خبر حزب ضائع.. هآرتس

الساعة 10:16 ص|20 أكتوبر 2009

بقلم: يوئيل ماركوس

يظن نفسه في أيام التواضع اسحاق رابين. وفي الايام التي يكون فيها ممتلئا بنفسه يظن انه بن غوريون. وبين هذا وذاك يسلك سلوك روكفيلر. فهو يسكن شقة قيمتها 40 مليون شيكل، يستطيع منها في يوم صاف ان يرى القدس. وفي أيام عاطفية يتذكر ليوناردو دي كابريو، الذي يقوم تلقاء الريح في مقدمة سفينة التايتنك مع حبيبته الجديدة ويهتف "انا ملك العالم".

انه يلبس ويزود نفسه بأدوات اشتراها في حوانيت فخمة، وان تكن حلله تبدو واسعة عليه، حتى انه لتبدو احيانا من أكمامه اطرف اصابعه فقط. لن أعاود ها هنا مسألة أسفاره وغرف الفنادق الفخمة على حساب الدولة فقد أنشئت الدولة في فنادق. لقد دخل فندق بلتمور التاريخ عندما قررت فيه قيادة الحركة الصهيونية في 1942 انشاء دولة يهودية في أرض اسرائيل.

نزل بن غوريون مرتين فندق وولدرف استوريا. مرة ليتفق مع المستشار اديناور على اتفاق متصل مع اسرائيل ما زلنا نتمتع به الى اليوم. ومرة ثانية عندما التقى الرئيس كندي في 1961، آنذاك سئل لاول مرة: هل تعملون في التطوير الذري؟ نزل بن غوريون وغولدا وأشكول بريستول الضخم في باريس. لكنهم كانوا دائما مع حاشية ضئيلة ولم يكونوا قط في القاعة الملكية. ونزل رابين مرة واحدة فندق بلازا في نيويورك لكنه لم يعد الى هناك. لم يستطع المساعدون القلة الذين كانوا معه ان يغمضوا اعينهم في الليل للحشرات التي جالت في غرفهم.

ان شره ايهود اولمرت اذ كان رئيس بلدية القدس وما تلا ذلك هو الذي افضى به الى المكان الذي يوجد فيه. ويجب ان يكون ايهود باراك بليدا في الحقيقة، اذا قرر في اليوم الذي يلتمع نجمه في العناوين فيه ان يعين نفسه رئيس اللجنة الاخلاقية بدل بوغي هيرتسوغ.

ان ما نراه الان هو الاعراض لا المرض. لكن كما عرف ذلك مراقب داخلي: باراك كارثة ايضا على النظام السليم وعلى حزب العمل. يصف دانييل بن سيمون الذي استقال امس رئاسة كتلة العمل في الكنيست، بكلام شديد ما يجري في الحزب وما يحدثه له زعيمه المتوج. "في جلسة الكتلة البرلمانية الاولى التي انتخبت فيها حضر  12 من 13 من الاعضاء ومنذ ذلك الحين لم أرهم. جلست اكثر من مرة الى مركز الطاولة، وحيدا، انتظر حتى القنوط ظهور الاعضاء المتردد... شهد شخصان هذه اللحظات من الحرج: اسحاق رابين في احد جانبي الحائط وبن غوريون في الجانب الثاني. رئيسا الحكومة من قبل الحركة اللذان لو استطاعت صورتاهما المعلقتان في الحائط الكلام لصرختا صرخة عظيمة".

لن ينضم بن سيمون الى المتمردين لكنه لن يكون بعد مع باراك. وبهذا يترك زعيم العمل مع كتلة برلمانية من سبعة اعضاء، كلهم وزير او نائب وزير. حصل على حزب ذي 19 نائبا. في الانتخابات التي كان هو نفسه سببها، هبط العمل الى 13 نائبا وأهبطه الان الى 7. "أصبح يبدو مثل صورة كاريكاتورية لزعيم"، يقول عنصر داخلي.

دهور باراك العمل لانه يرى نفسه هدية الله، وانه لا يمكن ان يوجد من غيره. لكنه بالفعل ليس زعيما ولا بطيخا، فهو يطمح الى ان يكون وزير دفاع فقط. هو لا يرى نفسه رئيس حركة ايديولوجيا. هو في واقع الامر تكنوقراط دهور العمل الى الصفر.

قد يفهم باراك انه يقترب من نهاية طريقه وقد يكون هذا السبب في انه ينحرف الى اليمين. لم يتم الوفاء بالوعود بتقديم مكانة اسرائيل في العالم. "تعاني اسرائيل تراجعا يمزق القلب لمكانتها الدولية"، يقول بن سيمون. "وعدنا بازالة البؤر الاستيطانية ولم نف، ووعدنا بتجميد المستوطنات، ولم نف، ووعدنا بأن نقلب كل حجر لتجديد المسيرة السلمية ولم نف".

يقول باراك في احاديث شخصية مع اعضاء كنيست من العمل لسنا نحن بل العرب. فهم يريدون بيتك. وهو ما يذكرني بأن باراك قال لي قبل سنين بأن المنطقة التي تقع فيها صحيفة "هآرتس" كانت للعرب. انهم يريدون حدود 1948، لا يوجد من يتحدث اليه. خرج اليميني منه.

يعلم باراك انه لن يكون رئيس حكومة، ولذلك ربما يطمح الى ان يؤازر بيبي، وربما يلتف عليه من اليمين بشرط ان يظل وزير الدفاع. من يعلم، قد يأتي يوم ويجري فيه الاثنان معا عندما يكون العمل قد ضاع ضياعا نهائيا.