خبر المعركة القادمة- يديعوت

الساعة 09:20 ص|27 أكتوبر 2009

يهودية وديمقراطية

بقلم: غادي طؤوب

الشهر الماضي نشر كاتب الرأي جي مايكلسون مقالا مميزا في الصحيفة اليهودية الامريكية "Forward" وكان عنوانه "كيف أفقد محبتي لاسرائيل". واثار المقال عاصفة. ولكن المهم ليس في حجج مايكلسون بل في ما تدل عليه: في مجتمع حضاري، السياسة الصحيحة، بات من شبه المتعذر تأييد اسرائيل. التشبيهات مع جنوب افريقيا هي موضوع اعتيادي. الاستعمار والابرتهايد هما وصفان منتشران.

هل نحن نفهم كامل معنى الامر؟ جيل من اليهود الشباب في امريكا وفي اوروبا، يؤمنون بالديمقراطية دون أي شك، يخرجون من الكليات وهم يرددون شعارات ما بعد الصهيونية. بالنسبة للكثير منهم ادوارد سعيد هو الكتاب المقدس عن النزاع. ويجدر بنا الا نوهم انفسنا: اذا ما اتخذت اسرائيل في نظرهم صورة النقيض للمذهب الديمقراطي فانه لن يكون بوسعهم ان يسووا الصهيونية مع ضميرهم وقيمهم.

ضد جزء من هذا ليس هناك ما يمكن عمله: طالما نواصل الاستيطان ستكون ريح اسناد قوية لكل المنشغلين بنزع الشرعية عن حقنا في تقرير المصير وفي الدفاع عن النفس. ولكن المشكلة لا تنتهي هنا. ما كان ذات مرة هجوما على الاحتلال كأبرتهايد، صار هجوما على فكرة الدولة اليهودية كأبرتهايد. نحن يمكننا ان نتجادل في ما اذا كان ممكنا وقف الانجراف دون الخروج من المناطق (واعتقد أن لا)، ولكن في هذه الاثناء نحن ندير المعركة حتى على الامر الاساس الذي يتفق معظمنا عليه: "يهودية وديمقراطية".

الادعاء بانه يوجد بين يهودية وديمقراطية تضارب غير قابل للتسوية هو هزيل وسهل على الدحض. العلاقات بين الدين والدولة، قانون العودة، مسألة الاقليات، النشيد القومي – في كل هذه اسرائيل تشبه ديمقراطيات عديدة اخرى، شرعية جدا. ولا يزال، فان مبعوثينا، ممثلينا، ومحبي مصلحتنا، يقفون في حالة حرج امام الادعاء بان الدولة اليهودية لا يمكنها ان تكون ديمقراطية. وماذا تفعل اسرائيل كي تساعدهم؟ الجواب الموجز هو: لا شيء.

بضعة نماذج: صدف لي ان تحدثت مع خريجي دورة دبلوماسيين من وزارة الخارجية. الموضوع كان "يهودية وديمقراطية". وكانت هذه هي المرة الوحيدة، كما قال لي الخريجون، التي يتحدث فيها احد معهم حول الموضوع في كل سياق الدورة. التقيت قبل بضعة اشهر مع موظف كبير – واحتراما له لن أذكر اسمه – يعنى بالاعلام. اقترحت عليه ان ترفع وزارته الى الانترنت صفحة وتجمع فيها بضعة مقالات اساسية (بالعبرية وبالاجنبية) عن يهودية وديمقراطية، وبضعة تشبيهات بسيطة مع ديمقراطيات اخرى، بضعة قرارات لمحكمة العدل العليا، وذلك فقط كي يعرف النشطاء والمبعوثون الاجابات الاكثر اساسية. هناك وفرة من المواد، قلت له، ولا حاجة الا الى عرضها على الانترنت. فشرح لي بجدية تامة بانه أمر معقد اقامة صفحة انترنت.

كنت ايضا في عدد غير قليل من مناسبات تأهيل المبعوثين، الرسمية والخاصة، من كل الانواع. وبشكل عام تحدثوا هناك عن كيفية جلب شبان الى حائط المبكى ودفعهم الى غرس شجرة. هذا جميل. ولكن هذا لا يعطي أي جواب على أزمتهم المتفاقمة: الدفاع عن اسرائيل يبدو لهم، اكثر فأكثر، مثل الدفاع عن جنوب افريقيا في الثمانينيات.

نعطي الانطباع وكأننا لا نفهم كم هي هامة هذه المعركة. ونحن نخسر فيها ايضا في اماكن يمكننا ان ننتصر. نحن نخسر ليس فقط في الجدال على يهودا والسامرة، بل وايضا حيث تكون مقاييس العالم الديمقراطي الى جانبنا صراحة: حق اليهود في تقرير المصير. ليس ثمة أي حاجة لفقدان مايكلسون وليس ثمة أي حاجة لهجره مع بعض الحنين، بدلا من مساعدته على صد الحجج عديمة الاساس التي في النهاية حطمته.