خبر القيادي عزام: لم يكن الشقاقي يحمل أحقاداً على أحد رغم الطعنات من غير اليهود

الساعة 07:54 ص|26 أكتوبر 2009

فلسطين اليوم : غزة

قال الشيخ نافذ عزام، عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين،:" إن الأحداث والوقائع التي شهدتها الساحة الفلسطينية على مدار أربعة عشر عاماً، تؤكد صدق نبوءات الدكتور فتحي الشقاقي وصوابية المواقف التي اتخذها لاسيما تلك المتعلقة باتفاقيات "أوسلو" ".جاءت تصريحات الشيخ عزام لمراسلنا اليوم الاثنين، في الذكرى الرابعة عشرة لاغتيال الدكتور فتحي الشقاقي، الأمين العام المؤسس لحركة الجهاد الإسلامي.

واستذكر الشيخ عزام – الذي يعد أحد الذين عاشروا الدكتور الشقاقي - مشاهد كفاح و جهاد الشقاقي منذ البدايات وحتى استشهاده. 

ويقول: " أول لقاء كان لي شخصياً مع الدكتور فتحي (رحمة الله عليه) كان في صيف عام 1978، حيث التقيت به في حفل زفاف لأحد أصدقاءه من كبار قادة الإخوان المسلمين في فترة الإجازة الصيفية، حيث كنا ندرس في مصر".

ويضيف:" كنت أسمع عن الدكتور الشقاقي، و كان لي علاقات  صداقة مع كثير من أبناء و كوادر الإخوان المسلمين، لفت نظري الدكتور الشقاقي بحديث شعرت أنه غير عادي، تحدث عن الوقت و أهميته بالنسبة للحياة الإنسانية و بالنسبة إلينا كمسلمين، كان الحديث بالنسبة لي جديداً و غريباً، و تصورت معه أن هذا الإنسان يتحدث بطريقة مختلفة و يفكر بطريقة مختلفة، لذلك شعرت أنني مشدود إليه".

ويتابع عضو المكتب السياسي للجهاد الإسلامي:" وقدّر الله مرة ثانية بعد رجوعنا إلى مصر من الإجازة أن أدرس في نفس الجامعة التي يدرس فيها الدكتور فتحي (جامعة الزقازيق)، و في نفس الكلية (كلية الطب) و أكثر من ذلك تشرفت أن سكنت معه في شقة واحدة، أنا أعتبر أن هذا كان شرفاً عظيماً لي، و اعتبر أن لقائي مع الدكتور فتحي الشقاقي كان نقطة مفصلية في حياتي الشخصية، و كان نقطة مفصلية في كل ما يتعلق بتصوراتي للحياة و للإسلام و لكل القضايا التي يعيشها الناس".

وعن شخصية الدكتور الشهيد فتحي الشقاقي يقول الشيخ عزام: "كانت شخصية الدكتور فتحي مختلفة عن كثير من الشخصيات في العالم، و بالتأكيد من يصل إلى مركز الزعامة و من يوفقه الله تعالى لتأسيس حركة إسلامية مجاهدة و في فلسطين بالذات، بالتأكيد يجب أن يكون لديه مواصفات مختلفة، أهم ما ميَز الدكتور فتحي الشقاقي هو الإصرار على مواصلة ما يشعر أنه حق و صواب، لأن حركة الجهاد الإسلامي ولدت في ظروف بالغة الصعوبة، وولدت بدون أدنى دعم من أي جهة سواء كانت هذه الجهة تنظيما أو هيئة أو دولة".

ويوضح أن حركة الجهاد الإسلامي ولدت فقط بالاعتماد على الله سبحانه و تعالى، و بالإيمان بصوابية هذا الاجتهاد و ضرورته للساحة الإسلامية و الساحة الفلسطينية، لافتاً إلى أنه  من الصعب أن تولد حركة في ظل هذه الظروف و بدون مصادر دعم و أن تطرح هذه الحركة فكرة جديدة تماماً و أن تطرح الجهاد كوسيلة لتحرير فلسطين في وقت لم يكن هناك صوت للإسلام في فلسطين.

