خبر رئاسة الوزراء كمسرحية..هآرتس

الساعة 11:19 ص|23 أكتوبر 2009

بقلم: أسرة التحرير

بعد نحو سبعة اشهر في المنصب بدأت تثبت الخطوط الرئيسة التي تميز الولاية الثانية لبنيامين نتنياهو كرئيس للوزراء: شلل تام في كل ما يتعلق بالمسيرة السياسية، تحطيم منهاجي للعلاقات الخارجية على طريقة "الحرد" – كل اسبوع تجاه دولة صديقة واحدة – وسلوك فوضوي في مكتب شقاق ونفاق. كل هذه لا تمنع رئيس الوزراء من التفرغ في كل مناسبة للانشغال الذي يعتبر كفاءته الكبرى، وفي نظر نفسه ربما كمهمته الاساس في المنصب: "اعطاء مسرحية" في خطاب جميل ومنمق، شبه موعظة، شبه مناكفة على نمط نادي حواري.

خطاب كهذا القاه هذا الاسبوع ايضا في مؤتمر الرئيس في القدس. بعد أن راوغ كعادته في "صخور وجودنا" – التاريخ اليهودي وحقنا في البلاد – انتقل رئيس الوزراء الى المجال السياسي. توجه الى رئيس السلطة الفلسطينية ابو مازن ودعاه: "قد شعبك نحو السلام. قل لهم انه حان الوقت لان ينهي الشعبان هذا النزاع وان يعيشا جنبا الى جنب بسلام. لا اطلب منك ما لا اطلبه من نفسي. الان جاء دورك لقول ذلك. انا قلت قولتي في جامعة بار ايلان وانت يمكنك ان تفعل ذلك في أي مكان تختاره".

يكاد يكون من الضروري الاشارة الى ما في هذا التوجه من عبث، بطريقته المسرحية. فكمن يرى "الخطاب" خلاصة كل شيء، يعتبر نتنياهو المسيرة السياسية نزالا بيانيا، يتم فيه تبادل الحديث من على منصات الخطابة ليشكل بديلا عن مسيرة سياسية جدية وحقيقية. وعابثة باضعاف دعوته المتعالية "لابداء الحس القيادي والشجاعة في الطرفين"، في الوقت الذي لم يبدِ فيه هو نفسه هذه الخصال، وبالتأكيد ليس بنوع الائتلاف المشلول الذي اقامه. وعلى ذلك نقول لنتنياهو: إبدأ بنفسك.

وفي السياق اطلق نتنياهو قولا يعد رؤيا: "قطع التعلق العالمي بالنفط". لم يفصل كيف سيتم الامر، ولكن بشكل غامض – اكثر غموضا حتى من يعقوب مريدور الذي أعلن في حينه عن "اختراع الطاقة" – اضاف بان "احيانا مطلوب فقط اختراع واحد او اثنين لتغيير العالم. اختراعات تحل محل تعلقنا بالنفط هي اختراعات ممكنة. واعلن احتفاليا بانه سيشكل "لجنة وطنية" تطرح "خطة عملية وناجعة لاستبدال النفط في غضون عشر سنوات". وفي صالح نتنياهو يقال ان رؤياه ابعد حتى من مريدور. الاخير اراد أن ينير رمات غان فقط، اما رئيس الوزراء – فكل الكرة الارضية. ولعل هذا ما قصده نتنياهو  حين انهى خطابه بدعوة اسرائيل لان تكون "نورا للاغيار".

في ولايته الاولى اتهم نتنياهو بانه يعيش ويعمل في "واقع صوري"، الكلمات فيه، والمواعظ و "الاعلام" تحل مع الافعال في العالم الحقيقي. والان يبدو أن هذه الخصال تعود لتظهر من جديد. والمفارقة هي ان من اكثر جدا من الهزء في حينه برؤى شمعون بيرس عن "شرق اوسط جديد" يتبنى بنفسه الرؤى المجنحة والكلمات العالية، ولكن فقط مع ادعاء باشفاء كل العالم، ومع حسم الحاجة لاسنادها بالافعال.