خبر لماذا لم يقتنع مجلس حقوق الإنسان بالمبررات الإسرائيلية؟ .. عبد الله الأشعل

الساعة 02:47 م|20 أكتوبر 2009

بقلم: عبد الله الأشعل

خلال مناقشة تقرير جولد ستون فى مجلس حقوق الإنسان يوم 15 أكتوبر الجارى تحدث المندوب الإسرائيلى وسانده المندوب الأمريكى منتقدين التقرير لأنه لم يتضمن مبررات إسرائيل لإحراق غزة، ولكن اللافت أن المندوبين لم يلتفتوا إلى هذه التبريرات ونعتقد أن هذا الموقف له عدة أسباب، السبب الأول أن وحشية إسرائيل فى غزة وفظاعة الجرائم التى ارتكبتها وهى الدولة الأقوى فى المنطقة جعلت العالم كله يشعر بغطرسة القوة الإسرائيلية، خاصة وأنها كرمت أبطال هذه الجرائم وامتدحت شجاعتهم فأدرك العالم المتحضر أنه لا توجد أي تفرقة بين إسرائيل الدولة وبين سلوك العصابة، فالعصابات هى التى تستخدم القوة دون ضابط لتحقيق أهدافها ولاتحدها قيود قانونية أو أخلاقية أوإنسانية، وأنها تمعن الإجرام فى الضحية فتمثل بها وتستمتع بأناتها، وقد رأى العالم كله أن ما قامت به إسرائيل فى محرقة غزة أكبر من أن يحتمله الضمير العادي، ولذلك لا تقبل فيه أى مبرر أو إيضاح أو تفسير، والسبب الثاني أن العالم الغربى بالذات الذى تأمل موقف إسرائيل فى غزة قد أدرك الفارق الكبير بين هذا السلوك الإجرامي وبين الصورة الرومانسية التى تقدمها إسرائيل للعالم، ولذلك يجامل إسرائيل سياسياً ولكنه ينكر عملها أخلاقياً وليس مقتنعاً من الناحية القانونية، أما السبب الثالث فهو أن إسرائيل قد أصبحت ظاهرة مخيفة فى سلوكها كما أصبحت تمثل حرجاً كبيراً للمساندين لها، وقد رأينا كيف أن المندوب الأمريكى فى مجلس حقوق الإنسان كان يدافع عن إسرائيل بشكل بارد وكأنه غير مقتنع بما يقول، فهل واشنطن مقتنعة حقاً بأن إسرائيل التي تساندها على الإجرام تدافع حقاً عن نفسها ضد عدوان حماس الذي لا يمكن صده إلا بهذا القدر الهائل من الوحشية؟ وهل صحيح أن واشنطن لاتدرك أن أسلحتها قد استخدمتها إسرائيل فى هذه الأعمال الإجرامية وأن ذلك يمكن أن يؤدى إلى محاكمة القيادة الأمريكية خاصة عن الجرائم التى ارتكبتها فى العراق وافغانستان إذا تشكلت لجنة مماثلة للتحقيق فضلاً عن فضائح الجيش الأمريكي الذى لايقل انحداراً عن الجيش الإسرائيلى فى معسكرات الاعتقال فى أبو غريب وغيرها. السبب الرابع أن استماتة أمريكا وفرنسا فى الدفاع عن إسرائيل له دوافع كثيرة ولكن أهم هذه الدوافع هو سجل الجرائم الفرنسية فى الجزائر والتى ترفض الاعتذار والتعويض عنها كما فعلت إيطاليا مع ليبيا رغم الفارق بين الاستعمار الفرنسى والإيطالي فى مدة الاستعمار وفى قدر الاضرار وعدد الضحايا. فما هي المبررات الإسرائيلية لمحرقة غزة التى كررها مندوبها فى لجنة حقوق الإنسان؟ المبرر الأول هو أن إسرائيل تمارس حق الدفاع الشرعي وهذا المبرر لايحتاج إلى المزيد من الجهد لضحده لأن مبدأ التناسق بين الفعل الفلسطيني ورد الفعل الإسرائيلي معدوم حتى إذا افترضنا أن الجانب الفلسطينى هو الذى بدأ العدوان وتجاهل إسرائيل أن العالم كله يعرف أن سبب المأساة فى فلسطين هو دوام الاحتلال الإحلالي الإستيطانى. المبرر الثانى هو الانشغال بتقرير جولدستون سوف يسمم الأجواء التى يجب تهيئتها لاستئناف "عملية السلام" هى الاسم الكودى لعملية النصب الدولى على الفلسطينيين وتحذير العالم العربى حتى تتمكن إسرائيل من التهام الباقي من الأراضى الفلسطينية ولذلك فإن إسرائيل تتمتع بقدر هائل تحسد عليه من الاستخفاف بالعالم كله، ولهذا فإن هذه الأكاذيب الإسرائيلية لم تعد تنطلي على أحد واستمع إليها مجلس حقوق الإنسان بلا اكتراث، ولكن المجلس ربما ابدى دهشة كبيرة لما ورد فى بيان المندوب الأمريكى من أن التقرير يجب أن يحال إلى السلطات الإسرائيلية للتحقيق فيما ورد فيه لأن إسرائيل كما يقول دولة ديمقراطية ولديها قضاء مستقل، وسبب دهشة المجلس هو أن يصدر هذا البيان من المندوب الأمريكى الذى يفترض فيه أن يعلم أن الدولة الإسرائيلية نفسها هى التى قامت بالعدوان وأن أجهزة الدولة جميعاً فى خدمة الهدف الإسرائيلي وهو ابادة الشعب الفلسطيني، كما اندهش أعضاء

المجلس من استخفاف المندوب الأمريكى بأفهام الأعضاء بحيث بدا المندوب الأمريكي بأنه الوحيد الذى لايفهم الحقيقة.