ويستدرك ذلك بالقول:" لكن الدكتور فتحي الشقاقي كان يملك هذا الإصرار، و الإصرار مرتبط بالإيمان و مرتبط بالوعي بالمسؤولية و الدور، كان الدكتور يبث فينا جميعاً صفة الإصرار و كان يبشر أن هذا الخيار الذي كان يحمله و الحركة التي حملها أفراد قليلون ستنتشر، و هذه الفكرة سيحملها الآلاف و الآلاف".

و يردف قائلا ً"أهم سمة ميزت الدكتور الشقاقي بعد الإصرار، التواضع، فقد كان متواضعاً جداً معنا و مع الناس رغم المؤهلات الكبيرة التي يمتلكها، و بعد تحقيق إنجازات كبيرة و بعد أن أصبحت حركة الجهاد الإسلامي رقماً كبيراً في الساحة الإسلامية والفلسطينية، كان الدكتور الشقاقي يزداد تواضعاً معنا".

ويتحدث الشيخ عزام عن إنسانية الدكتور المعلم فيقول:" لم يكن الشقاقي يحمل أحقاداً على أحد رغم الطعنات و الضربات التي وجهت من غير اليهود، من الطبيعي أن توجه لحركة الجهاد الإسلامي ضربات من اليهود كونهم العدو الذي يحتل أرضنا، لكن كانت هناك ضربات ممن يفترض أنهم دعم و سند لنا، الدكتور لم يكن يحمل أحقاداً على أحد نتيجة هذه الضربات و نتيجة المعوقات التي وضعت في طريقة و نتيجة الحرب الشعواء التي شنت عليه و على حركته و على فكرته و على شخصه، الجانب الإنساني في الدكتور فتحي الشقاقي كان جانبا طاغيا تماما و كان جانبا من الممكن أن نلاحظه ببساطة شديدة".

ويشير الشيخ عزام بالقول إلى أن "حركة الجهاد الإسلامي أحدثت هزة كبيرة في الساحتين الإسلامية و الفلسطينية من خلال طرحها الفكر المتماسك و الجهاد كوسيلة لتحرير فلسطين، و قد ظهر ذلك من خلال الدور الهام الذي لعبته الحركة في إشعال الانتفاضة الأولى".

ويروي الشيخ عزام أن أهم مرحلة مفصلية في حياة الدكتور الشقاقي، كانت نكبة الشعب الفلسطيني في صيف عام 1967" كما روى لي شخصيًا".

ويضيف :"كان الدكتور فتحي الشقاقي قبل عام 67 ناصري الهوى، نسبة إلى الزعيم المعروف جمال عبد الناصر الذي كان يمتلك جاذبية كبيرة و قدرة كبيرة على التأثير في الناس، و امتلك مواصفات قيادية كثيرة أهلته أن يكون زعيما للأمة العربية، الشعارات التي كان يطرحها، إصراره على التصدي للأطماع الأمريكية، حديثه عن التحرير، و حديثه عن الاستقلال، و حديثه عن تجميع العرب في مواجهة ما كان يطلق عليه الإمبريالية، هذه شعارات استهوت أناسا كثيرين، و كان الدكتور فتحي الشقاقي في مقتبل العمر، و بالتالي تأثر بالشعارات و الأفكار الناصرية، لكن نكبة 67 أحدثت هزة في المنطقة و أحدثت هزة عند الدكتور فتحي الشقاقي، وقتها لم يكن يتجاوز المعلم السادسة عشر من عمره، لكن الزعماء من هذه الطينة و من هذا النموذج يمتلكون مواصفات القيادة و الزعامة مبكرا، و كانت هذه ملاحظة فيه".

و يقول:" نكبة عام 67 جعلت الفتى الشقاقي يراجع مواقفه و يراجع ما يجري، و بالتالي انحاز إلى صف الإسلام بعد النكبة الثانية مباشرة، و التي أحيت خيارات الإسلام من جديد و شجعت الكثيرين في المنطقة العربية على التقدم أكثر نحو الإسلام إيمانا بأن الإسلام يملك القدرة على استنهاض الهمم و يملك القدرة على صياغة البرنامج الذي نواجه به (إسرائيل) في علوها و نواجه به مرحلة الهزيمة و التراجع ، و نواجه به آثار النكبة المدوية، أن تسقط القدس هذا أمر في غاية الخطورة، وفي غاية الصعوبة بالنسبة للناس".