيما لاقى التقرير ترحيباً من رئيس سلطة المياه الفلسطيني، شداد العتيلي، كان موضع استنكار وإدانة من المسؤولين الإسرائيليين، وعلى أعلى المستويات. ورأى مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، أن اتهام منظمة العفو الدولية لإسرائيل «مثير للسخرية»، فيما ادعت سلطة المياه الإسرائيلية بأن «الفجوة أقل بكثير مما هو مذكور في التقرير».

بدوره، وصف وزير البنية التحتية الإسرائيلي عوزي لانداو التقرير بأنه «سطحي وكاذب». وقال، للإذاعة الإسرائيلية، إن «التقرير يمثّل دعاية سياسية فلسطينية وهو مثل تقرير غولدستون، وقد كانت استنتاجاته معروفة قبل كتابته».

ويأتي الاتهام الجديد لإسرائيل في الوقت الذي تحاول فيه الحكومة الإسرائيلية الالتفاف على توصيات تقرير غولدستون، وإعداد العدة الإعلامية والقانونية والسياسية الضرورية لمواجهته أمام المجتمع الدولي ومؤسساته القانونية والمدنية. لكن يبدو أن عجلة الإدانة للجرائم الإسرائيلية تسبق محاولات التملص منها أو تبريرها. هذا ما تجلى في المعلومات التي نشرتها صحيفة «هآرتس» عن إعداد محامين ومنظمات لحقوق الإنسان في عدد من الدول الأوروبية قوائم «مطلوبين» من ضباط الجيش الإسرائيلي، بمستوى قادة كتائب فما فوق، بهدف ملاحقتهم قضائياً واستصدار أوامر اعتقال بحقهم بتهمة مشاركتهم في ارتكاب جرائم حرب في حال وصولهم إلى هذه الدول، ولا سيما في بريطانيا وهولندا وإسبانيا وبلجيكا والنروج.

وقالت «هآرتس» إن أحد الموظفين في مكتب المحامي دانيال ماكوفير، الذي يركز النشاط في الموضوع في بريطانيا، زار غزة في الأسابيع الأولى التي أعقبت الحرب من أجل جمع أدلّة وحصل على توكيل من مواطنين فلسطينيين بتقديم دعاوى باسمهم بموجب القانون البريطاني.

وأضافت الصحيفة أن المحامين يحصلون على معلومات من نشطاء سلام يتابعون نشاط منظمات يهودية ومؤيدة لإسرائيل تدعو ضباط الجيش الإسرائيلي إلى إلقاء محاضرات أمامهم، وفي بعض الحالات يتعاون نشطاء السلام مع شرطة الحدود من أجل الحصول على معلومات عن وصول أحد الضباط إلى الدولة التي ينشطون فيها.

 

لا يمكن إقناع الدول الصديقة من دون تأليف لجنة تحقيق مستقلة

ويؤكد نشطاء السلام الأوروبيون أن أسماء عدد قليل من الضباط الإسرائيليين موجودة في سجلات المراقبة لدى الشرطة البريطانية، وبمجرد وصول الضباط إلى بريطانيا، يعمل المحامون ونشطاء السلام ومنظمات حقوق الإنسان على استصدار أمر اعتقال بحقهم.

وعقّبت وزارة الخارجية الإسرائيلية بالقول إن «الوزارة مطّلعة على محاولات منظمات فلسطينية للتعرض قانونيّاً لضباط الجيش الإسرائيلي وتشويه صورتهم، ونحن نعمل مع جهات أخرى من أجل منع هذه المحاولات».

في هذه الأثناء، تسود إسرائيل حال من الترقب والقلق إزاء الجلسة المرتقبة في الرابع من الشهر المقبل، لمناقشة تقرير غولدستون في الجمعية العامة للأمم المتحدة، في ظل التسليم بالعجز عن الحيلولة دونه بسبب الغالبية التلقائية المؤيدة لموقف الدول العربية.

وتوقعت «هآرتس» أن يكون نقاش التقرير في الجمعية العامة «رصاصة الانطلاق» لمجموعة من المبادرات والخطوات لطرح نتائج التقرير للنقاش في أُطر وهيئات ناشطة ضمن حلبة الأمم المتحدة في نيويورك.

وفي السياق، تشكك قانونيون إسرائيليون في إمكان أن ينجح الطاقم الذي أمر نتنياهو بتأليفه لمواجهة تقرير غولدستون، في «حل المشكلة الدولية لإسرائيل»، لأن مهمة الدولة العبرية، بحسب ما قاله الخبير في القانون الدولي روبي سايبول لموقع «يديعوت أحرونوت»، «ليست إقناع إسرائيل ولا عدوها، بل إقناع الدول الصديقة لها في العالم، وهذا ما لا يمكن أن يحصل من دون تأليف لجنة تحقيق مستقلة على غرار تلك التي ألّفتها إسرائيل للتحقيق في مجزرة صبرا وشاتيلا».